الصراع السياسي في الانبار يعطل الاعمار ويؤخر عودة النازحين

الصراع السياسي في الانبار يعطل الاعمار ويؤخر عودة النازحين

اليوم تنهمك القوات العراقية في تحرير المناطق المتبقية من محافظة الأنبار من مجموعة داعش. ومع تحرير المحافظة ظهرت سلسلة من المعارك السياسية للسيطرة على الحكم فيها.  الخلاف الرئيس يدور بين بعض شيوخ العشائر والوقف السنّي من جهة وبين الحزب الإسلامي العراقي الذي يدير المحافظة منذ 2005 من جهة أخرى. هذا الخلاف ليس في صالح محافظة الأنبار التي تواجه أزمة إنسانية.


وشملت المعركة الأولى حول حكم الأنبار الوقف السنّي والحزب الإسلامي اللذان يتنافسان على إعادة النازحين الى الرمادي رغم ان المدينة ليست آمنة بعد ومليئة بالمتفجرات.
وفي بداية شباط 2016 وخلال خطبة الجمعة في المسجد الكبير لأول مرة بعد تحرير المدينة، دعا رئيس الوقف السنّي النازحين للعودة الى المدينة، حيث عيّن رئيس الوزراء حيدر العبادي رئيس الوقف السنّي ليكون مشرفاً على عودة النازحين رغم ان المسؤولين المحليين حذروا من ان تطهير كامل المدينة من العبوات قد يستغرق 6 أشهر كحد أدنى.
ومع ذلك فقد إستمع الناس للوقف السنّي وبدأوا بالعودة. هذا جعل السياسيين يدعون لضرورة عودة المهجرين أيضاً الى المدينة. كانت النتيجة ان عشرات الأشخاص قتلوا وأصيبوا بجروح بسبب العبوات التي تركها داعش، ما تسبب في تنافس علني بين الحزب الإسلامي والوقف السنّي، حيث إتهم الحزب الإسلامي الوقف السنّي بأنه هو المسؤول عن سقوط الضحايا.  
ردّ رئيس الوقف بإدعاء مثير للسخرية هو ان الحزب الإسلامي كان يزرع العبوات في المدينة لإعاقة عمله كمسؤول عن عودة النازحين. إنتهى الأمر بتراجع الوقف السنّي.
الصفحة التالية من المعركة كانت بين المحافظ صهيب الراوي وشيوخ وأعضاء في مجلس المحافظة يحاولون إقالته. بدأ ذلك عندما أطلق الشيخ أحمد أبو ريشة وأعضاء من المجلس على أنفسهم إسم كتلة الإصلاح وإتهموا المحافظ بسوء الإدارة المالية وعدم مساعدة النازحين.
ودعم الوقف السنّي تلك المعارضة، بينما كان الحزب الإسلامي – الذي ينتمي اليه المحافظ - وكتلة الحل التي يرأسها جمال الكربولي لفترة طويلة في البرلمان. ولدرء الإنتقادات في منتصف حزيران طلب الحزب الإسلامي وكتلة الحل من البرلمان حلّ مجلس المحافظة وإجراء إنتخابات مبكرة في الأنبار.
ردت المعارضة بالتصويت على إقالة الراوي في 28 حزيران. ورفع الراوي دعوى قضائية كسبها في 27 تموز، بعدها قال انه سيقيل المجلس للتخلص من خصومه. حتى لو لم يحصل ذلك فقد كسب الراوي ببقائه في منصبه.
من جانب آخر، فان التخلص من المجلس وإنتخاب آخر جديد لن يحصل لأن تصويت الكثير من المهجّرين غير ممكن حالياً. هذا يعني ان المد والجزر بين الطرفين سيستمر في المستقبل المنظور لأن الطرفين يشعران بالإستياء .
إستياء الحزب الإسلامي ليس جديداً في الأنبار، فقد جاء الى السلطة في 2005 من خلال الترشيح للمنصب في حين قاطعت معظم الأطراف الأخرى إنتخابات مجلس المحافظة في ذلك العام نتيجة معارضتهم للإحتلال الأميركي و للعراق الجديد، وأخذ يدير المحافظة منذ ذلك الحين.
وفي 2006 واجه الحزب الإسلامي تحدياً من حركة الصحوة المكونة من شيوخ الرمادي المستائين من حكمه. فيما بعد إنضم الحزب الى  حركة الإحتجاج التي بدأت في 2012 ضد رئيس الوزراء نوري المالكي والحكومة المركزية، لكنه إنقلب بعدها الى جانب بغداد ما أثار غضب الكثيرين.
الآن يعود هذا الخلاف للظهور بعد تحرير الأنبار من داعش. وتحاول الأطراف المتنافسة لصق ويلات المحافظة بالحزب الإسلامي لكنهم فشلوا لحد الآن، حيث أعطت دعوة النازحين للعودة الى المحافظة وهي ليست آمنة نتائج عكسية، وفشلت محاولة التخلص من المحافظ، ما أوصل الطرفين الى طريق مسدود وينتظران الخلاف القادم الذي من خلاله يستطيعان الإنقضاض لتقويض الطرف الآخر.
يأتي كل ذلك في أسوأ وقت، حيث ان الفلوجة والحكومة المركزية مفلستان ولا تستطيعان مساعدة النازحين أو إعادة بناء المناطق المحررة. ومن غير المقرر إجراء إنتخابات مجالس المحافظات قبل العام المقبل، وبالنسبة للأنبار قد تتأجل الى حين عودة أغلبية  النازحين الى منازلهم. وهذا من شأنه ان يطيل التنافس لعدة أشهر.
*عن: أفكار عن العراق

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top