أخشى أن تعود من ذاكرتنا (البائدة) إلى واقعنا المرير تلك العبارة السبعينية الشهيرة التي كان يتعكّز عليها كل اتحاد فاشل، أو منتخب خاسر، أو رياضي مهزوم.. تقول العبارة (ليس الفوز أو الخسارة أمراً مهماً.. إنما المهم هو لقاء الشباب العربي)!
تلك العبارة الميّتة تريد بعض منتخباتنا وبخاصة الكروية، إنهاضها من رقدتها كي تصبح قيد التداول الآن بعد أن كثرت الإخفاقات، وبعد أن أصبح كل رئيس وفد أو مدرب يبحث عن أي تبرير لكي يغطّي عيوبه ولكي يحجب عنّا حقيقة ماثلة، فلا تلقى محاولته سوى الضحك من الأعماق!
ما هو أمرّ وأدهى أو أكثر إيلاماً من (التبرير) بعد كل مرة، يحدث الآن مع سبق الإصرار والترصّد.. فقد تناسى اتحاد الكرة أن هنالك مشاعر أصيبت في الصميم، فراح يتّبع سياسة جديدة ومبتكرة، وهي نسيان التبرير وتجاهل تفسير ما حصل لمنتخباتنا ولو من باب التبرير!
هذه هي البضاعة الرائجة في هذه الأيام وخصوصاً عند وفودنا الكروية.. فحين يأتي الإخفاق، يأتي الصمت المطبق، فلا قيمة للأداء ولا النتيجة ولا قيمة للملايين التي تصرف على المنتخبات.
كنت سأسألكم: ماذا لو حدث العكس وتفوّق المنتخب وحقق النتائج الإيجابية؟ هل سيتحدث رئيس الوفد عن كون البطولة غير رسمية أو هامشية؟ وهل سيتحدث المدرب عن الاستفادة؟ كلا بالقطع، بل كانا سيبادران إلى إهداء النتائج الرفيعة إلى الشعب العراقي وإلى مسؤولهما المباشر في اتحاد الكرة، وكانا سيتحدثان عن مآثر اللاعبين وانضباطهم في الصعود إلى الحافلة وإصرارهم على صناعة الإنجاز حتى في البطولات التي لا قيمة لها!
المساءلة في حالة متكررة كهذه مفقودة في العراق.. هل سمعتم أن اتحاد كرة القدم سأل أو استفسر أو حاسب لاعباً أو مدرباً بعد الذي حصل في أكثر من مكان؟ بعبارة أخرى، فإن صمت الاتحاد المريب تكرر كثيراً، فمن هي الجهة التي ستتولى التوقف والسؤال بحزم حين يجري العبث هكذا بسمعة الكرة العراقية؟
هل هي اللجنة الأولمبية العراقية؟ كلا.. فقد بات واجب اللجنة الأولمبية عندنا دفع نفقات المنتخبات التي تخسر.. فمن هي الجهة المسؤولة في العراق؟ هذا هو السؤال الذي أطرحه والذي تطرحه أنت عزيزي القارئ، والذي يطرحه كل مراقب لا يجد أجوبة للكثير من الأسئلة .
الآن صار في وسع الجميع – وبكل اقتدار – أن يشعروا بالخشية من مصير مماثل لفرقنا ومنتخباتنا في الاستحقاقات المقبلة، من دون أن يكون هنالك شخص واحد مسؤول أو يتحمل مسؤولية، أو نحمّله مسؤولية ما يجري.. لا مساءلة أبداً من جهة أعلى لجهة أدنى.. فالكل يبحث عن الصمت حين ينبغي الكلام!
اترك تعليقك