قبل أحداث داعش كانت مع المناطق المحيطة بها تؤمن سلة بغداد الغذائية لكثـرة بساتينها ومزارعها والانهار التي تشق اراضيها الخصبة والمتفرعة من دجلة الخير. فقد كانت الشاحنات والسيارات المختلفة الأحجام والأنواع تقف على مشارفها لنقل الفواكه والخضراوات وشتى ا
قبل أحداث داعش كانت مع المناطق المحيطة بها تؤمن سلة بغداد الغذائية لكثـرة بساتينها ومزارعها والانهار التي تشق اراضيها الخصبة والمتفرعة من دجلة الخير. فقد كانت الشاحنات والسيارات المختلفة الأحجام والأنواع تقف على مشارفها لنقل الفواكه والخضراوات وشتى المحاصيل الزراعية، اضافة الى الدواجن ومنتجات الألبان، لكن داعش والحرب عليه حولتها وما يحيط بها من قرى الى ارض جرداء احتلتها الأدغال والحشائش التي نمت وتكاثرت وغزت كل الأراضي الأخرى أسوة بداعش وافعاله الإجرامية حتى غدت مدينة اشباح لاحياة فيها.
تعويض الأضرار وفتح الأنهار
ابو سعد ،صاحب احد البساتين في ناحية الخيرات والذي تبلغ مساحته 100 دونم، بيّن لـ(المدى): كانت الارض مزروعة بشتى انواع الفاكهة الصيفية والأعناب والنخيل. مضيفا: كانت شاحنات التجار تأتي من كل صوب في بغداد لشراء وتحميل المنتوج. مبيناً: كان كل شيء يدعو ويحث على العمل وزيادة الانتاج.
يستطرد ابو سعد وهو يسحب تنهيدة طويلة : بعد الأحداث الأخيرة ودخول داعش الى المنطقة ساءت الأمور كثيرا وسدت الطرق الى العاصمة. مبيناً: ان خطف ابنه ومساومته على مبلغ مالي كبير اضطره لترك بيته وبستانه حفاظاً على حياته وعلى سلامة عائلته بعد تلقيه تهديدات عدة. مردفا: بعد تحرير المنطقة والعودة اليها وجدنا ان كل شيء تحوّل الى حطام ودمار، فالبيت تهدم بالكامل والبستان أحرق عن آخره. منوهاً الى: ان المرحلة المقبلة تحتاج الى جهود كبيرة من قبل الحكومة ووزارة الزراعة بشكل خاص وتعويض المزارعين واعادة فتح الأنهار وتنظيفها من اجل استعادة الزراعة.
50 % من الأراضي دمرت
مدير ناحية الخيرات محمد الجنابي بين ،في حديثه لـ(المدى )، ان حجم الدمار الذي تعرضت له تلك المناطق اثناء العمليات العسكرية كبير جدا. موضحا: تبلغ مساحة ناحية الخيرات اربعة عشر الف كيلو متر مربع دمر اكثر من 50% منها اثناء المعارك العسكرية مع التنظيمات الإرهابية. مؤكداً على: الجهود التي تبذلها الناحية وكوادرها في توفير الخدمات للمواطنين وخصوصا المزارعين حيث تم ايصال المياه الى بعض المناطق التي شهدت عودة العوائل. مطالباً: المنظمات الدولية بتوفير الدعم للمناطق المتضررة.
خسارة بمليار دينار !
المواطن كاظم حسن تحدث ،وهو يتحسر على حال مزرعته وحقل الدواجن اللذين تحولا الى ركام، اذ يقول لـ(المدى) : كانت المزرعة وحقل الدواجن يمولان الكثير من محال واحياء العاصمة القريبة من الكرمة. مبينا: ان خسارته تبلغ قرابة المليار دينار. منوهاً الى: ان حقل الدواجن كان يضم قاعات كبيرة واجهزة تفقيس حديثة . متسائلا عن: الكيفية التي سيبدأ بها من جديد وحيرته بين النزوح والعودة للكرمة المهدمة.
وطالب حسن: الجهات الحكومية المعنيّة بضرورة الإسراع بجرد وتعويض المزارعين الذين دمرت مزارعهم. مشددا ان : على دائرة القطاع الزراعي في قضاء الكرمة توفير المتطلبات التي يحتاجها الفلاح كونه سيبدا من مرحلة الصفر في زراعة تلك المساحات الشاسعة التي تحولت الى ارض محروقة تحتاج الى جهود كبيرة لاستعادة خيرها الوفير.
الطرق التقليدية القديمة
عضو لجنة الفلاحين في قضاء الكرمة طه حمادي تركي ذكر بحديثه لـ(المدى): ان مساحة قضاء الكرمة بالكامل تقدر بأربعة عشر الف كيلو متر مربع. موضحا: ان اغلب هذه المساحة دمرت اثناء العمليات العسكرية باستثناء جزيرة الكرمة التي تقدر مساحتها بالف كيلو متر مربع والتي تعتمد الان على طريقة السقي بالمرشات من مياه الآبار (المياه الجوفية).
وأضاف تركي: ان قضاء الكرمة يشكل موقعا مهما في الزراعة بالنسبة للعاصمة بغداد والمحافظات المجاورة لها. مؤكدا: ان انقطاع تلك المحاصيل نتيجة تدمير المزارع تسبب بخلق ازمة في توفيرها للمواطنين وبشكل خاص الخضراوات والأسماك ومنتجات الدواجن. منوها الى: ضرورة اعداد خطة تأهيل وتطوير للزراعة في الكرمة ومحيطها.
الاعتماد على المستورد
قيصر العتابي ،صاحب علوة لبيع والفواكه والخضر في العاصمة بغداد، قال بحديثه لـ(المدى): كانت مناطق حزام بغداد توفر القسم الاكبر من حاجة العاصمة بغداد. مردفا: ان تضرر الزراعة في حزام بغداد نتيجة داعش والأعمال العسكرية تسبب بتعطيل الكثير من الأعمال. لافتا الى: اهمية دعم الفلاحين واعادة احياء الزراعة في حزام بغداد وتوفير الحماية اللازمة للمزارعين. فيما ذكر حسام حسين ،صاحب محل لبيع الخضروات والفاكهة، لـ(المدى): بعد دخول داعش الى حزام بغداد اعتمدنا على المنتج الزراعي المستورد. موضحا: ان تضرر القطاع الزراعي في الحزام تسبب بتضرر الكثير من اصحاب المهن والاعمال الحرة مثل العتالين واصحاب سيارات الحمل, مشددا على: اهمية اعادة الروح والحياة لمنطاق الحزام المشهورة باراضيها الخصبة ومياهها الوفيرة.
عدم امتلاك الأموال لتعويض الخسائر
قائممقام قضاء الكرمة احمد خلف الدليمي اكد ،في حديث لـ( المدى)، على ضرورة دعم القطاع الزراعي في كل مناطق القضاء . مبينا انه: اوعز بنقل دوائر الزراعة الى المواقع البديلة والقريبة على المركز في القضاء. موضحا ان: القضاء لايمتلك القدرة على دعم الفلاحين. مطالبا: محافظ الأنبار والحكومة المركزية بدعم القطاع الزراعي في المناطق المنكوبة باعتبار قضاء الكرمة من اكثر المناطق المتضررة أثناء العمليات العسكرية. في حين دعا مجلس شيوخ الكرمة الى دعم دولي للفلاحين، اذ اوضح الشيخ حسين علي مسير في حديثه لـ(المدى ) ضرورة توفير دعم دولي للفلاحين في المناطق المتضررة خصوصا التي حدثت فيها معارك مع تنظيم داعش الارهابي. لافتا الى: ان تضرر القسم الأكبر من الأراضي يقف حائلا أمام استعادة القضاء لمكانته الزراعية على مستوى البلاد او العاصمة التي يؤمن جزءا كبيرا من سلتها الغذائية.