داعش يُنشئ محاكم وزنازين اعتقال ومعسكرات تدريب في  مكحول

داعش يُنشئ محاكم وزنازين اعتقال ومعسكرات تدريب في مكحول

 بغداد/ وائل نعمة

9أشهر منذ إعلان الحكومة نهاية "داعش" في العراق حتى اليوم، هذه الفترة كانت كافية ليعيد التنظيم إنشاء "دولة الخلافة" المزعومة بشكل مصغّر في أحد الجبال شمال تكريت، حيث يصدر تعليماته المشددة وينفذ أحكام الإعدام ضد المخالفين.
وبحسب أفراد استطاعوا الهروب من سجون التنظيم الجديدة قرب الحويجة، جنوب غرب كركوك، فإن أعداد المسلحين هناك بالآلاف، لكنهم يعانون العزلة ويعتمدون على عوائلهم في الحصول على الإمدادات.
وقفزت إلى الواجهة قضية "عوائل داعش" مرة أخرى، التي بدأ الحديث عنها بوقت مبكر من بداية العمليات العسكرية في منتصف 2015، كإحدى المشاكل التي ستنفجر بعد عمليات التحرير. ومازالت تلك الأسر تتّهم بمساندة أبنائها من المسلحين الفارين.
وفي منتصف آب الماضي ذكر تقرير أصدرته الأمم المتحدة، أن ما بين 20 و30 ألفاً من مسلحي تنظيم داعش لا يزالون في العراق وسوريا (موزّعين بالتساوي تقريبا بين البلدين) رغم هزيمة التنظيم وتوقف تدفق الأجانب للانضمام إلى صفوفه.
وجاء في التقرير أيضاً أن تنظيم داعش "لا يزال قادراً على شن هجمات داخل الأراضي السورية، ورغم انه لا يسيطر بشكل كامل على أي أراضٍ في العراق، فإنه لا يزال نشطاً عبر الخلايا النائمة" والعملاء المختبئين في الصحراء وغيرها من المناطق.

عودة السيطرات الوهميّة
من جهته يرى جاسم الجبارة، الزعيم العشائري والرئيس السابق للجنة الأمنية في صلاح الدين، أن الحديث أصبح مملاً عن وجود "نشاط مسلّح" في مناطق تحيط بالمحافظة وسط تجاهل الحكومة لتلك المخاطر. ويضيف في تصريح لـ(المدى) أمس: "قلنا للحكومة والجهات الأمنية أكثر من مرة إن هناك مسلحين في جبال مكحول وحمرين ولكن لم يتحرك أحد".أمس خطف "داعش" شخصين في حاجز تفتيش وهمي بين كركوك وبيجي، شمال تكريت، وطعن امرأة كانت ضمن المسافرين على الطريق فيما تمكن البقية من الهروب.
ويقيم التنظيم بين حين وآخر سيطرات وهمية على الطرق السريعة في ديالى وصلاح الدين وكركوك لاصيطاد المنتسبين في القوات الأمنية والحشد الشعبي.
أمس أيضا، قُتل خمسة عناصر من الشرطة الاتحادية وأصيب آخرون بتفجير عبوة ناسفة استهدفت باصاً يقلّهم من كركوك باتجاه بيجي.
وكان التنظيم قد شن هجوماً مزدوجاً قبل أسبوع في مطعم شعبي قرب بيجي نفذه انتحاريان اثنان وتسبب بمقتل وجرح 16 شخصا. وقبله بأيام كان الحشد الشعبي قد أعلن إحباط محاولة تسلل لمسلحين الى القضاء لتنفيذ هجمات ضد مدنيين وعسكريين.

لَمُّ شمل التنظيم
ويقول الجبارة وهو الآن نائب عن صلاح الدين إنه بعد عملية التحرير في كانون الاول 2017 "استطاع داعش إعادة تنظيم صفوفه وجمع الأموال والأسلحة من عمليات التسليب وخطف المدنيين".
وقُتل في صلاح الدين أكثر من ألف مسلح خلال عمليات تحرير مدن المحافظة، فيما هرب البقية الى الجبال والجزرات الواقعة بين الأنهر. ويضيف الجبارة: "إذا لم تتحرك القوات وترسل طائرات استطلاع فإن حركة المسلحين ستنشط وتزداد عمليات نصب السيطرات الوهمية".
وبقي عناصر التنظيم منتشرين في مناطق الحويجة وجبال حمرين ومكحول ومطيبيجة، وهي بلدة حدودية بين صلاح الدين وديالى حُرِّرت أكثر من 5 مرات لكن في كل مرة يعود "داعش" ليمارس نشاطه هناك بعد أن يختبئ في الكهوف.
ويقول أحمد خورشيد، وهو قيادي في حشد الحويجة في اتصال مع (المدى)، إن "داعش" لديه دولة مصغرة في "مكحول" تضم نحو 2000 مسلح، هربوا أثناء عملية التحرير أو من عناصر التنظيم الذين استطاعوا الانتقال من مدن أخرى.
ونقلاً عن أحد المختطفين الذين استطاعوا الهروب من محكول، يقول خورشيد إنّ "هناك قاضياً يصدر أوامر بالإعدام ولديهم زنازين ومعسكرات تدريب، لكنهم يواجهون صعوبة في الحصول على الطعام والسلاح بسبب صعوبة التنقل".
ويستهدف "داعش" في الحويجة التي تحررت في تشرين الاول الماضي، أبراج الكهرباء لإغراق المدينة والطرق الرئيسة بالظلام ليسهل عليه التنقل بعيداً عن رصد قوات الفرقة السادسة التابعة للجيش العراقي المسؤولة عن أمن القضاء.
ويعمل "داعش" في الحويجة ــ التي تحررت بسرعة بسبب انتقال القوات في ذلك الوقت للسيطرة على كركوك ــ بأسلوب العصابات في تسليب القرى والمدنيين من أجل الحصول على الأموال.

أهل "داعش" أدرى..
ويشير القيادي في الحشد الى وجود تحول في الجهات التي تدعم "داعش" في الحويجة، حيث يقول: "لم تعد بعض العشائر كما كانت قبل 2014 حاضنة للتنظيم بل على العكس صارت عدواً لها، لكنّ المسلحين يتواصلون مع زواجاتهم وأبنائهم وإخوانهم من أجل الحصول على المال والطعام والسلاح".
وفي كل خرق أمني يعاد الحديث عن "عوائل داعش" والدور الذي تلعبه في دعم أبنائهم المنتمين إلى التنظيم. ويقول نعيم الكعود وهو رئيس اللجنة الامنية في الانبار في اتصال هاتفي مع (المدى) أمس: "يجب إبعاد العوائل التي لديها فرد تابع لداعش ومازال هارباً. هؤلاء يمثلون حلقة وصل وحاضنة للمسلحين".
وكان التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، قد قدّر أعداد التنظيم قبل عامين بأكثر من 40 ألف مقاتل، إلا أن تقديرات عراقية رجّحت وجود 80 ألف مسلح ومتعاون مع التنظيم في نينوى فقط وأعداد أقل في المدن البقية، فيما قد تصل عوائل التنظيم الى 20 ألف عائلة، بما يساوي نحو 100 ألف فرد.
ويعتقد الكعود أن التفجير الانتحاري الأخير الذي نفِّذ بحزام ناسف داخل مستشفى حديثة قبل أسبوع، هو أحد أسباب تعاون عوائل التنظيم مع المسلحين، حيث ظلت المدينة عصيّة على "داعش" لـ3 سنوات ولم تشهد خروقاً أمنية.

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top