اندبندنت: الحكومات المتعاقبة تحجّجت بالإرهاب لسرقة واردات العراق

اندبندنت: الحكومات المتعاقبة تحجّجت بالإرهاب لسرقة واردات العراق

ترجمة/ حامد أحمد

يختلف العراقيون في ما بينهم حول أشياء كثيرة ولكن هناك نقطة واحدة يتفقون عليها وهي اعتقادهم بأنهم يعيشون في أكثر البلدان فساداً في العالم، باستثناء عدد قليل من البلدان حيث لاتوجد فيها أموال لسرقتها. إنهم يعتبرون أنفسهم ضحايا حكومات مهووسة بالسرقة حيث اختفت مئات المليارات من الدولارات خلال الـ 15 سنة الماضية في جيوب النخبة الحاكمة بينما يعاني كل فرد في المجتمع من شح ونقص في كل شيء من انعدام فرص العمل وأزمة السكن وقلة توفير المياه والكهرباء.
الغضب الشعبي ضد الطبقة السياسية التي جاءت للسلطة في العام 2003 يفسر سبب تصدر قائمة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، الانتخابية بعدد أصوات الناخبين في انتخابات أيار التي نادت بالإصلاح السياسي والاجتماعي والقضاء على الفساد والتي تحالف معها الحزب الشيوعي العراقي، ولكن نسبة العزوف عن التصويت التي انخفضت الى 44.5% تشير إلى أن جزءاً من الناخبين على قناعة بأنه لن يكون هناك قدر كافٍ من التغيير مهما تكن التركيبة التي ستكون عليها الحكومة القادمة، التي ماتزال تسير بخطى الحلزون في مفاوضات ترقيعية بين الأحزاب.
ويقول مراسل صحيفة الإندبندنت الكاتب، باتريك كوكبيرن، الذي زار العراق مؤخراً، أن أحد سكان بغداد قال له"حتى أصدقاء لي صوتوا في الانتخابات قد خدعوا ويقولون إنهم لن يصوتوا مرة اخرى في أي انتخابات مقبلة."
من المستحيل أن تكون هناك مبالغة في وصف الإحباط الذي يعيشه العراقيون الذين يدركون بأنهم يعيشون في بلد غني بإمكاناته ويعتبر ثاني أكبر منتج للنفط في منظمة أوبك، ولكنهم يرون ثروتهم وهي تسرق أمام أعينهم سنة بعد أخرى.
يقول، كوكبيرن، كنت في الرمادي مركز محافظة الأنبار أتطلع إلى الأضرار التي خلفتها الحرب عندما التقيت بمهندس متقاعد يدعى مظفر عبد الغفور 64 عاما، الذي انتهى توّاً من إعادة إعمار بيته الذي دمرته غارة جوية، وينقل المراسل عن عبد الغفور قوله"قمت بإعادة إعمار بيتي بنفسي ولم أحصل على أي تعويض من الحكومة. هناك بيوت لم يطلها أي ضرر ولكنهم حصلوا على تعويض بسبب تقديمهم رشاوى لمسؤولين".
ويقول المراسل إن المواطن عبد الغفور طلب منه أن يكتب في مقالته"بأن العراق ليس فيها حكومة ولكن لصوص فقط."
رجوعاً الى بغداد، زار المراسل منطقتي المنصور واليرموك حيث أخبره سمسار عقارات هناك يدعى صفوت عبد الرزاق، بأن أسعار العقارات ارتفعت الى الضعف خلال السنتين الماضيتين وأن عمله يجري بشكل جيد ولكنه غير متفائل بالمستقبل بسبب ضعف الحكومة والفساد المستشري في مؤسسات البلد، مؤكدا بقوله"ليس هناك مصداقية، أينما تذهب يطلبون منك رشوة."
ويضيف السمسار، عبد الرزاق، بانه ليس هناك مفرّ لأي مقاول من أن يدفع رشاوى لمسؤولين لكي يفوز بصفقة عقد وأن هذه الرشاوى قد تصل الى نسبة 50% من قيمة العقد.
كيف كانت الحكومات العراقية المتعاقبة تفلت بسرقات ضخمة منذ فترة طويلة؟ على مدى سنوات عمدت الحكومات على تحويل الانتباه بعيداً عن سرقاتهم لموارد نفط العراق بادعائها أن الحرب ضد القاعدة في العراق ومن ثم داعش هو شغلها الشاغل. وكذلك إشغال الناس بأمور المصالحة والمناشدة بتحقيق التضامن الطائفي للشيعة والسنة، وفي الشمال الدعوة للتضامن العرقي للكرد.
ولكن بعد سنة من تحقيق النصر على داعش أثناء حصار الموصل لم يعد هناك عذر ومبرر يستندون إليه. الوضع الامني الآن أفضل من أي وقت آخر منذ سقوط نظام صدام حسين، ولهذا فإنّ العراقيين أكثر حذراً الآن من أي فترة سابقة شهدت تسلط قيادة طفيلية فاشلة كانت بمثابة شبه دولة في إدارتها.
مظهر محمد صالح، المستشار المالي لرئيس الوزراء حيدر العبادي، قال انه"مالم يكن هناك تغيير في المنظومة السياسية فسيكون من المستحيل عندها محاربة الفساد في البلد"، مشيراً الى أن سبب ذلك يعود الى أن الاحزاب تستخدم الوزارات التي تسيطر عليها كبقرة يحلبون منها معتمدين على المحسوبية فيها كوسيلة للإبقاء على سلطتهم.
الفساد لايمكن أن يزال في العراق، ولكن يمكن التقليل من ضرره. عندما أصبح العبادي رئيساً للوزراء في العام 2014 كان داعش يتقدم نحو بغداد وكانت أسعار النفط متدنية. وقال صالح"إن الحكومة في استجابة منها لهذه الأزمة قلصت إنفاقاتها بنسبة 37% وذلك بإزالة تخصيصات لأمور تكاد تكون مريبة وفيها شبهة"، مشيراً إلى أن"النقود كانت تصرف للا شيء على الإطلاق."
الفساد سيبقى ولكن في المستقبل سيكون بإمكان العراقيين أن يحصلوا، في الأقل، على شيء يسير من أموالهم.

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top