الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 

 

لست بحاجة إلى من يصف بطولتي في مسألة  الانتصار على الألم
حسن مطلك
سيرة روائي
حسن مطلك روائي عراقي ولد في قرية سديرة في الشرقاط شمالي العراق عام 1961. تخرج من جامعة الموصل عام 1983 وهو قاص وتشكيلي أيضاً، طارت شهرته على إثر إصدار روايته “دابادا”، كتب العديد من القصص والمقالات. وأقام معرضه (التشكيلي الشخصي الأول عام 1983، واشترك بثلاثين لوحة مع قصيدة طويلة للناقد سعيد الغانمي. أصدر مع مجموعة من أصدقائه مجلة “المربي” ونشر فيها مقالتين: الأولى عن الفن التشكيلي، والثانية قراءة لرواية الطيب صالح، موسم الهجرة إلى الشمال له أكثر من عشرين قصة نشر بعضها في الصحف والمجلات.
أما روايته “دابادا” فقد صدرت عن الدار العربية للموسوعات في بيروت عام 1988 لتثير ضجة كبيرة في الأوساط الأدبية. إلى الحد الذي وصفها البعض بأنها واحدة من أهم الروايات التي ظهرت نهاية القرن العشرين.
له الكثير من الأعمال لم تزل مخطوطة منها:
“العين إلى الداخل - ومضات حرة” يوميات.
“الكتابة وقوفاً” دراسات في الرواية تكشف عن رؤيته الخاصة للرواية.
“كتاب الحب - ظل القمر على الأرض” كتاب في العشق.

حسن مطلك... صوت طاهر انتصر للإبداع.. شهيد الشرقاط لماذا حسن مطلك؟


لأنه روائي ومبدع عاش الكتابة باشتراطات الحياة. آمن أن مواجهة الدكتاتور والعمل على إزاحته جزء من عمل المبدع.
لقد عاش حسن مطلك أيام الطاغية، وفي ذروة جبروته تحداه في الكتابة والحياة.
ما يدعونا لاستذكار هذا الروائي الشهيد هو إنه لم يعبر معنا إلى ضفة الخلاص من الطاغية. لم يشهد معنا نهايته على الرغم من أنه غامر برأسه لفعل ذلك. وآمن بزواله. وضرورة زواله. مثلما غامر في فنه الروائي ليخرج برواية تركت صدى كبيراً لم يزل إلى الآن.
لقد عاش صاحب “دابادا” بخبرته ككاتب وإنسان. واستطاع أن يخرج على المجموع في كتابته وسلوكه وإيمانه بذاته. استعاد بقوة ذلك الدور المؤثر للمبدع، بمهارة وفن جديدين مغايرين، ولقد شاءت الظروف أن يعدم حسن مطلك ويغيب جسده على يد النظام الطاغية، لكنه بقي محرضاً كبيراً لجيل من الأدباء عاش وتربى على عوالم ولغة “دابادا”. وحافظ على حضوره الملح في الأدب العراقي المعاصر، وقدم هزة عنيفة للضمير المبدع، للشرف، وللعقل المثقف.
وعاشت رواية “دابادا” مع جيل جديد من الأدباء عاد من الحرب وهو يحتفظ بوعيه وذكائه، مؤسساً لعلاقة جديدة بين الكاتب ولغته وسلوكه، بين المبدع ووضوح غايته. حتى غدت “هاجر” أو “عواد” وهما من أبطال رواية “دابادا” يطرقان بعنف ذاكرة الأدباء، ويدفعان بالروائيين لمواجهة أنفسهم وفنهم. يصرخان لسنوات طويلة في وجه الدكتاتور.
إن استذكارنا لهذا الروائي هذه الأيام ربما سيدلنا على حقيقة التزام المبدع والمثقف بقضاياه. ربما يقدم لنا حلاً ما لأيام المحنة والأزمة حينما تطبق. أو يثير فينا الأسئلة الحقيقية، أسئلة تتعلق بمواجهة مصاعبنا ومصائرنا. أو يدلنا على كيفية إعادة إنتاج إبداعنا. أو يقول لنا: إن الإبداع مرتبط بالشرف، وبالضمير، والموقف.
إن دم حسن مطلك لم يذهب هدراً. وإنما يحيا في عروق أدبنا وثقافتنا وحياتنا، ليلهمنا أو يدلنا على الطريق.
قاسم محمد عباس
 


تيد هيوز شاعر من القرن العشرين أنتوني ثويت


ترجمة/عبد العزيز لازم
درج النقاد على اعتبار هيوز الأكثر تأثيراً والأعظم ثقلاً في الشعر الإنجليزي منذ عقد الستينيات من القرن العشرين، فخلال العقد الذي شهد ظهور كتابة (الصقر في عاصفة المطر) - 1957 اعتبر هيوز أحد كلاسيكيي زماننا، وأصبحت بعض كتبه تدرس في المدارس - وهذا أعظم أشكال الاستحسان العملي الذي يمكن أن يحلم بها شاعر وهو على قيد الحياة. كما إن دعاوى نقدية عريضة جداً قد أطلقت بحق تيد هيوز، فهذا ،أ. الفاريز على سبيل المثلا قد دعاه بـ(الشاعر صاحب المكانة الأولى).
تركز قصائده في الكتابين الأولين (الصقر في عاصفة المطر) و (مهرجان الخصب) - 1960 بشكل أساسي على الحيوية الجسدية لنوع الكائن الذي لا يمكن تجاهله. إن عالم هيوز مفعم وبشكل هائج بالحيوانات الضارية والعنف البدائي مع لحظات الجلد الإنساني الخارق، عالم دموي تحكمه الغريزة والنزوة، حيث:
لا مماطلات متراخية، أو حماقات ضجرة،
لا تحسرات أو هرش على الرأس. لا شيء سوى الحماسة وضربات الطعن
في لحظة ضارية.
تعيش في أعمال هيوز وفرة من الكائنات البهيمية العصرية: الصقور، النمور الاستوائية، الببغاوات، الخيول، الذئاب، الأسماك الوحشية، البعوض، الذباب، القرود، القبرات، الفئران، الدببة، العناكب، السرطانات، الخنازير، الثيران، ثعالب الماء، الغربان - إن هذه الحيوانات تعيش في عالم هيوز ليس باعتبارها محض صور زخرفية أو عبارات جمالية، بل باعتبارها رموزاً مركزية.
نشأ هيوز وتربى في تلك الأنحاء من (يوركشاير بينيز) التي شكلت في ثلاثينيات وأربعينيات القرن قبل الماضي (القرن التاسع عشر - المترجم) نوعاً من الأصقاع الخلفية الفاصلة بين منطقة (ويست رايدنغ) البرية الريفية ومنطقة مناجم الفحم - إنها بر طبيعي يماثل في بعض سماته تخوم (توتينغهام مشاير - دير بيشاير) حيث أمضى د. ه. لورنس طفولته. إن التماثل الحيوي في مجال الحياة الريفية بينه وبين لورنس ليس هو الشيء الوحيد الذي يثير به هيوز ذكرياتنا حول لورنس.
كتب (ادوين موير) في دراسته حول كتاب (الصقر في عاصفة المطر): (إن الصور التي يخلقها تمتلك ذلك النوع من العنف المثير للإعجاب) وهو نفس العنف الذي يظهر في بيت شعر كتبه (تينسون) في قصيدته (من الذكرى) يقول فيه: (هي طبيعة حمراء في السن والمخلب). وتظهر الحياة البشرية أيضاً في أوصاف النشاط الجسماني الوحشي، وهناك استحواذ خاص لقتال الخنادق الحيواني، الذي جرى في الحرب العالمية الأولى قد غطى الكتابين الأولين، تلك الحرب التي قاتل فيها والد هيوز وأعمامه.
ويمكن النظر للعديد من قصائده على أنها رموز للحياة البشرية، غير أنها على العموم قد عبرت عن نفسها في ذلك الضرب من تدفقات القوة التي فيها يتضبب الفرق بين المدجن وغير المدجن. والمثال المعروف جيداً على ذلك هو إحدى أكثر قصائده ظهوراً في المجموعات الشعرية، وهي (الثعلب الخاضع للتأمل): إنها توفر صورة خصبة للأصل الجسماني والتأثير الجسماني. فالثعلب يتحول إلى قصيدة، والقصيدة تصير الثعلب، إنه حضور يتقارب تدريجياً:
على نحو متألق، وبصورة مركزة،
تسير نحو وظيفتها
لحين، وبجلبة الثعلب الحادة الساخنة المفاجئة
تدخل ذلك الثقب المظلم من الدماغ.
النافذة تصير هادئة وبلا نجوم؛ والساعة تدق
والصفحة تطبع
في القصائد الأولى تتحول الطاقة الجسدية في بعض الأحيان إلى طاقة هائجة ومتنافرة؛ فهناك ثمة تنافر لفظي (على سبيل المثال: يا له من صاخب وعلى أي شيء / الفضاءات الصاخبة للنار تضع الشياطين المضللة / اورجي وهو سانا...) وهناك بيان متمرد (البنادق في مهادها، دمشق، مزرقة، متوهج) لكنه في أماكن أخرى ينجح في تقديم شيء أكثر اقتصاداً بالإجمال، (خشناً) بشكل متساو، ولكن من دون الإفراط في الكتابة المنمقة المتخثرة. وتعتبر قصيدتا (مأوى الصقر) و (مرأى خنزير) مثالين جيدين لذلك، فالأولى هي منولوج داخلي للصقر نفسه تمتلك حساً صريحاً لخطاب غير مزخرف وهي ملائمة جداً للبساطة المتغطرسة للمتكلم:
الحال الملائم للأشجار الباسقة؛
قدرة الهواء على الحمل وأشعة الشمس
هي في صالحي؛
وجه الأرض متجهاً إلى الأعلى يخدم تحرياتي.
قدماي تشبكان بقوة على لحم الشجر القاسي
إنهما تستحوذان على الخلق الكلي
ذلك الخلق الذي يولد قدمي وكل ريشة لدي:
الآن أقبض عليه بين قدمي
أو أحلق به إلى الأعالي وأدور به على مهل..
الشمس تقبع خلفي.
لم يتبدل شيء منذ بدأت.
لم تأذن عيناي بأي تغير.
سأواصل الاحتفاظ بكل شيء هكذا.
أما بالنسبة للبحر فهناك الكثير منه باعتباره مادة الهيولى الأولى الجبارة وباعتباره آكل اليابسة المدمر. ففي قصيدة (البيبراخ)* (من كتاب هيوز Window 1967) يبدو البحر والحجر والريح والشجر جميعها واقعة في قبضة دوامة من التغير والخراب:
*
لحظة إثر لحظة، طوراً بعد طور
لم ينقص أي شيء أو يتطور
وليس هذا تنوع رديء أو اختبار
ما هو إلا ما تقوم به الملائكة المحدقة
وفيه تنحني جميع النجوم
إن هذه الحرب بين الزوال والبقاء، بين النشوء وبين المعركة الفاصلة بين الخير والشر قد تم التعبير عنها بشكل متزايد في صيغ قد تأثرت بالشعر الشفاهي البدائي لعالم ما قبل الكتابة. - الهنود الحمر والأسكيمو - التي تبدو مثل الرقى والتعاويذ الصوفية. وتظهر مثل هذه الملامح واضحة بشكل خاص في قصيدة (الغراب) التي نشرها عام 1970. فهذه الترنيمة التي وصفت من قبل الشاعر في مطلع ظهورها على إنها (ممرات لأبيات الشعر من ما يتعين تسميته بالأسطورة الشعبية الملحمية في الثلثين الأول منها تقريباً) كانت منذ البداية مثيرة للجدل. فبالنسبة للبعض كانت هي قصيدة رفيعة وعملاً من أعمال الموهبة، بل إن الشخصية المركزية فيها، الغرب نفسه قد وصف بأنه (بطل جديد) برغم أن هذا التعبير قد يتضمن معنى ساخراً، وقد كتب آخرون عن (لجوء هيوز الواضح المتعمد إلى صفات القبضة الخنزيرية البدائية والعبارات أحادية المقطع المجهدة) وعن (تكراراته المخدرة الميكانيكية) ومهما كان الإجماع في الرأي فقد دخلت (الغراب) بشكل مؤكد الوعي الخاص بقراءة الشعر، وجرى على نطاق واسع تقليد إسلوبها أو أساليبها بل حتى محاكاتها بشكل ساخر وهذه إشارة صرامة إلى أن ثمة أثر أدبي قد (وصل).
في الغراب شخصيتان أساسيتان - الغراب والآلة. الغراب مرن وداهية ومراوغ، وهو موجود من أجل إنعاش كل أنواع الكوارث، أما الآلة فهو شريكه أحياناً، وأحياناً أخرى يكون خصمه أو منافسه، وغالباً ما يعبر عن حضور إيجابي، يواصل الرقاد بينما ينهض الغراب ليمارس أحابيله المخيفة:
ضحك الغراب
\مزق الدودة ـ ابنة الله الوحيدة
نصفان يتلويان
****
ازدرد نصف الذيل بشكل رجل
مع الطرف الجريح المتأرجح
****
ازدرد نصف الرأس، الرأس أولاً بشكل امرأة
وراحت تدب إلى الداخل، إلى العمق وإلى الأعلى
لتحدق عبر عينيه
داعية نصف الذيل إلى الالتحاق العاجل بسرعة
فياله من وجع ممض.
إن النهج في الغراب هو في الغالب هكذا - سلسلة من الأوصاف الحكائية غير المقيدة لحوادث هزلية بشكل وحشي (أو هي محض وحشية بشكل قاس). وهي بعض الأحيان تتنوع مع تنوع فهرس التعاويذ أو قائمة الأسئلة - الوسائل الشائعة في الشعر الشفاهي الذي أشرت إليه - وهناك بضع مفردات رئيسة مثل - أسود، دم، محطم، مطعون، صرخ. من الصعب تفادي الانطباع بأن المرء يواجه أسطورة عجيبة مثقلة بالخلق والخراب في رزمة واحدة.
ويبدو أن تيد هيوز قد اتبع منذ نشر الغراب طريقين يتواصلان حتى الآن (توفي الشاعر عام 1998 - المترجم). أحدهما في اتجاه التشظي الأكثر شدة ممثلاً في سلسلتي القصائد المسماة (بروميثيوس فوق صخرته) و (البقايا). أما الاتجاه الثاني فرغم إنه قدم على إنه شعر للأطفال، إلا إنه يمتلك كل التوقد الذهني الحاد الذي اتسمت به أعماله الأولى، ولا تقدم حلولاً وسطى برغم أن هناك تمسك أشد في الشكل؛ ويمكن العثور على قصائد من هذا النوع في كتابه المعنون (أغاني الموسم).
=======
البيبراخ: قطعة موسيقية عسكرية أو مأتمية تعزف على مزمار القرية في اسكتلندة - المترجم.
*يلاحظ إن المقتبس الذي أورده الكاتب في مقالته لا يعبر تماماً برأيي عن مضمون عبارة (دوامة من التغير والخراب) التي ذكرها على أساس الاستشهاد به - المترجم.
عن المؤلف
-كان انتوني ثويت محرراً مشاركاً في مجلة حوار منذ عام 1973. قبل ذلك كان محاضراً زائراً للأدب الإنكليزي في جامعة طوكيو، ومخرجاً إذاعياً في محطة بي بي سي. وكان محرراً أدبياً في برنامج (المستمع).
-كان أستاذاَ مساعداً في اللغة الإنكليزية في جامعة ليبياً، ومحرراً أدبياً في مجلة (نيو ستيتزمن).
-نشر ستة دواوين شعرية، ومجموعة شعرية في سلسلة شعراء بنغوين المعاصرين.
-بين منشوراته كتب ذات مواضيع متعلقة باليابان وليبيا وإيطاليا. وكتاب للأطفال حول بريطانيا الرومانية.
-عام 1974 كان أستاذاً زائراً في جامعة الكويت.
-يعيش حالياً في ساوث نورفورك. متزوج وأب لأربع بنات.
 



 

 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة