كولن باول ..لماذا لا يأسف على شيء ؟

كولن باول ..لماذا لا يأسف على شيء ؟

ريفان وبوش وثقابه. بيل كلينتون خاف منه المعارضون لحرب العراق لاموه فلماذا إذن لم يتمسك كولن باول بالسلطة عندما جاءت الفرصة اليه؟

في مكتبه الذي يقع في بقعة مورقة من واشنطن- العاصمة، جرى هذا اللقاء..

وكولن باول حاله حال توني بلير وجورج بوش، عليه ان ينتبه للغرباء، الذين يأتون الى مكتبه، حذراً من أولئك الذين يحتجون على شن الحرب ضد العراق، وعلى الرغم من ان باول قد نصح بوش بتأجيل الغزو وإعطاء الوقت اللازم لقيام المفتشين الدوليين بالقيام بواجبهم، ولكنه فشل في النهاية، الوقوف ضد جيني ورامسفيلد، وهكذا، اتهم نظام صدام في خطابه بالأمم المتحدة  بـ(إخفاء محاولاتهم لإنتاج المزيد من أسلحة الدمار الشامل)، وهكذا للحرب مظهر خادع، أوهذا ما يقوله نقاده.

في زاوية من مكتبه، يوجد (سرج)، ربما كان يستخدم من قبل المشاة السود، وعلى الجدار صور لباول، مع الرؤساء الأربع الذي خدم معهم، بدءاً من ريغان، ومن الملاحظ ان كولن باول، لا يحيط به الحراس، بل جاء الى المكتب وهو يقود سيارته الصغيرة (الشيفروليه-كوربيه)، وعندما سئل عن ذلك، قال:

(لقد استغنيت عن الحراس، بعد ست دقائق تماماً من تسلم غونديليزا رايس وزارة الخارجية).

كان ذلك في عام 2005، عندما اصبحت رايس وزيرة للخارجية، الشخص الاسود الثاني الذي يتولى ذلك المنصب – وباول كان الاول.

ويواصل باول حديثه، (كان هناك حوالي 20 منهم، واعتادوا على حراسة الشارع بأكمله، وقد احب جيراني ذلك، اذ غدا الشارع الاكثر أماناً في فيرجينيا الشمالية، ولكنني كنت في حاجة لقيادة السيارة بنفسي ولذلك قلت لهم، (يا أولاد، كنتم رائعون، لقد أعفيتكم من الخدمة).

(ولكن عن الأماكن العامة).

-ويجيب باول : (عندما أسافر جواً، اذهب الى المطار بملابس بسيطة وأقف في الخط وأتحدث مع الناس، كما انني احب الجلوس والتطلع الى الناس، وقد وصلت عبر ذلك الى نتيجة مفادها، ان معظم الأميركيين يحتاجون الى (ريجيم) ويحتاجون الى قواعد في اختيار ملابسهم)، وكولن باول وهو في الـ 75 من عمره، مايزال يحتفظ بقامة متناسقة، وقامة طويلة وكتفين عريضين.

وبول مايزال محط الأنظار، ويتعرف عليه الناس، ويقول: (كنت عائداً من جامايكا وصاح رجل الماني مخاطباً زوجته، وأنا أهبط المصعد، (انظري هل تعرفين هذا الشخص! انه الجنرال شوارزكوف!).

وكتابه الجديد حافل بهذه العبارات، وقد أطلق عليه اسم (لقد نجحت معي: في الحياة والقيادة).

وهذه العبارة هي جزء من حكمة قديمة  وعادة غريبة ويقول: (أجل انا غريب)، في كتابي الاول كان علي اخفاء ما يخص تجربتي كرئيس للأركان ومستشار للأمن الوطني، وقد طبع الكتاب الاول عن حياته في عام 1996، وكان ممتعاً، ولذلك وصل الى المرتبة الأولى بتجربته في الحرب الفيتنامية فحسب، بل ايضاً عن تجربته في حرب الخليج الأولى (كان رئيس شوارزكوف) كما انه حقق النموذج الأميركي للنجاح: من طفولته المتواضعة في حي البرونكس الى المنصب اللامع، في الجيش اولاً ثم في المجال السياسي.

وفي مذكراته الجديدة، يشرح آراءه في القيادة، وكيف ان على أي مؤسسة ان تكون واثقة من عدم اخفاء العاملين فيها، الاخبار السيئة وهناك مثال جيد لذلك: لم يجسر احد ما لعرض صور (سجن أبو غريب) لرامسفيلد، وكان ذلك يعني تفاقم المشكلة تماماً.

* وهل هناك مثال آخر نعطيه!، ومنها مثلاً ما حدث عام 2003، عندما لم يتحدث معك رؤساء الاستخبارات عن شكوكهم في ادعاءات صدام واسلحته للدمار الشامل.

وهذا الموضوع بالذات لا يعجب باول وهو يشير اليه بـ(الوصمة) في سجله وقد ذهبت زوجته الى ابعد من ذلك بقولها، (لقد تم استغلاله بقسوة) من قبل البيت الابيض، كانت له انذاك شعبية كبيرة، وقد اظهرت الاستطلاعات آنذاك (انه الرجل الاكثر ثقة في السياسة الاميركية).

وقد أدركت الاستخبارات ان المعلومات التي كان مقبلاً على كشفها، تساورها الشكوك، ولكن الجميع لم يجرؤ على اعلامه بذلك.

-ويقول: (كنا جميعاً، الرئيس والأصدقاء البريطانيون جميعنا ايقنوا بصحة تلك المعلومات، ولم تساورهم الشكوك حيالها، والامر يحتاج الى شجاعة للاعتراف امام رئيسك، (بأنه لا يعلم وان المعلومات التي تصل اليه خاطئة).

ويكتب في كتابه الجديد، (ان على القائد الثقة بغريزته في الحرب)، فهل ان غريزته فشلت في تلك الحالة- عام 2003، الى الدرجة التي فشل فيها في التساؤل عن صحة اسئلة معينة؟

-ويجيب باول، (اني افكر في مصدر واحد، العمل الذي يعرف بـ كيور فيبول، الذي ادعى ان في العراق مختبرات متحركة لاخفاء الاسلحة البيولوجية، ولم أكن اعرف شيئاً عن كيورفيبول في الوقت الذي القيت فيه خطابي لم اكن اعرف شيئاً عن وجود مصدر وحيد).

* هل انهم كانوا يوصلون اليك معلومات لم تكن من مصدر واحد فقط؟

-ويجيب باول: (نعم، لقد اعلموني بوجود مصادر عديدة، لم اكن سأتقبل تلك المعلومات لو اني علمت ان مصدرها شخص واحد فقط، في معسكر اعتقال في المانيا، وكنت قد تحديت الكثير مما جاء في تقارير الاستخبارات التي ارسلت الى الكونغرس قبل أربعة ا شهر في خطابي، تحديتها ليس لكونها خاطئة، ولكن لأن مصدرها شخص واحد، او انها بدت بالنسبة لي غير صحيحة، وأول مع احترامي ذكرته في الأمم المتحدة، فان كافة القيادة والحكومة كانت خلف ذلك الأمر، ومن بينهم الكونغرس ايضاً، لقد كان صدام شخصاً يستخدم التكنولوجيا ضد شعبه وضد الايرانيين، وكان هناك شك ضئيل في اذهان الجميع، من انه لو تمكن الخلاص من العقوبات التي فرضتها الامم المتحدة، فانه سيعاود الكرّة من جديد.

وقد علم باول بذلك اكثر من غيره بسبب اشتراكه في حرب الخليج الاولى، عندما كان صدام يمتلك الاسلحة الكيمياوية.

ويقول، (كان لديه تلك الاسلحة، ومازال الامر سراً حتى اليوم، ماذا فعل بها، هل انها مدفونة في مكان ما بالصحراء العراقية؟ والبعض يشير الى سوريا، ولكن ذلك مجرد عذر، فاني لم أجد أو أر ما يشير الى كونها نقلت الى سوريا او دفنت تحت الرمال، مدفونة تحت الرمال، ان الحقيقة تقول انه لم يمتلك برنامجاً لاسلحة الدمار الشامل.

* هل كنت تؤيد الرئيس؟

-باول: (الحقيقة، اني أردت الوصول الى سبيل للتخلص من مشكلة – اسلحة الدمار الشامل- عبر الوسائل الدبلوماسية، ووافق الرئيس على ذلك ولكن صدام فشل في التجربة الاولى باعطائنا وثائق لا أهمية لها، وعندما طالبنا بالمزيد، لم يقدم لنا شيئاً، وقرر الرئيس بوش وتوني بلير اللجوء الى الحرب، وقد ايدت ذلك العمل، ولن أتحدث اكثر عن هذا الموضوع، انها قصة غير اعتيادية ولكن هذا ما حدث).

وعن تجربته في الحرب الفيتنامية يقول: (لقد امضيت عامين هناك، لقد بدت المهمة بادئ الامر نبيلة، وفي النهاية لم تكن كذلك مطلقاً، انني جندي درست الحرب كل حياتي، وفي رأيي ان المحارب يجب ان يمتلك هدفا سياسياً قبل ان يتخذ قراره النهائي وهو القوة التي تقتل الناس، وليس العدو فقط، بل المدنيين الابرياء ايضاً.

لقد رأيت الحرب، وقدت الحروب وانا اعتقد ان على القادة المدنيين السياسيين التفكير مليّاً قبل اتخاذ قرارهم.

* ولماذا لم ترشح لانتخابات الرئاسة وكان الجميع في عام 1996، يدفعونك الى ذلك؟

-باول: أجل قلت لنفسي ان الكثيرين يلحون علي لاتخاذ القرار، وكنت اجيبهم بقولي، (سأفكر في الموضوع)، مما رفع نسبة توقعاتهم، ولكني وبعد ستة اسابيع لم اجد في نفسي رغبة، عندما استيقظ، صباحاً، واقول لنفسي، (ذلك ما سأفعله)، أدركت ان لا رغبة لي في ذلك الامر).

* لم تأسف على ذلك؟

باول: (أبداً، حتى بعد ان اصبح اوباما اول رئيس اسود، لديّ عادة اتخاذ القرار والمضي فيه مباشرة، انني ولدت كي اكون جندياً وليس سياسياً، اعتقد ان السود في اميركا كان لديهم باستمرار رغبة للانخراط في الجيش، لانه المجال الوحيد الذي يتساوون فيه مع البيض).

* هل كنت على انسجام أفضل مع رونالد ريغان؟

-باول (كنت حسناً مع الجميع، وكان لكل رئيس طريقته في اصدار القرارات، ومهمتي كرجل ضمن كادر العمل، التكيف حسب اساليبهم، لا ان يتجاوبوا هم معي).

وكان قد قال سابقاً ان بوش لا يتحلى بالصبر وسريع الانفعال، مع ميله الى مقاطعة كل واحد.

* ماذا عن وضعك بعد تركك عملاً يأتي في الدرجة الأولى من الاهمية وجلوسك في البيت؟

-باول: (قلت لزوجتي في اليوم الاول، لن اغادر المنزل بعد الآن في الـ 5:30 صباحاً، ولم تفهم ما اقول في بادئ الأمر، لقد اصبحت انام اكثر وأحس اكثر وفي عام 2008، اعطيت صوتي لأوباما، وكنت طوال الـ 20 سنة الماضية امنح صوتي للجمهوريين ايضاً، كما منح صوته مجدداً لاوباما اخيراً، وخاصة بعد المناظرة الثالثة مع ميت رومني، الذي اعلن آنذاك، ان روسيا هي العدو الاول لأميركا من الناحية –الجيوبولتيك (الجغرافية السياسية).

عن الديلي تلغراف

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top