علي حسين
في تقربر مترجم تنشره (المدى) في عدد اليوم الخميس، تحت عنوان "قلق من تحول العراق إلى منتج لحبوب "الكبتاغون" المخدرة" نقرأ أن العراق "أصبح خلال السنوات الأخيرة ممراً مهماً لتهريب المخدرات وخصوصاً حبوب الكبتاغون، فيما ظهرت مؤشرات في الوقت ذاته تفيد بأن العراق قد أصبح مكاناً أيضا لإنتاج هذه الحبوب".
كان مجلس القضاء العراقي قد نشر قبل أعوام قليلة بياناً قال فيه إن نسبة الإدمان على المخدرات بين الشباب العراقي وصلت إلى 50%، وإن النسبة الأكبر للتعاطي تصل إلى 70 في المئة، في المناطق والأحياء الفقيرة التي تكثر فيها البطالة..
تخيل جنابك مجلس نواب يجتمع مكل يوم لمناقشة قانون البغاء، ويعتقد أعضاءه "الأجلاء" أننا بلد فاسد يجب تقويمه، وان هذا الشعب بحاجة الى حملة تعيد امجاد خير الله طلفاح في مطاردة الفتيات والفتيان ، هذا البرلمان مشغول البال بالجندر وأصحابه، لكنه يصمت ويضع رأسه في الرمل وهو يقرأ التقارير التي تؤكد أن العراق وبفضل قوانين برلماننا "الشجاع" على قائمة الدول الأكثر تعاطياً للمخدرات، ولا ننسى أيضاً الأكثر نهباً للمال العام. مئات التقارير التي تحذر من خطر انتشار المخدرات في العراق، فماذا حدث؟.. لا شيء في هذه الدولة التي انتفضت لحفلة غنائية، لكنها تصمت، عندما يتعلق الأمر بجرائم قتل وتعذيب النساء، فحين يهتف الجميع بصوت واحد: كلا كلا للرفاهية الاجتماعية، لا تحدثني عن ملفات البطالة، ونسبة الفقر، فهذه أمور بسيطة تُحل بخطاب "ثوري" عاصف.
من المؤكد أنّ كثيراً من العراقيين يشعرون بالحسرة وهم يشاهدون كل يوم أمماً وشعوباً كثيرة تتحرك لتعديل أوضاعها، أو تصحيح بعض الأخطاء في مسيرتها، إنّ ما يفرقنا عن هذه الأمم التي تسعى دوماً إلى تصحيح أوضاعها المتردية أنهم يملكون قوى حيّة وفاعلة للتغيير، في الوقت الذي لاتزال مدننا تخرج للاحتجاج على الأوضاع المأساوية، إلا أن الساسة لا يزالون يفكرون في الفرق بين حكومة أغلبية وحكومة توافقية، وأيهما كاملة الدسم؟ ! .
اليوم لدينا إعلام يوجه أطناناً من تهم الفساد كل لحظة للعديد من المسؤولين، كباراً وصغاراً، لكنّ معظمهم يطبقون نظرية اتركوهم يكتبون ويصرخون حتى لو كان الفساد مقروناً بوثائق، وبعض الفاسدين يتبجحون علناً بفسادهم.
والآن دعونا نتساءل: هل من أجل كراسي البرلمان طالب العراقيون بالتغيير؟ أو من أجل هؤلاء وغيرهم عشرات ابتهج أهالي البصرة والأنبار والموصل وبغداد وميسان وذي قار بانتهاء عصر الدكتاتورية ليجدوا أنفسهم محاصرين بـ"تقلبات" الساسة وصراعاتهم .
نعيش مع وجوه متعددة للفساد، بل يمكنك عزيزي القارئ أن تقول إنك تشاهد كل يوم مسرحية "الفساد للفساد"، فساد من من كل لون، بدأ بإغراق المجتمع بخطب وشعارات فاسدة، واستمر الفساد ينمو وينتشر، حتى وصل إلى ان نتحول الى منتج للمخدرات .