مسرحيات تحفل بالعنف الوحشي

مسرحيات تحفل بالعنف الوحشي

لقد أصبح الكتّاب المسرحيون المعاصرون، المتأثرون بهوليوود أكثر مما بشكسبير و الإغريق، مرتاحين على نحوٍ متزايد لفصل العنف عن النزاع في قلب العدالة المعقد،. فالبنادق، و السكاكين، و الأسلحة الأخرى هي الآن في خطر أن تُصبح إضافياتٍ تجتذب الانتباه في تحولات القتل التي لا يمكن لثقافتنا الشعبية أن تحصل على ما يكفي منها و التي ربما هي التجلي الأنقى لمجتمع يضحي بتلاميذ المدارس أكثر مما بقوانين الأسلحة النارية المعدّلة ، كما جاء في مقال تشارلس مكنَلتي، الناقد المسرحي لصحيفة لوس أنجلس تايمس.
إن كوميديات الكاتب المسرحي الأميركي مارتن مكدوناغ الموجعة تتّسم بالمرح على نحو لا يمكن إنكاره، لكنها جزء من نزعة مقلقة تحتفي بالعمل لأسلوبه أكثر مما لعقليته، و لفنيته أكثر مما لرؤيته الفنية. و يمكن القول إن ذلك المشهد في مسرحية تريسي ليتس (جو القاتل ) الذي يعتدي فيه جو جنسياً على امرأة منافقة بعصا القرع على الطبل هو مشهد يمكن أن يكون قد أثر على أسلاف الكاتب المسرحي الانكليز في القرن 17، لكن المسرح يكون على منحدر زلِق حين يحاول أن يتنافس مع التاكتيكات الرهيبة لصناعة الأفلام.
إن المسرح فضاء مجازي في الأساس، فضاء يدعو إلى التحري النقدي. فالكلمات تتّسم بنفس الامتداد مع الصور، خلافاً لما في الفيلم، و تحديدات المسرح ذاتها تتيح فوائد فكرية.
أما كوميديات الكاتب البريطاني هارولد بنتر عن التهديد بالخطر، التي تطرح الطبيعة الإقليمية territorial للبشر عاريةً بلغةٍ تكون حادةً كالمِدية، فإنها تتّسم بنوعية إيحائية تجذبني على مستوىً أعمق مما تفعله هزليات مكدوناغ الكادمة، التي تصدمني بكونها أكثر أخذاً من أفلام كوينتين تارانتينو، الذي تسبق رغبته في الترفيه قدرته على التفكير. ( و كان الثناء على " جانغو محرّراً " بالنسبة لي واحداً من أكثر وقائع نهاية العام إثارةً ، خاصةً في التبرير المستقيم لعملٍ أضعف مصداقية وصفه التاريخي لوحشية الاستعباد بتعامله مع الموت العنيف كنكتة تكرارية على نحوٍ ممل من نكات الثقافة الشعبية pop-cultural. )
و قد يبدو هذا مفرطاً في الاحتشام، لكن لم تكن لدي أية مشكلة في تقييم مسرحية سارة كين " ملعون Blasted "، التي يجري فيها، ربما في محاولة للتفوق في العنف الوحشي على كلٍ من مسرحيتي الملك لير و Saved، أكل عينين و طفل في دراما رؤيوية apocalyptic تُشعل حرباً في مشهد غرفة فندق فاخر. لكنني أفكر عندئذٍ بأن من المهم ملاحظة نقطة الأفضلية لدى فنانة تجعل العنف موضوعاً لها. و كانت كين، التي سارت على هواها في سن 28 عاماً، تملأ المسرح بعذاب لا يُطاق. لكن الصور الكابوسية في مسرحياتها تسكنها بشكلٍ عميق المؤلفة، التي لم تخفق أبداً في تسجيل كلفة الرعب الانفعالية.

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top