كتب ملعونة..الرجل الذي جعل الكون يصرخ من الألم

كتب ملعونة..الرجل الذي جعل الكون يصرخ من الألم

ثلاثية الجنس.. الدين .. السياسة

 علــي حســين

|   5   |

 في عام 1610 أعلن   غاليليو غاليلي إن منظاره الذي صنعه بنفسه استطاع أن يكشف عن أقمار "جوبيتر" والذي  سميَّ "المشتري"، وما أن انتشر الخبر حتى أعلنت الكنيسة  إن هذا الاكتشاف يريد أن ينفض التراب عن كتاب"دورات الاجرام السماوية"للملحد نيكولاس كوبرنيكوس، كانت الكنيسة قد وضعت أسس ما يسمى بالعلم السلمي، حيث إن الطريق القويم الذي رسمه الدين لكي يكون وسيلة للوصول الى الحقائق المتعلقة بعلم الفلك، هو طريق التفكير اللاهوتي المدعم على أساس النصوص المنزلة في التوراة والإنجيل، التي أكدت على أنه لا يمكن أن يوجد أكثـر من سيارات سبع وبرهاناً على ذلك وجود تلك المناير السبع التي ذكرت في سفر يوحنا، ثم المناير السبع التي جاءت  في قصة سليمان في التوراة.

أما مايذهب اليه غاليلو فيترتب عليه ان تتهدم الحقائق الكنيسية وتزول، وعبثاً حاول غاليليو أن يبرهن على وجود الأقمار من حول المشتري بان يريها للمشككين من خلال منظاره، فإنهم كانوا لاينظرون فيه على اعتقاد إن النظر من خلاله كفر، وان ما يظهر في منظار غاليلو ما هو إلا خيالات يصورها الشيطان.
كان غاليليو قد وقع في يده قبل أعوام كتاب"علم الفلك الجديد"ألفه أحد الفلكيين الألمان المعاصرين اسمه"جوهانز كبلر"قرأه بعناية وعندما انتهى منه شعر كما لو أن الكتاب يتحداه لأن :"يكتب أفضل منه"، فأصدر بعد سنوات أول كتبه بعنوان"رسول النجوم"ووضع في الصفحة الأولى منه الإهداء التالي : عظماء كثيرون نالو شرف إقامة تماثيل لهم في الميادين، وآخرون اطلقت اسماؤهم على الشوارع والأبنية الضخمة. بدوري أهديكم شرف اكتشاف أقمار المشتري الأربعة.. الأبنية والتماثيل ستفنى وتزول مع الزمن، لكنها الأقمار في السماء التي ستظل مضيئة الى الأبد".
ولم يكتف غاليليو بذلك، فقرر أن يستمر في خوض المعركة حيث اراد وهو يقدم كتابه الثاني"حوار حول النظامين الرئيسيين للكون"أن يثبت إن تفسير الآيات المقدسة تفسيراً حرفياً، لايجب أن يطبق على حقائق العلم، فأصدرت الكنيسة ردا أكدت فيه إن ذلك الكتاب يؤكد على هرطقة غاليليو، وإنه أشد إفساداً من كوبرنيكوس.
كانت الحرب ضد نظرية كوبرنيكوس قد هدأت بعد أن أعلنت الكنيسة إن أعظم برهان على فسادها، أن الكتب السماوية أثبتت أن دعائم الأرض مثبتة تثبيتاً بحيث لن تتحرك أو تتحول عن مكانها، وإن الشمس تجري كل يوم من أحد طرفي السماء الى الطرف الآخر، إلا أن منظار غاليليو وكتاباته كانت تجوب أنحاء السماء وسرعان ما أعلن غاليليو إن هناك جبالاً وودياناً في القمر، وانه يستمد نوره من انعكاس ضوء الشمس، وخرجت الكنيسة من جديد لتعلن إن ما كتبه غاليلو يتناقض مع الأنجيل الذي أكد إن القمر عبارة عن ضوء عظيم.
لقد أذاع صدور كتاب"رسول النجوم"موجة شديدة من اعتراضات قادها رجال الدين، وقد ازعجتهم امكانية أن تترك تلك القراءة التجريبية والمبتكرة للطبيعة، والمعرضة لتفسير النصوص المقدسة، آثاراً غير متوقعة على المفهوم الأرسطي الجامد للعالم.. ولهذا كان لابد أن يصدر مرسوماً من الفاتيكان عام 1616 يطالب بعدم الإبتعاد عن التفسيرات الوحيدة التي يتيحها الكتاب المقدس، موزعاً الاتهام بالهرطقة لكل الذين يخالفون ماجاء بالتوراة والإنجيل، وصدرت الأوامر بان تصبح الرقابة على الكتب العلمية ضرورة لاغنى عنها، واضطر ناشروا الكتب إلى تبني مزيد من الحرص، وقد تعرض ناشر كتاب"رسول النجوم"الى الملاحقة القضائية مما دفعه الى التوجه بشكل كامل الى طبع الأعمال الدينية واللاهوتية، وبعد عام شكّل الفاتيكان مجمع القائمة مهمته إصدار تعليمات بالنشر وقد أصدر المجمع قائمة بالكتب الملعونة ضمت أعمال كلبر وغاليلو وكوبرنيكوس وديكارت وهوبز.
*****

مهمتي معالجة عقول البشر

في سنة 150 للميلاد وضع الفلكي المصري بطليموس مجموعة من المبادئ الفلكية حاول من خلالها تبني نظرية تفترض أن الأرض مركز الكون.. وقبل ذلك بأربع قرون عرض أرسطرخس وهو فلكي يوناني، النظرية القائلة بان الشمس مركز الكون، وكان أرسطرخس أحد الفلاسفة السفسطائيون يؤمن إن مهمة الفيلسوف أن يعالج عقول الناس بدلاً من بطونهم، وأن يدلّهم على معتقدات أصح من معتقداتهم تكون أنفع لهم وأجدى..بعد ألفي عام على نظرية ارسطرخس وبالتحديد سنة 1540 أدرك عالم الفلك والرياضيات البولوني نيكولاس كوبرنيكوس إن الحركات المعقدة الظاهرية للكواكب، يمكن تعليلها بان الشمس ثابتة في حين أن الأرض والكواكب الأخرى تدور في مدارات حول هذا النجم الباهر
ولد نيقولا كوبرنيكوس يوم التاسع عشر من شهر شباط عام 1473 في مدينة بولونية تدعى تورون، ومات عام 1543 في مدينة تدعى فرومبورك. وكانت ولادته في عائلة من التجار والموظفين الكبار، فقد كان والده قاضياً، لكنه توفي مبكراً عندما كان عمره ابنه عشرة أعوام، فتبناه خاله القس واخذه ليعيش معه في مدينة كراكوفيا حيث حرص على إدخاله إلى أفضل المدارس. وفي عام 1491م دخل إلى جامعة كراكوفيا، حيث درس الصناعات والحِرف، ولكن من دون أن ينال أي شهادة.
وقبل أن يترك مدينة تورون عينه خاله كاهناً قانونياً في مدينة فرومبورك، حيث أشرف على الشؤون المالية للكنيسة،. ثم سافر بعد ذالك إلى إيطاليا، حيث درس القانون الشرعي المسيحي والطب في جامعة بولونيا الإيطالية. كما درس بعد ذلك علم الفلك. بعدها اقنع خاله أن دراسة الطب أمر له أهميته لخدمة الكنيسة، كانت دراسة الطب في تلك السنوات مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بدراسة علم النجوم، فقد كانت الفكرة السائدة أن هنالك روابط غامضة بين أعضاء الجسم وحركة النجوم، أتمّ كوبرنيكوس دراسة الطب بعدها عاد الى بلدته لرعاية خاله المسن وأثناء عمله مستشاراً قانونياً للكنيسة أخذ يقرأ كل ما يتعلق بعلم الكواكب، وقد استقر في أحد أبراج سور الكاتدرائية منشغلاً بدراسة مقاسات الأفلاك من خلال استخدام أجهزة بسيطة صنعها بنفسه ليصدر عام 1543 كتاباً بعنوان"دورات الأجرام السماوية"، كتب عنه غاليلو فيما بعد إن"الدنيا كانت في أمَسْ الحاجة إليه".
لم ينجز كوبرنيكوس كتابه عن"دورات الأجرام السماوية"إلا عام 1530 ولم يُنشر إلا يوم 24 أيار عام 1543، كان قد بلغ السبعين من عمره ويقال إن نسخة من الكتاب وضعت بين يديه اثناء احتضاره حيث كان في غيبوبة المرض يعاني من الصرع ونزيف في المخ، ليتوفى بعدها بساعات، ويقال إنه تأخر في نشر كتابه خوفاً من غضب الكنيسة، فقد كان يعرف إنه بهذا الكتاب سيزعزع الأفكار السائدة في عصره، فقد كانت الكنيسة تتبنى آراء أرسطو عن الكون، وهي النظرية التي تقول بأن الأرض هي مركز الكون، وأن الشمس تدور حولها كما هو ظاهر للعين المجردة. وخلعت الكنيسة على هذا الاعتقاد طابع القداسة، حيث سيتعرض كل من يشكك فيها الى الملاحقة القضائية. وكان كوبرنيكوس قد أهدى كتابه الى البابا بولص الثالث، حيث كان يحاول أن يتجنب الصعاب والملاحقة وجاء في الاهداء :"نصحني أصدقاء بانه يجب عليّ أن أنشر كتابي القابع في حوزتي مختفياً، وأخبروني بأنه ينبغي لي أن لا أهتم بقلقي، ولا أمنع مؤلفي عن الظهور أكثر من ذلك". ينقسم كتاب كوبرنيكوس"دورات الاجرام السماوية"الى ستة أقسام، حيث يضم القسم الأول النظرية القائلة بان الشمس مركز الكون، وفكرة دوران الأرض حول الشمس، ويتناول القسم الثاني حركات الأجرام السماوية محسوبة رياضياً، حيث يقدم كوبرنيكوس قائمة يبين فيها موقع كل واحدة من هذه النجوم في السماء، وتضم الأقسام الأربعة الأخرى شرحاً مفصلاً لحركة الأرض والقمر والكواكب.
كان القبول بكتاب كوبرنيكوس بطيئاً جداً حيث لم تُبع منه سوى نسخ قليلة، ولأن الكنيسة عارضته بشدة، هاجم بعض طلبة الجامعة المكان الذي طبع فيه الكتاب، وحاولوا تحطيم المطبعة وتمزيق النسخ المتبقية وإتلاف النسخة الخطية، إلا أن عمال المطبعة وضعوا حواجز بينهم وبين المهاجمين، وقامت إحدى الفرق المسرحية التابعة للكنيسة بتقديم مسرحية للسخرية من كوبرنيكوس، حيث صورته بالفلكي الذي يبيع نفسه للشيطان، بعدها قامت الكنيسة بإصدار بيان جاء فيه إن : هذا الفلكي الذي يريد البرهنة على إن الأرض هي التي تدور وليست السماء والشمس والقمر، كما لو أن شخصاً ما يجلس في عربة متحركة أو في سفينة سائرة، ويظن نفسه ثابتاً والأرض والاشجار هي التي تتحرك، يريد ذلك الأحمق أن يقلب علوم الفلك كلها رأسا على عقب. ولكن يقرر الكتاب المقدس إن الشمس وليست الأرض هي التي أمرها يسوع بان تقف لأنها كانت تتحرك".. وفي سنة 1616 وضِع كتاب كوبرنيكوس في قائمة الكتب المحرّمة، وفي نفس الوقت صدر قرار من البابا بإدانة جميع الكتابات التي تؤيد حركة الأرض. وظل كتاب"دورات الأجرام السماوية"في القائمة السوداء لمدة قرنين، حيث أزيلت عنه لعنة التحريم في عام 1835.
يكتب الشاعر الالماني غوته :"لم يُحدث أي اكتشاف أو رأي، أو كتاب -من جميع الاكتشافات والكتب - أثراً على الروح البشرية أعظم مما أحدثه كتاب كوبرنيكوس"دورات الاجرام السماوية". من النادر أن الناس كانوا سيعرفون إن العالم مستدير وكامل الاستدارة لو لا هذا الكتاب المدهش، لأنه بهذا الكتاب إختفت أمور كثيرة في الضباب والدخان، ولا عجب إن معاصريه لم يرغبوا في أن يتركوا كل هذا يمر بسهولة، وقاموا بكل مقاومة ممكنة لكتاب حوّل كل المهتدين به حرية الرأي وعظمة التفكير اللتين لم تعرفا حتى ذلك الوقت، والحقيقة إنه لم يحلم بها أحد قط".
أزاح كوبرنيكوس الأرض عن عرش مركز الكون وسيكتب أينشتاين عام 1910 إن"كوبرنيكوس بكثير من الصبر ألغى محورية الأرض وبدأ يجعلها تدور وكأنها رصاصة تنطلق من بندقية ويطلقها في الظلام نحو هدف مجهول مقدس، ثم يعثر على القوس كي يصيب الكون العتيق المثالي بجرح آخر أليم يجعله يصرخ".
*****

تدمير العالم الأرسطي

“أنا غاليليو غاليلي من فلورنسا، في السبعين من عمري، ماثل للمحاكمة، أقلع عن الفكرة الخطأ بأن الشمس ثابتة وإنها مركز الكون، وأقر إنني لن أتمسك بهذه النظرية الخطأ، أو أعلّمها أو أدافع عنها بأي وجه من الوجوه"كانت هذه الكلمات التي حاول من خلالها غاليلو أن ينجو من عقوبة الموت حرقاً، مثلما حدث مع قارئ مثير للجدل مهتم بقراءة الكتب المحرّمة يدعى جوردانو برونو أصر على إلقاء محاضرة عن كوبرنيكوس في جامعة اكسفورد، حيث حاول أن يرفع من شأن النظرية الكوبرنيكية ويتهم معارضيها بالجهل :"إن معارضي كوبرنيكوس حمقى أغبياء. لأن الأرض تتحرك بالفعل".وسرعان ما أصدرت الكنيسة بياناً شديد اللهجة تحذر فيه الذين يصرون على وضع سلطة كوبرنيكوس فوق سلطة الروح المقدس. إن برونو يريد تدمير العالم الأرسطي تماماً وإفساح المجال لعلم جديد يتجاوز ما قاله كوبرنيكوس، فقد دأب كتاب كوبرنيكوس على تأكيد إن الكون متناه، في حين يريد برونو أن يثبت إن الكون لامتناه، في العام 1592 تبدأ محاكمة برونو بتهمة الهرطقة في مدينة البندقية، بعدها يتم تسليمه الى روما وعلى مدى السبع سنوات التالية يتم نقله من سجن الى آخر، حتى تصدر إدانة البابا له وفي الثامن شباط عام 166 يقول للواقفين قولته الشهيرة :"لعل خوفكم من إصدار الحكم علي أعظم من خوفي من تلقيه"وبعدها بتسعة أيام أحرقوه على الخازوق، بعد أن وضعوا على فمه لجاماً حتى لاتسمع صرخاته.
قبل هذا التاريخ بسبعة أعوام كتب جوهانز كبلر رسالة بحثية عن القمر والأرض، وطلب أحد زملائه من هيئة التدريس بعقد مناظرة حول هذا الموضوع، إلا أن الجامعة رفضت الطلب، ولم يمض وقت طويل حتى صدر قرار بحظر نشر كتاب كبلر"الغموض الكوني"لانه يعارض تفسيرات الكتب المقدسة، ونجد كبلر يرضخ للأمر فيؤجل النشر، لكنه في عام 1611 يجد نفسه مطروداً من الجامعة لأنه يثير قدراً كبيراً من الاضطراب في نفوس الطلبة. وفي عام 1619 تُدرج كتب كبلر على لائحة الكتب الملعونة والتي يمنع تداولها، وتتم محاكمة أمه بتهمة ممارسة أعمال السحر، لكنه يعترف في خطاب يرسله الى الكنيسة قائلاً :"جميع كتبي كوبرنيكية".
عندما كتب غاليليو غاليلي كتابه الشهير"حوار بين النظامين الرئيسيين في العالم"عام 1632 بموافقة البابا، لم يكن يعرف إنه سوف يفتح على نفسه أبواب الجحيم. لقد تم توجيه تهمتين الى غاليلو من قبل الكنيسة، الأولى هي إصراره على تأكيد نظرية كوبرنيكوس عن دوران الأرض حول الشمس، والثانية وكانت الأخطر وهي إنه ألف كتاباً باللغة الايطالية وليست اللاتينية، حيث لم يكن مسموحاً نشر كتب باللغات المحلية لمنع انتشار العلوم والأفكار الحديثة، والتي كانت تعتبر بنظر الكنيسة أفكاراً هدامة، ولهذا كان كتاب غاليلو إذن هو أول كتاب علمي يكتب من أجل الناس، وأصبح يشكل ظاهرة استمرت الى الآن وهي الكتابة العلمية لعامة الناس
كان ال غاليليو مولود عام 1564 قام بإثبات خطأ نظرية أرسطو حول حركة الكواكب، وقام بذلك عن طريق التلسكوب الذي صنعه.حيث استطاع إظهار كون لم يعهده العالم، في سن الخامسة والعشرين، عثر على كتاب أرسطو"ماوراء الطبيعة"وقال لأحد مقربيه انه يسعى لطرد الأرواح الشريرة التي تسكن عالم أرسطو، ويكتب في رسالة الى الأب كريستوفر كلافيوس إن الفلاسفة الإغريق يظنون أن الاجسام تتحرك بدافع من مشاعر ورغبات تشبه مشاعر ورغبات البشر، ولهذا أسعى لأن أقدم تفسيراً جديداً يوضح لنا كيف تتحرك الأشياء في هذا الكون، وحين يحذره صديقه من الخوض في هذه المسائل الشائكة يعود ليكتب إليه :"الإنسان الذي يدعى عدم استعداده لتقبل الفلسفة بعد، يشبه الإنسان الذي يقول صغير جداً أو كبير جداً على الحقيقة". وفي نفس الوقت الذي اتجه فيه غاليلو الى التفسير العلمي للطبيعة، كان الطبيب البريطاني وليم هارفي يقوم بدراسة الأوعية الدموية وانتهى الى المبدأ الذي بنى ديكارت عليه قراره في أن الجسم البشري ذو تركيب ميكانيكي، وانه شبيه بالاجسام التي تركِبُها صناعاتنا.عندها طلبت منه الكنيسة أن يتوقف عن نشر أفكاره التي تتعارض مع الكتاب المقدس، لكنه لم يمتثل للأمر، لأنه كان مقتنعاً بما يقوله. كان غاليليو أحد مهندسي نظرية الشك، وفي رسالته التي وجهها الى رجال الكنيسة ابتدأها بالكلمات التالية:"منذ سنوات وكما تعلمون اكتشفت في السماوات أشياء كثيرة لم نشاهدها من قبل"، وفي النهاية استدعي الى المحكمة التي عقدتها الكنيسة وهناك عرضت عليه أدوات التعذيب، ثم طلب من نفي النظرية التي تقول إن الأرض تدور حول الشمس، فأذعن، لكن القصة لم تنته، فقد همس أثناء خروجه من بناية المحمكمة"لكنها مع ذلك تدور".كان ق غاليليو د تجاوز السبعين من عمره حين فرضت عليه أقامة جبرية في منزله ليصاب بالعمى لكنه لم يصب باليأس فيقرر أن ينشر كتابه"عامان جديدان"وهو أول عمل عظيم في الفيزياء الحديثة على حد وصف نيوتن الذي كتب في مقدمة كتابه الشهير"حول حركة الأجسام":"أنا لا أعرف كيف أبدو للعالم، غير أني أرى نفسي كصبي يلعب على شاطئ غاليلو، الذي ترك لنا محيطاً كبيراً من الحقائق"، بعد خمسة أعوام يموت غاليلو في عزلته المفروضه عليه، فيصدر البابا قراراً بمنع إقامة قداس له، لأن اية كلمة عليه ستكون إساءة لسمعة الكنيسة.
كان جوهانز كبلر المولود عام 1571 في جنوبي المانيا، قد أصيب في طفولته بمرض الجدري فتركه هذا المرض ضعيف النظر عاجز اليدين، كان والده جندياً مرتزقاً، وكانت أمه تعمل بوابة في فندق، ولأنه كان مجتهداً في دراسته وقع عليه الاختيار ليصبح قساً، فدخل إحدى المعاهد الدينية ليدرس اللاهوت، حصل بعدها على منحة من جامعة توبنجن، وهناك قرأ كتاب كوبرنيكوس"دورات الاجرام السماوية، فهجر مهنة القس، وقرر أن يدرس الفلك حتى استطاع بعد دراسات كثيرة أن يكتشف الكواكب التي تسير حول الشمس، وأخذ يحسب الوقت الذي يستغرقه أي كوكب في الدوران حول الشمس، وابتكر الأسس التي اعتمد عليها غاليلو في صنع منظاره.
كان كوبرنيكوس يهمم لغيره من العلماء قائلاً :"مشكلتنا أن نعثر على القوس الذي يمثل نصف التراجع"، غير أن غاليليو يصرخ بأعلى صوته": إن الأرض تتحرك".
عام 1616 يصدر بيان من الكنيسة بعد حظر كتاب كوبرنيكوس "دورات الاجرام السماوية" ومنع كتاب كبلر "خلاصة الفلك الكوبرنيكي": "إذن ها نحن أخيراً، عدنا من جديد نقف على أرض صلبة، ولم نعـــــــــــــــد مضطرين للطيران معها مثل كم هائل من النمل الذي يزحف على ســـــطح منطاد يطير".

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top