تشريعات دستوريّة لم تُنجز..ضغوط من الحكومة تُرحِّل قانون هيئة الإعلام إلى الدورة المقبلة

تشريعات دستوريّة لم تُنجز..ضغوط من الحكومة تُرحِّل قانون هيئة الإعلام إلى الدورة المقبلة

 بغداد/ محمد صباح

استعانت هيئة الإعلام والاتصالات بمجلس الوزراء ومستشاريه القانونيين لتعطيل إقرار قانونها الجديد خلال الدورة البرلمانية الحالية.
ورغم أنّ التشريع وصل إلى مراحله النهائية، نجحت الهيئة بكسب تأييد مكتب رئيس مجلس الوزراء لصالحها وإيقاف العمل بالقانون الذي ينظم عملية جباية الأموال من شركات الهاتف النقال والطيف الترددي من القنوات الفضائية.
وتُتّهم الهيئة بعدم الوضوح في الكثير من الملفّات أبرزها جباية الأموال من شركات الهاتف النقال، ومقدار نسبتها من الأموال التي تتم جبايتها استناداً إلى قانونها النافذ الذي يمنحها حق إيداع أموال الجباية في خزينتها وليس في خزينة الدولة.
وتتنافس الكتل المتنفذة في ما بينها على رئاسة هيئة الإعلام والاتصالات والتمثيل فيها، لما تتمتع به من أموال طائلة جعل رؤسائها عرضة إلى المساءلة والاستجواب من قبل مجلس النواب.
وقدّم عدد من النواب وثائق إلى هيئة النزاهة تثبت تورط بعض أعضاء هيئة الإعلام والاتصالات بملفات فساد مالي وإداري تدور معظمها على جباية الأموال من شركات الهاتف النقال بطرق غير شرعية.
وعن كواليس هذه القضية، يقول رئيس لجنة الخدمات والإعمار البرلمانية ناظم الساعدي في حديث مع (المدى) "هناك حزمة كبيرة من القوانين المهمة رحلت إلى الدورة البرلمانية المقبلة بعدما اصطدمت بخلافات برلمانية حادة وقوية".
ويضيف الساعدي في حديثه قائلا إن "قانون هيئة الإعلام والاتصالات من بين أهم القوانين التي عطلت خلال الدورة البرلمانية الحالية، بسبب الخلافات بين الكتل البرلمانية من جهة وبين لجنتني الثقافة والخدمات والإعمار البرلمانيتين من جهة اخرى".
وسبّب تداخل الصلاحيات بين لجنتي الخدمات والإعمار، والثقافة والإعلام البرلمانيتين، أزمة نيابية ألقت بظلالها على استكمال مناقشة مقترح قانون هيئة الإعلام والاتصالات الذي قدم للتصويت في أكثر من جلسة من قبل لجنة الثقافة البرلمانية.
وعلى مدار ثلاث سنوات ماضية حاولت أطراف برلمانية متعددة تشريع قانون هيئة الإعلام والاتصالات، لكن محاولاتها اصطدمت بالحراك الذي تقوده الهيئة.
وتمكنت الهيئة المدعومة من قبل كتل برلمانية نافذة، من تعطيل هذا التشريع الذي يلزمها بالكشف عن الأموال المتحصلة من قبل شركات الهاتف النقال.
ولجأت القوى البرلمانية المتنفذة والمعارضة على إقرار القانون الجديد إلى أسلوب الانسحاب من الجلسات البرلمانية التي يعرض فيها القانون للتصويت، ووفقاً لهذه الستراتيجية نجح الفريق المعارض للتشريع بكسر نصاب العديد من الجلسات ونجحت بترحيل القانون.
ويشوب عمل هيئة الإعلام والاتصالات الكثير من الملاحظات والتهم التي تتعلق بمخالفات قانونية وإدارية في الكثير من الملفات التي أطاحت برئيسها السابق صفاء الدين ربيع وإقالته بعد استجوابه في مجلس النواب.
ودائماً ما توجه تهم إلى هيئة الإعلام والاتصالات بمحاباة شركات الهاتف النقال وعدم محاسبتها في تسديد الأموال المترتبة بذمتها الى خزينة الدولة التي تقدرها بعض المصادر بما يزيد على 500 مليون دولار.
وكان مصدر برلماني قد كشف لـ(المدى) قبل أكثر من شهرين، عن وجود حراك تقوده هيئة الإعلام والاتصالات مع مجموعة من النواب بدعم مالي من قبل شركات الهاتف النقال يسعى لإجهاض المحاولات الرامية لتشريع قانون هيئة الإعلام في الدورة البرلمانية الحالية.
يتساءل البعض، هل المطلوب أن نشرع قانوناً لهيئة الإعلام والاتصالات على وفق ما تريده شركات الهاتف النقال المتلكئة في تسديد الديون المترتبة بذمتها أم ماذا؟
وكانت حكومة حيدر العبادي قد سحبت عام 2015 جميع القوانين التي سلمتها حكومة نوري المالكي الى مجلس النواب والتي يقدر عددها بنحو 100 قانون من اجل دراستها وتدقيقها من قبل المستشارين القانونيين من ضمنها قانون هيئة الإعلام والاتصالات.
وباغتت الحكومة لجنة الثقافة البرلمانية بإرسالها مشروع قانون لهيئة الإعلام والاتصالات إلى لجنة الخدمات التي قدمت القانون للقراءة الأولى في مجلس النواب في وقت كان مقترح قانون لجنة الثقافة البرلمانية في آخر مراحله تشريعة.
واستكملت لجنة الثقافة والإعلام مناقشة مقترح قانون هيئة الإعلام والاتصالات وأرسلت نسخاً منه إلى الكتل البرلمانية وأخذت بكل مقترحاتها وبات جاهزاً للتصويت، في وقت يقابلها مشروع قانون في أدراج لجنة الخدمات مكتمل وجاهز للتصويت ايضا.
وتعمل هيئة الإعلام والاتصالات منذ تأسيسها عام 2004 بقانون سلطة الائتلاف المؤقتة رقم 65 الذي يقول ان الأموال التي تأتي إلى هيئة الاعلام والاتصالات تذهب إلى خزينة الهيئة وليس إلى خزينة الدولة في حين أنّ القانون الذي عطل في البرلمان يجبرها على تسديد الأموال للدولة .
ويرى البعض أنه بسبب الأجور الباهظة التي تفرضها هيئة الإعلام والاتصالات على الطيف الترددي للإذاعات والفضائيات قللت من وسائل الإعلام المستقلة مالياً وجعل وسائل الإعلام إما أن ترتبط بجهة سياسية أو دولة خارجية.
ويلفت الساعدي، وهو نائب عن ائتلاف دولة القانون إلى "تحفظات القوى الكردية التي تريد ان تكون إدارة الكابل الضوئي من قبل الشركات وليست الحكومة الاتحادية في حين إن التحالف الوطني يريد أن تكون عملية الإدارة من قبل الحكومة الاتحادية".
ويشير النائب ناظم الساعدي الى أنه "بعد انتهاء الدورة البرلمانية ستعاد القوانين إلى مراحلها لأولى التي ستعرض للقراءة الأولى والثانية ومن ثم التصويت في الدورة البرلمانية ذاتها".
وينص قانون الهيئة النافذ رقم 65 لسنة 2004، على أن يعيّن رئيس مجلس الوزراء أعضاء مجلس الأمناء، ويقوم الأخيرون بتعيين شخص لإدارة الجهاز التنفيذي يعمل تحت إشرافه ورقابته.
بدوره، يوضح عضو لجنة الثقافة والإعلام البرلمانية محمد الطائي أن "هيئة الإعلام والاتصالات ماطلت وسوّفت وتقدم الأعذار ولم تلتزم بالمواعيد التي حددت لها من قبل لجنة الثقافة والإعلام لمناقشة قانوها في أكثر من اجتماع".
ويضيف الطائي في تصريح لـ(المدى) أن "هيئة الإعلام والاتصالات لجأت مؤخراً إلى مكتب رئيس مجلس الوزراء من أجل تعطيل إقرار قانونها في مجلس النواب بعدما اعتبرت نفسها تابعة إلى مجلس الوزراء"، مبيناً أنها "حاولت إرسال انطباع إلى مجلس الوزراء بأنها مرتبطة به".
يوضح الدستور العراقي في المادة 103/ أولاً:- يُعدّ كل من البنك المركزي العراقي، وديوان الرقابة المالية، وهيئة الإعلام والاتصالات، ودواوين الأوقاف، هيئات مستقلة مالياً وإدارياً، وينظم القانون عمل كل هيئةٍ منها.
ثانياً:- يكون البنك المركزي العراقي مسؤولاً أمام مجلس النواب، فيما يرتبط ديوان الرقابة المالية وهيئة الإعلام والاتصالات بمجلس النواب.
ويتساءل الطائي عن "كيفية اقتناع المستشارين القانونيين في مكتب رئيس الحكومة حيدر العبادي بارتباط هيئة الإعلام والاتصالات بمجلس الوزراء وليس بمجلس النواب"، موضحاً أنه "أثناء النقاش مع مستشاري العبادي وممثليه يدافعون عن هيئة الإعلام والاتصالات وينقلون آراءها في أكثر من مرة".
ويؤكد الطائي أن "مستشاري العبادي يريدون جعل هيئة الإعلام والاتصالات تابعة لهم ايضا، بمعنى أنهم اشتركوا في عملية التعطيل من حيث يدرون أو لا يدرون"، كاشفاً عن "تقديم ملفات فساد على هيئة الإعلام والاتصالات من قبل عدد من النواب في هيئة النزاهة بخصوص أموال شركات الهاتف النقال".
ويلفت النائب عن محافظة البصرة الى أن "عدم الوضوح من قبل الهيئة في الكثير من الإجابات التي تتعلق بالأموال التي تمت جبايتها من شركات الهاتف النقال وكذلك مقدار نسب الهيئة من هذه الأموال"، موضحا أن "قانون رقم 65 وأمر سلطة الائتلاف ورقم 66 المعدل يبقي القضية عامة وغير واضحة".
وأجرت الجمعية الوطنية تعديلات بسيطة على رقم 65 وأمر سلطة الائتلاف وأصدرت تعديلا جديداً يحمل رقم 66 من اجل تنظيم عمل هيئة الإعلام والاتصالات.
ويتابع الطائي أن "لجنة الثقافة البرلمانية حاولت أن تنظم عملية جباية الأموال ومعرفة كل التفاصيل والمتعلقات التي تخص عمل هيئة الإعلام والاتصالات".

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top