معهد بحوث أميركي: هل بإمكان الحكومة الجديدة إصلاح الفساد السياسي في العراق

معهد بحوث أميركي: هل بإمكان الحكومة الجديدة إصلاح الفساد السياسي في العراق

 ترجمة/ المدى

صوّت البرلمان العراقي الاسبوع الماضي لصالح رئيس جمهوريته القادم , برهم صالح , ورغم ان عناصر سياسات ما وراء الكواليس هي التي وقفت وراء التصويت  .مباشرة بعد إدلاء , صالح , لليمين الدستورية كلف ,عادل عبد المهدي , بان يصبح رئيسا للوزراء وتشكيل الحكومة القادمة . عبد المهدي هو اول رئيس وزراء لم يأت من تحت عباءة حزب الدعوة الذي هيمن على مقاليد الامور السياسية في البلد على امتداد فترة ما بعد الاحتلال.

وبينما كان التصويت الرئاسي لعبد المهدي يشكل تحولا عن الوضع السياسي الشائع في العراق فان تعيينه كان نوعا ما كصيغة نموذجية لصفقة جرت بين اعضاء النخبة وراء الكواليس . عبد المهدي كان ضمن المؤسسة الحكومية منذ فترة طويلة , حيث خدم كنائب لرئيس الجمهورية من العام 2005 الى العام 2011 ومن ثم اصبح وزيرا للنفط من العام 2014 الى 2016 . وباعتباره مرشح تسوية ورغم التفاؤل الواسع فانه من المحتمل ان يبقى عبد المهدي تحت سلطة الاحزاب السياسية التي نصبته في السلطة .
ولأجل ان يكون رئيسا للجمهورية كان على برهم صالح , ايضا ان يلجأ لمناوراته السياسية كالمعتاد , وذلك بالرجوع الى حزبه القديم , الاتحاد الوطني الكردستاني , قوة الاحزاب في العملية السياسية هي من دفعت صالح للعودة , وربما كان من غير الممكن ان يصبح رئيسا لولا ذلك .
رغم ذلك فان عملية اختيار كل من صالح وعبد المهدي تعطي مؤشرات على الوضع المتشظي للمشهد السياسي العراقي.
منذ العام 2003 غالبا ما كانت الكتل الضخمة المبنية على هويات إثنية وعرقية تتوحد خلال تشكيل الحكومة . في اول انتخابات للعراق عام 2005 كان اللاعبون الرئيسون هم من الاحزاب الشيعية بقيادة التحالف العراقي الموحد وكذلك الكرد الموحدون تحت قبة التحالف الكردستاني . ضمن هكذا كتل متناغمة داخليا بامكان اي قيادي حزبي ان يتفاوض بالنيابة عن كتلته . وخلال عملية تشكيل حكومة فان اغلب المفاوضات يتم حسمها خلف ابواب مغلقة ويلعب البرلمان عندها كأداة تثبيت لتفعيل صفقات النخبة .
من الناحية القانونية تقوم الكتلة الاكبر باختيار رئيس الوزراء . في السابق كان هذا الامر غالبا ما تهيمن عليه الكتلة الشيعية الاسلامية الموحدة مع انضمام الكرد اليهم بالنهاية . حتى في اكثر الاوقات اضطرابا كانت الكتل الشيعية قادرة على ان تتوحد على الاقل خلال تشكيل الحكومة . في العام 2010 وبعد سنوات قليلة من شن حرب داخلية عنيفة شاء القدر ان يجتمع مقتدى الصدر مع نوري المالكي لتشكيل كتلة موحدة .
هذا المشهد لم يعد موجوداً بالمرة في اختيار رئيس الوزراء عبد المهدي . عملية تشكيل الحكومة الحاسمة لهذا العام بدأت تكشف زيف التشكيل الاثني والعرقي للكتل . حيث ان الافتتاحية الاولى للبرلمان انتهت بعدم تحديد من هي الكتلة الاكبر هل هي كتلة البناء بقيادة هادي العامري ام كتلة الاصلاح بقيادة الصدريين . ولكن بعد حدوث الاحتجاجات في البصرة توصل كل من العامري والصدر الى تفاهم . لقد اتفقا على , عبد المهدي . وفي صبيحة تعيين عبد المهدي , نوه الصدر في تغريدة له بخصوص الكتلة الاكبر بقوله " ان العراق اكبر من الكتلة الاكبر ، الكتل الكبرى بقيت منقسمة بينما يستعد اعضاء البرلمان الجدد رسم معالم الحكومة , حيث كانت كتلة البناء تفضل اختيار, صالح , في حين اعطت الكتلة الاخرى صوتها لمنافسه فؤاد حسين .
وبينما تتسع الفجوة بين المواطنين ومرؤوسيهم عبر العراق فان هذا البرلمان من الممكن ان يكون اداة لعكس صوت الناس وليس اداة بيد الساسة النخبة .
ماتزال النخبة الحاكمة والاحزاب السياسية التقليدية اقوى من مؤسسات الدولة , ولهذا فان على رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء الجديدين ان يبذلا جهدا حثيثا لترجمة التطورات الحاصلة اخيرا الى تغييرات بنيوية تجعل من احداث الاسبوع الماضي في اختيار الحكومة كنقطة تحول وليس كشيء عرضي شاذ عن القاعدة.
 عن: معهد جاثام هاوس الأميركي للبحوث

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top