زواج النت من مزاح الدردشة إلى زغاريد العرس

زواج النت من مزاح الدردشة إلى زغاريد العرس


في غمرة ثورة الانترنت والتطور التكنولوجي الكبير الحاصل في عالمنا المعاصر، أصبح الكثير منا يدرك أهمية ما توصل إليه العقل البشري من اختراعات واستكشافات وتجارب ناجحة في ميدان العلم الحديث، بدءا من اختراع غراهام بيل للهاتف وصولاً إلى اختراع الفرنسي بليز باسكال للآلة الحاسبة ومن ثم أجهزة الاتصال المتطورة، التي أتاحت فرصة التعرّف إلى الشعوب الأخرى عن طريق الانترنت الذي وجد أساساً لهذا الغرض، الأمر الذي احدث طفرة كبيرة في الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية في المجتمع، وقد كان لذلك الحدث أثره الواضح في المجتمعات العربية وعلى شريحة الشباب بصورة خاصة، باعتبار أن الشباب هم أكثر فئات المجتمع عرضة وتأثرا واقتناءً لوسائل التكنولوجيا الحديثة التي وجدوا فيها ضالتهم التي يبحثون عنها.
ما هي نسبة النجاح؟
اليوم وبعدما دخل الانترنت كل بيت صار مهماً أن نعرف كيف يفكر الشباب من كلا الجنسين في أداة التواصل هذه، والاهم: هل يمكن أن ترتبط فتاة بزوج على الانترنت؟ وهل يمكن أن يرتبط شاب بزوجة على الانترنت؟ وما هي نسبة النجاح؟ وهل بإمكانهم بناء أسرة ناجحة وسعيدة ومتفاهمة في ما بينها؟ نعم ممكن.
فاطمة عراقية الجنسية تقيم في دبي تزوجت بشاب عراقي يقيم في العراق ولديها طفل وكان الانترنت هو صاحب الفضل في تعارفهم.
تقول فاطمة 30 عاماً في حديثها لـ"المدى":  "أنا مقيمة مع أسرتي في الإمارات منذ أربع سنين ولم استطع إكمال دراستي الجامعية، حيث عملت في إحدى الشركات الأهلية بصفة سكرتيرة وكان اغلب عملي أقوم به باستخدام الحاسبة والانترنت، وبسبب أوقات الفراغ التي اقضيها دائما في العمل وبسبب ساعات الدوام الطويلة قررت الاشتراك بأحد المنتديات الشبابية العراقية، التقيت زوجي في هذا الموقع بالمصادفة من خلال بعض التعليقات الحوارية بيننا، وفي احد الحوارات وصلنا إلى  نقاش حاد بشأن الأوضاع في العراق، واستمرت تلك المحادثات وازدادت الرسائل بيننا، وتطور وطال الحديث بيننا عبر الماسنجر ثم الهاتف، وبعد فترة طويلة تبادلنا الصور، بعدها قام هو بزيارة دبي ودعوته إلى زيارة أسرتي ففاجأني بطلبه يدي للزواج وبعد تفكير لم يدم طويلا وافقت على ذلك.
الزواج عبر عالم افتراضي
لا تنكر فاطمة أنها صدمت ببعض الطباع في زوجها لكنها تؤكد أن "بعض الطباع  البسيطة لديه فوجئت بها، لكن هذا الشيء طبيعي في أي زواج وساعدني هو على تقبل تلك الطباع، لكونه زوجي أولاً ومعظم أوقاتنا نعيشها سوية، خاصة وان عمله التجاري الجديد يقتضي وجوده في دبي حيث تسكن العائلة".
الدكتورة أنعام الهنداوي تدريسية في علم النفس - جامعة بغداد، بينت في تصريح لـ"المدى": أن "الحروب وما جار على البلد من أزمات أمنية وسياسية واجتماعية كان لها الأثر الكبير في تأخير عملية الزواج، وما صاحب تلك الأزمات من أحداث اجتماعية صعبة على الشاب مثل البطالة أدى إلى تأخير سن الزواج، وقد غير من وجهات نظر البنات للزواج، حيث أدى إلى تقليل مستوى الخيارات عند البنت.
مؤكدة "أن الفتاة أصبحت ترضى بخيارات متدنية (بالموجود) في وقت كانت الفتاة المتعلمة والمثقفة تضع اعتبارات وشروطاً بنفس مستواها وربما أعلى في بعض الأحيان، بالإضافة إلى أن الانترنت جعل الفتاة تعيش داخل عالم افتراضي وسط توقعات افتراضية.
فقدان الثقة بالنفس
واستدرجت الهنداوي في حديثها أن "لجوء الشباب إلى هذا العالم الافتراضي راجع إلى فقدان الثقة بالنفس لدى الشاب أو الفتاة، حيث انه باعتقاده عند لجوئه إلى هذا النوع من الارتباط سوف يستطيع التستر على عيوبه ويحاول تضخيم المزايا مقابل تقليل العيوب".
وشبهت الهنداوي الزواج عن طريق النت ((بالخطبة أيام زمان)) التي تحصل عن طريق وسيط، باعتبارها أن أي وسيط سوف يكون مفشلاً للعملية فما بالك إذا كان الوسيط عبارة عن آلة جامدة، واصفة هذا الزواج بأنه "تحضر تقني لطريقة جداً بدائية".
ورغم انتشار بعض المواقع المتخصصة بالزواج الالكتروني والتي أدى تزايدها يوماً بعد يوم إلى عدم معرفة الرقم الحقيقي لها، إذ أن هناك مواقع عالمية عربية وإسلامية وأخرى تخص جنسيات محددة أو ديانات أو طوائف معينة، بعضها تمنح حق الاشتراك أو الإعلان فيها مجاناً مع تقاضي رسوم مقابل إرسال واستقبال رسائل الكترونية والبعض منها تتقاضى رسوماً شهرية ثابتة، فيما النوع الثالث منها لا يتقاضى أية رسوم مقابل الإعلان فيها عن الزواج، وأخرى مجانية أيضا لكنها تخصص مساحة معينة في الصفحة الرئيسة للموقع للإعلان التجاري والتسوق.
مواقع متخصصة بالزواج
 ما تشترطه مواقع الإعلان في معظمها، هو مطالبة المعلن بأن يفيد بمعلومات أساسية عن طوله ووزنه ومهنته وديانته، وكذلك المواصفات التي يبحث وتبحث عنها في الشريك المفترض، فضلاً عن كونها تطلب نبذة مختصرة عن المعلن وطلبات أخرى معينة، والبعض من المعلنين والمعلنات يرفقون صورهم مع طلبات الإعلان رغم أن البعض منهم يشعرون بالخجل في بداية الأمر فلا يرسلون صورهم إلا بعد أن يتم الاتصال مع الطرف الآخر، عن طريق البريد الالكتروني، حيث بإمكان مثل هذه المواقع أن تحقق نجاحات كبيرة كما حصل مع موقع ((بنت الحلال)) الالكتروني الذي حقق 80 حالة توافق على الزواج في العام الماضي.
بالمقابل هناك مواقع تحمل الهدف نفسه إلا أنها لم تحقق أية نجاحات بسبب فقدان الموقع للمصداقية وعدم استعداده الحفاظ على سمعة المعلن أو المعلنة وخصوصيته.
الزواج ضربة حظ
الباحث في علم الاجتماع رائد جبار اعتبر أن الزواج هو عبارة عن ضربة حظ بغض النظر عن الطريقة التي تم بها الزواج، ممكن أن يصيب وممكن أن يخيب ، مهما كان الظرف والمكان والزمان الذي اجتمع به الطرفان، فربما يلتقي الزوجان عن طريق الانترنت ويكونان أسرة ناجحة ويكون فيها الشريكان متفاهمين، وهناك زيجات فشلت ولم يحصل الانسجام والتفاهم على الرغم من الطريقة التقليدية البحتة التي تم بها الزواج، لذلك فالأمر راجع إلى طبيعة الزوجين ومدى التكافؤ والتفاهم في ما بينهما وكيفية إدارتهما للحياة الأسرية العامة من جميع النواحي الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإدارية.
تصورات وآراء الفتيات
للفتيات وبأعمار مختلفة آراء متعددة ومختلفة بشأن زواج الانترنت الذي ينظر البعض من خلاله وكأن الزواج سلعة، تقول الشابة سجى الزيدي 25عاما "ارفض لجوء الفتاة إلى موقع زواج الكتروني"، متسائلة "هل أصبح الزواج سلعة؟ وما أدراني من يقف وراء هذا الموقع وهل نيته بالفعل هي جمع رأسين بالحلال أو تسهيل الرذيلة للراغبين! علينا أن نثق بان الزواج أرقى من أن يعرض كسلعة على شبكة الانترنت".
دينا خضر شابة عراقية 28 عاماً ترى أن الكل يسعى إلى تجميل نفسه في هذا العالم الافتراضي، ثم أن الكذب على الانترنت هو سيد الكلام. كيف يمكن أن نثق بشخص لم تره. أرى أن هذا الأمر مجرد لعب لا أكثر ولم اسمع عن زيجة تمت عبر موقع زواج نهائياً.
الزواج التقليدي أفضل
أم بلال 30 عاماً لا تحبذ الزواج على الانترنت و"أفضل الزواج التقليدي واعتقد أن أي زيجة تمت عبر موقع الكتروني لم تستمر طويلاً إلا بمعجزة وشرط أن يكون الطرفان منسجمين". الزواج عبر الانترنت يرتبط فقط بما يقوله الشخص عن نفسه مفضلة "الزواج التقليدي لأنه لا يتم من دون السؤال عن أخلاق الشاب والفتاة ومتابعة تصرفاتهما من قبل الأهل لفترة قبل الزواج، وهذا ما يجعل التقليدي أكثر نجاحا في تصوري".
الشابة طيبة 20 عاماً تقول انه "إذا كان كل واحد منهما تعرف الى الثاني ثم حصل التكافؤ بينهما فيعني ذلك أن المعوقات قد انتهت وسيكون الزواج أمرا طبيعيا، أما إذا كان التعارف الى بعضهما بقصد التسلية فانه من الطبيعي سيكون هناك مشاكل وندم، المهم أن تكون أفكارهما واحدة وشخصيتاهما متقاربتين".
وهناك بعض الفتيات يدفعهن فضولهن إلى دخول مواقع الزواج، ويقمن بوضع بيانات وهمية، بدافع الفضول ومعرفة كيف يفكر الشباب تجاه الفتيات.
سلبية كانت معظم آراء الشابات في الموضوع وهذا نابع من الحساسية التي يمتاز بها هكذا نوع من المواضيع في مجتمعاتنا الشرقية.
البحث عن فارس الأحلام
أثناء تصفحي لأحد مواقع الانترنت المختصة بالعلاقات العاطفية والتعارف والارتباط بين الجنسيين، لفت انتباهي عنوان بالبنط العريض موجه للفتيات يقول "هل تبحثين عن فارس أحلامك؟"، وعندما دخلت إلى محتوى الموقع صادفتني بعض البيانات التي تطلب من المعلن أو المعلنة تحديد جنسه ذكر كان أو أنثى وعمره محدداً بين ( 18ـ 22) وديانته وبلده الذي ينتمي إليه بالإضافة الى مسألة مهمة جداً وهي طبيعة العلاقة التي يفضلها الطرفان سواء كانت عبر زواج طبيعي أو عرفي أو علاقة حب، وغيرها من العلاقات العاطفية وحتى علاقات التسلية وقضاء الوقت. مما يثير الاستغراب والاشمئزاز في نفس المتصفح العادي.
موقع ( أنا وأنت ) واحد من أهم هذه المواقع التي تقوم بحثِّ الشباب والفتيات على تكوين أي نوع من العلاقات، بغض النظر عن طبيعة تلك العلاقة لذلك فأن مثل هكذا نوع من المواقع لم يحقق أي نجاحات تذكر على مستوى تحقيق توافق على حالة زواج طبيعي. وسبب ذلك راجع إلى فقدان ثقة المتلقي العربي للمواقع هذه وحفاظاَ على سمعته وخصوصيته التي ممكن أن تخدشها المشاركة بمثل تلك المواقع.

تصورات الشباب عن الموضوع
الشاب غسان الذي يسكن في منطقة حي الإعلام في بغداد كان قد تعرف الى زوجته عن طريق احد المنتديات وما أن تم الحديث بينهما عدة مرات حتى فوجئ بان زوجته تسكن في نفس الحي الذي يسكن به وحدث اللقاء بينهما حتى تقدم لخطبتها وتم زواجهما.
ويصف غسان الزواج بأنه زواج ناجح وسعيد، حيث يقول "إن شبكة الانترنت تيسر لك القدرة على الإمساك بزمام الأمور وتضاعف فرص اللقاء بالرجل المناسب والمرأة المناسبة".
احمد العزاوي 23 عاما "انه من الصعب الحكم أن كان الزواج الالكتروني سيبقى أم لا، والسبب أن كثيراً من حالات الزواج التقليدي تبنى على أساس من المجاملات بين الجنسين وبين الأهل، تكون البداية من فترة الخطوبة وما أن يقع الزواج حتى تزول الأقنعة، فمنهم من يكيف نفسه على الواقع الجديد ويقبل به، ومنهم من يرفضه ولكن في الأخير لا ننسى أن كل خاطب كاذب في البداية!
الشاب محمد17عاما مصمم مجلة المعرفة الالكترونية الطلابية حكم على زواج الانترنت بالفشل الذريع بسبب ما وصفه الجرأة المفرطة التي يمتاز بها حديث الطرفين، وهذا نابع حسب وصفه من غياب الرقابة الأسرية المباشرة على حديث الأبناء في الانترنت، وكذلك بسبب جهل كثير من أولياء الأمور بكيفية استخدام الانترنت، وكذلك ليس لديهم علم بما يمكن أن يتخلله حديث الشباب داخل هذا العالم الافتراضي.
ويبقى موضوع الزواج  رهينة النصيب وهو المتحكم الأبرز بنجاح أو فشل الزواج سواء كان الزواج عن طريق الانترنت، أو بالطريقة التقليدية  وتبقى وسائل نجاحهما النية والصدق والصراحة والجدية بين الشخصين وألا يكون التعارف لمجرد التسلية إضافة إلى انه يجب أن يكون هناك توافق في الدين والعادات والتقاليد والأمور المشتركة الأخرى.

تعليقات الزوار

  • هاني

    وظائف للجنسين من المنزل على الرابط برواتب تبدأ من 6000 ريال goo.gl/9NTnD

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top