جانٍ .. وضحية: مدفع السحور.. جاء متأخراً !!

جانٍ .. وضحية: مدفع السحور.. جاء متأخراً !!

كانت ليلة من ليالي رمضان، تناول الزوج (س) فطوره على عجل وارتدى ملابسه وودّع زوجته، كان الأمر عادياً، لكن لسبب تجهّله، دمعت عينا الزوجة. ابتسم في وجهها وهَمَّ بالخروج الى عمله بمحطة الوقود الخاصة في طريق بغداد باتجاه التاجي. عقارب الساعة تجاوزت الثامنة مساءً. صديقه نادى عليه وهو من داخل محطة الوقود، ولبّى نداء صديقه. جلسا معاً يتجاذبان أطراف الحديث، فالليل طويل، وسوف تنتهي السيارات من الدخول الى المحطة للتزوّد بالوقود بعد ساعتين، ويخلو الشارع من المارّة والسيارات. وظن الإثنان أنّ هذه الليلة كسابقتها ستمر بسرعة !
وبينما كان المُجنى عليه (س) يغسل أرضية المحطة وإدارتها من الداخل، كانت الساعة تقارب العاشرة مساءً، سوف يغلقان المحطة ويبدآن الحراسة بالتناوب الى حين موعد السحور.. إلاّ أن المفاجأة كانت تستعد للاقتحام وتفسد جو الأمان في المحطة: ثلاثة ملثمون يرتدون قفازات سود وكليتات تغطّي كل ملامح وجوههم إلا العينين، يحملون بين أيديهم بنادق كلاشنكوف ينزلون من سيارة سوداء اللون، وبسرعة دخلوا المحطة، وطلبوا من (س) تسليمهم إيراد المحطة اليومي. رفض الرجل وهو يرتجف وصديقه الى جواره.. وما كان من الملثمين الثلاثة إلاّ أن أطلق أحدهم عدة أعيرة نارية في الهواء لإرهابه وصديقه، لكن (س) رفض أن يفتح القاصة، فهو مؤتمن عليها حتى ولو كان الثمن حياته. فما كان من المسلحين إلاّ أن أطلقوا عدّة أعيرة نارية عليه أودت بحياته على الفور.
في هذه الأثناء، ساد جوٌ من الرعب في غرفة الإدارة وامتلأت بدماء المُجنى عليه الذي أصبح جثة هامدة، ثم قاموا بفتح القاصة وسرقة أكثر من (50) مليون دينار، ثم اعتدوا على صديقه بأخمص البنادق وأوقعوه أرضاً وهو فاقد الوعي ولاذوا بالفرار! لم تمر سوى دقائق، حتى حضرت إحدى السيارات للتزوّد بالوقود، فاكتشف سائقها جثة (س) ملقاة على أرضية الإدارة وصديقه في حالة إعياء شديد. اتجه السائق الى إحدى الدوريات القريبة في الشارع العام، وأخبرهم بما شاهده في محطة الوقود. حضرت مجموعة من الجنود وضابط السيطرة الى المحطة، وبدأت بالتحقيق في واقعة التسليب. ظنّت الشرطة أن المسألة كلها لن تستغرق أياماً قليلة وسوف يتم القبض على المتهمين وتقدّمهم للعدالة. المعلومات التي جمعتها الشرطة عن المُجنى عليه تؤكد إنه حسن الأخلاق ولم يمر على زواجه سوى عشرة شهور، وأسرته متوسطة الحال. والده يعمل نجاراً أقعده المرض عن العمل. لا توجد بينه وبين أيّ أحد مشكلات أو عداوات حتى زميله في المحطة لم يشاهد هؤلاء أو يتعرف عليهم أو استطاع أن يحدد ملامحهم للشرطة، لأنهم كانوا يرتدون كليتات تغطّي كل الوجه ويستقلون سيارة "جمسي" سوداء اللون وبدون لوحات معدنية. يبدو أنها جريمة غامضة تُضاف الى الجرائم الإرهابية والسطو المسلح الذي أخذ ينتشر على الطرق الخارجية .

 

إفادة الأب
في اثناء تدوين إفادة الأب، ذكر أمام القاضي: ابني هو الذي ينفق على المنزل. قتلوا ابني وزوجته التي كانت على وشك الإنجاب، ولدت له طفلة صغيرة هي الآن تسأل عن أبيها وتعتقد أن كل واحد يأتي الى هنا هو والدها. لن يرتاح قلبي إلاّ بعد القبض على الجناة الذين قتلوا ابني... حينما أشاهد ابنته أمامي وهي تلهو وتلعب، أبكي من شدّة التأثر على مستقبل ومصير هذه الطفلة التي قتل والدها دون أن تراه أو يراها هو.. ما ذنب هذه المسكينة ؟ أسأل نفسي، متى يتم القبض على المجرمين الذين أصبحوا جزءاً من مافيات داعش المنتشرة في أكثر من مدينة.

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top