في مثل هذا اليوم الثاني والعشرين من شباط عام 1924 اغتيل السيد توفيق الخالدي وزير الداخلية السابق وهو في طريقه إلى داره في محلة جديد حسن باشا ببغداد . وكان لاغتياله دوي هائل في الأوساط كافة ، فالقتيل وزير بارز وشخصية اجتماعية معروفة ، وله بعض المواقف السياسية التي تتقاطع مع سياسة الدولة يومذاك ، على ان أخطرها ما أشيع انه من انصار الفكرة الجمهورية . وفي اليوم التالي من اغتياله نشرت الصحف البيان الآتي :
بينما كان معالي توفيق بك الخالدي وزير الداخلية السابق ذاهبا إلى داره مساء امس ، إذا بيد أثيمة اطلقت عليه اربع عيارات نارية فأردته قتيلا لساعته . وقد هرب الجاني حالا فأسرعت الشرطة بعد الواقعة ببضع دقائق ، ولكن رأت ان الرجل قد قضى ، وهرب الجاني وقد تبين من الكشف الطبي ان العيارات النارية هي من مسدس من نوع برونيك ، وان الرصاصات اجتازت ظهره إلى قلبه حيث توفي حالا . وجهت أصابع الاتهام بصورة غير رسمية إلى حاشية الملك فيصل ، كما وجهت إلى نوري السعيد وجعفر العسكري ، ولا يوجد ما يدل على ذلك سوى تقولات وآراء ، وقسم منها أشاعها خصوم هؤلاء . وقيل ان القاتل هو شاكر القرغولي ، بينما قال آخرون ان القاتل هو عبد الله سرية أو ساعد القرغولي على التنفيذ .
يذكر الأستاذ عبد الرزاق الحسني المؤرخ الثبت أن الخالدي شخصية فذة وذو كفاءة نادرة ،وكان خصومه السياسيون يخشون بأسه ويوجسون خيفة من قرب توليه رئاسة الوزراء ، فيحاول القضاء على طموحهم ويبدد أحلامهم ، وقد يمهد لقيام حكم جمهوري في العراق . وقد تلقى قبيل اغتياله رسائل ودية غير موقعة ينصحه فيها أصحابها ان يحذر مؤامرة تحاك ضده ، وقد اطلع عليها المندوب السامي البريطاني . إن حادثة اغتيال الخالدي من الحوادث المثيرة والغامضة في تاريخنا الحديث ، ولم تزل مثار البحث والتحقيق .
اترك تعليقك