مشادات العبادي وفصائل الحشد بشأن رواتب المقاتلين تتواصل بعد انتهاء عمر حكومته

مشادات العبادي وفصائل الحشد بشأن رواتب المقاتلين تتواصل بعد انتهاء عمر حكومته

 بغداد/ وائل نعمة

حتى آخر يوم له في منصبه لم يكن رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي مستعداً لزيادة رواتب الحشد الشعبي، المنصوص عليها في قانون شرّعه مجلس النواب قبل عامين، ودعمه العبادي هو نفسه بقرارين حكوميين بعد ذلك.
وبحسب رواية العبادي المعلنة فإن "التخصيصات المالية" ومجلس النواب أعاقا في الفترة الاخيرة من ولايته تحقيق ذلك، لكنّ مصادر مطلعة في هيئة الحشد تقول ان "السبب هو وجود الفضائيين (أسماء وهمية)"، وهو ما لم يعلنه العبادي بشكل صريح.
في نهاية 2014، بعد 3 أشهر فقط من تسلم العبادي منصب رئاسة الوزراء، انتقد مقاتلو الحشد تأخر الرواتب، وحينها قال أعضاء في لجنة الامن والدفاع في البرلمان إن "العبادي يشك بوجود فضائيين".
وكان العبادي قد كشف حينها عن وجود 50 ألف "فضائي" في وزارة الدفاع، وهو أمر لم يستطع إثباته بعد ذلك بشكل واضح.
وبعد انطلاق عمليات التحرير ضد "داعش" ومشاركة الحشد الشعبي بشكل كبير في تلك الاحداث، أصدر العبادي، في تموز 2016، أمراً ديوانياً يقضي بهيكلة قوات الحشد وتحويله الى جهاز موازٍ لجهاز مكافحة الإرهاب من حيث التدريب والتجهيز والقوانين.
وعلى ضوء ذلك القرار شرّع البرلمان نهاية 2016 قانوناً لتنظيم أوضاع الحشد. ونص القانون على أنّ "الحشد" جزء من المنظومة الأمنية ويخضع للقوانين العسكرية.
وفي موازنة العام التالي، 2017، وضع البرلمان بنداً خاصاً في المادة 52 تقرر زيادة رواتب "الحشد" لتساوي أقرانهم في المؤسسات الامنية الاخيرة، لكن العبادي لم يصرف الزيادة.
نهاية العام نفسه ومع بدء الاستعدادات لخوض الانتخابات التشريعية الاخيرة أعلن العبادي في مؤتمر صحفي ان "مخصصات الحشد الشعبي تذهب إلى بعض الأحزاب لتمول حملاتها الانتخابية"!
قبل ذلك كان رئيس الورزاء السابق قد قال في تموز 2017: "دعمنا للحشد الشعبي مستمر وقمنا بزيادة موازنته، إنني استغربت تقليل رواتب الحشد بعد زيادة مخصصاته وأمرت بإجراء تحقيق بالموضوع لكن البعض رفض ذلك"، وأضاف "أننا نريد ضمان أن تذهب هذه الأموال إلى المقاتلين وليس لتوظيف أشخاص أو تمويل حملات انتخابية".
ووجّه العبادي في شباط من نفس العام، المفتش العام لهيئة الحشد الشعبي بالتحقيق في آلية توزيع الرواتب لمقاتلي التنظيم، فيما شدد على ضرورة ضمان آلية "عادلة" لتوزيعها. وتعهد العبادي لاحقا بزيادة مخصصات الحشد الشعبي ابتداء من شهر أيار.
وأكد العبادي في آذار 2017، أمام وزراء خارجية دول التحالف الدولي ضد داعش في واشنطن، أنه "لن يسمح للحشد الشعبي، بالمشاركة في الانتخابات البرلمانية العراقية، بشكله الحالي".
وجاء عام 2018 ولم يكن في الموازنة أي تخصيصات للحشد، وعلى إثر الضغوطات قرر العبادي العدول عن رأيه وإطلاق الزيادة في آذار من نفس العام وأكد مساواتهم بأقرانهم في وزارة الدفاع، وخصص البرلمان حينها من دفعة الطوارئ التي بلغت 3 ترليونات دينار جزءا للحشد، لكن العبادي لم ينفذ أيضا.
وفي فورة أحداث البصرة، التي شهدت أعمال عنف، أصدر العبادي أمراً ديوانياً آخر في أيلول الماضي، أكد فيه زيادة الرواتب للمرة الاخيرة، وهو ماتسبب بالجدل الاخير بينه وبين قوى سياسية قريبة من الحشد.

آخر أيام حكومة العبادي
ويقول النائب عن الفتح عدي عواد رئيس منظمة عصائب أهل الحق في البصرة، أحد فصائل الحشد الشعبي، لـ(المدى) امس إن "العبادي ألغى في آخر جلسة لمجلس الوزراء السابق قرار الزيادة".
واضاف عواد ان "العبادي ينقض وعوده، وأراد تحجيم دور الحشد إرضاءً للولايات المتحدة". كما قال إن رئيس الوزراء السابق منع أكثر من مرة مشاركة الحشد بعمليات التحرير وعرقل تسليحهم.
وردّ العبادي على الاتهامات الاخيرة بالنفي. وقال في بيان نشره مكتبه على الرغم من انتهاء مهامه إن حكومته اتخذت قبل شهرين "قراراً بزيادة رواتب الحشد بمبلغ 25 مليار دينار في الشهر ويكون المبلغ الكلي 300 مليار دينار في السنة اي بمعدل زيادة قدرها 24% ليكون راتب المقاتل الحشدي يساوي راتب الجندي".
وأضاف البيان أن "الزيادة تمت ابتداء من الشهر الماضي ولم يتم إطلاقاً إلغاء هذا القرار في جلسة لاحقة لمجلس الوزراء السابق". وأضاف أن "ادعاء الإلغاء كذب صريح ،فقرارات مجلس الوزراء مثبتة وتنشر".

شكوك بوجود فضائيين
مصادر داخل الهيئة قالت لـ(المدى) أمس إنّ السبب الرئيس وراء تردد رئيس الوزراء السابق بعدم صرف الرواتب "هو عدم اطمئنانه لأعداد المنتسبين المسجلة في هيئة الحشد الشعبي".
وأكدت المصادر التي طلبت عدم كشف هويتها أن "العدد الرسمي المسجل هو 120 ألف منتسب، وهو عدد لم يتم تدقيقه بسبب رفض بعض الفصائل قيام لجان من الهيئة والحكومة بإحصاء المقاتلين".
وبحسب المصادر فإن مفتش الهيئة وهو تابع لأحد الأحزاب السياسية "يتعرض لضغوط كبيرة" من بعض الفصائل، تمنعه من فتح أي ملف أو تدقيق الأرقام. وتابعت المصادر أن "هناك زيادة على العدد السابق نحو 30 ألفاً، فضلا عن محاولة بعض الفصائل إعطاء رواتب لأشخاص يقاتلون خارج العراق".
وكان العبادي قد ألمح في أيار الماضي، عقب مقتل المدير المالي لهيئة الحشد قاسم ضعيف (اغتيل نهاية نيسان الماضي في بغداد)، كان بسبب كشفه ملفات فساد.
وفي آب الماضي، حين اشتدّ الخلاف بين العبادي وحليفه السابق ورئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض، الذي انتهى بإعفاء الأخير من منصبه، تسربت وثائق صادرة عن وزارة المالية تستفسر عن وجود فروقات برواتب بعض ألوية الحشد.
وعيّن العبادي نفسه بديلاً عن الفياض في رئاسة الحشد، وهو مازال في المنصب بحسب مصادر سياسية، حيث لم يؤد اليمين الدستورية كنائب حتى الآن.
وأول من أمس قال رئيس الوزراء الجديد عادل عبد المهدي انه سيبحث "عن مصادر مالية لدعم وجود الحشد بقوة".
من جهته قال رئيس عصائب أهل الحق في البصرة عدي عواد انه في حال وجود شكوك بوجود "فضائيين" في الحشد الشعبي، فإننا ندعو الى تحويل رواتب المنتسبين إلى البطاقة الإلكترونية لمنع أي تزوير.
إلى ذلك نفى النائب عن تحالف النصر الذي يتزعمه العبادي، يوسف الكلابي لـ(المدى) أمس: "وجود أسماء وهمية في الهيئة".
وقال الكلابي وهو المتحدث الأمني السابق للحشد الشعبي: "كانت هناك استبدالات سريعة في المعارك بسبب الشهداء والجرحى أحدثت إرباكاً في قوائم المسجلين في الهيئة".

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top