بغداد/ زينب المشاط
عدسة/ محمود رؤوف
مُلحّن وموسيقار اهتمّ بشكل خاص بأغنيات الأطفال، كما أسس أول فرقة موسيقية خاصة بأغاني الاطفال، وعرف بأنه من مؤلفي الأنغام الشعبية العراقية، إضافة إلى عزفه على آلة التشيلو، تقلد العديد من المناصب ، منها رئاسة قسم الموسيقى في معهد الفنون الجميلة ومناصب أخرى عديدة، العازف والفنان حسين قدوري في ذاكرة بيت المدى في شارع المتنبي للحديث عن منجزه وذلك صباح يوم الجمعة الفائت بحضور عدد من الشخصيات الثقافية والفنية التي عاصرت الراحل:
من السيرة
قدّم الجلسة الباحث رفعت عبد الرزاق قائلاً "إنّ حسين قدوري من الشخصيات الفنية والموسيقية التي اهتمت بأغاني الأطفال وأدب الأطفال، حيث أسس أول فرقة موسيقية خاصة بأغاني الأطفال في إذاعة وتلفزيون بغداد وأكمل دراسته العليا في أحد المعاهد الفنية في الخارج ، وحين عاد للعراق أصبح مدرساً في قسم الموسيقى في معهد الفنون، ثم رئيساً لقسم الموسيقى وله الكثير من التلاميذ الذين يذكرونه بخير."
عام 1975 عُيّن قدوري مديراً لمعهد الدراسات الموسيقية، ثم انتدب لمركز التراث الشعبي لدول الخليج العربي ومسح مسحاً شاملاً لأغاني الاطفال في مناطق الخليج العربي، ويذكر عبد الرزاق أن قدوري "عازف موسيقي قدير على آلة التشيلو، كما أسس فرقة خماسي الفنون الجميلة مع غانم حداد وخليل إبراهيم وسالم حسين وآخرين، كما ترك أثراً كبيراً للكتب الموسيقية التي أصبحت مرجعاً دراسياً ،منها كتاب لعب وأغاني الأطفال الشعبية في العراق، الذي يتكون من ثلاثة أجزاء."
ترنيمات وكتب
تلامذة حسين قدوري كانوا حاضرين خلال الجلسة من بينهم الأستاذ في معهد الدراسات الموسيقية حيدر شاكر الحيدر الذي قال " أتشرف أن أتحدث عن أستاذي حسين قدوري، حيث قُبلت في معهد الفنون الموسيقية بين عامي 1972 و1973، وكان عبد الرزاق حلمي في وقتها رئيساً للقسم ليتسلم بعده بأشهر الراحل حسين قدوري رئاسة القسم، كان قدوري متواضعاً إضافة الى العلمية التي يمتلكها، حيث تعلمنا منه الكثير، الخلق والفن والنصائح المستمرة التي مازالت تُذكر من قبل طلابه، وتعلمنا أن ندخل الدرس بشقيه العملي والنظري ونتحدث معه عن الموسيقى، وكان قدوري أول أستاذ تعلقنا به في المعهد، كان باحثاً موسيقياً وملحناً ليس فقط للأطفال بل اشتغل على الغناء العاطفي . وأذكر أنه لحّن أغنية بعنوان "عنب عنب عنكود يا غالي" التي لاتزال لليوم تُغنى على ألسنة الجمهور."
ويؤكد الحيدر "أن قدوري موسوعة حيث أصدر العديد من الكتب التي تناولت الموسيقى والآلات الموسيقية وذاكرة المعهد إضافة إلى أغاني الاطفال وترنيمة الأم التي طبعها في دولة قطر ، وكتاب عن الكتاتيب وهو رجل غني عن التعريف أدار في فترة ما معهد الدراسات الموسيقية وعُيّن في ما بعد مدير المركز الدولي في دائرة الفنون الموسيقية في العراق في عدد من المهرجانات."
الكاميراً والملاحظات
بعض الحاضرين عاصروا الراحل، من بينهم الباحث والكاتب الموسيقي حبيب ظاهر العباس الذي تحدث عن ذكرياته مع الراحل قائلاً " جمعتني بقدوري العديد من الذكريات سواء في قسم الموسيقى في معهد الفنون الجميلة، وكذلك في السنوات الأخيرة من حياته." مشيراً "إلى أن الراحل كان في رحلات مستمرة وكان شغوفاً بحمل كاميراً وتصوير الأطفال وألعابهم إضافة الى تسجيل الملاحظات حول كل ما يسمعه من الاطفال خاصة الأغنيات التي يغنونها إضافة الى الاهتمام بألعاب الاطفال وما يقومون به."
كما أكد العباس قائلاً "كنت أنا وقدوري والقره غولي أصدقاء جداً وأنا أنوي أن أكتب عن حياة قدوري كما كتبت عن حياة القره غولي."
ماذا ترك لنا؟
كانت له رغبة بأن يُستذكر حسين قدوري، وقد حققت المدى رغبته بذلك الناقد د. علي حداد يشير الى أهمية استذكار حسين قدوري قائلاً " الراحل كان بقية جيل معطاء ومثابر كان حين يشغل نفسه بأمر لا يتخلى عنه حتى يحقق وجوداً قائماً بذاته، قد يكون هذا الجيل متأخراً في مجال النقد و التاريخ والموسيقى لكنه كان رائداً في مجال اختطه لنفسه واشتغل عليه." وعن موهبة حسين قدوري يتحدث حداد قائلاً "كانت لقدوري موهبة عالية ورغبة تحدى بها الجميع في عمله في مجال الموسيقى كما سمعت منه أنه أتى بمعدل أهّله للذهاب الى الإدارة والاقتصاد لكنه فضّل الجانب الجمالي للموسيقى واشتغل عليها وأبدع فيها وحقق ذاتاً عالية أنتج من خلالها الكثير في أكثر من مجال." ويشير حداد الى علاقته بقدوري قائلاً "تعرفت إليه وقد زارنا حين كنت في قسم التربية الفنية في كلية الفنون الجميلة وأقمنا ندوة عن التربية والفنون وحضر حينها وأهداني كتاب لعب وأغاني الأطفال الشعبية في العراق، بأجزائه الثلاثة." مُضيفاً "إن عطاء قدوري لم يتوقف فقد ترك لنا ابناً موسيقياً هو فرات قدوري كما ترك مريدين من بعده اشتغلوا على ما اشتغل عليه هو، حسين قدوري رجل كبير في عطائه . لقد كان يتبتّل في الموسيقى لدرجة نسأل متى اشتغل لذاته."
ألحان من الوطن
الحديث عن حسين قدوري يبدأ ولا ينتهي هكذا وصفه الدكتور دريد فاضل المختص في مجال الموسيقى وقال " حسين قدوري أكثر شخصية موسيقية عراقية عمل في قطاعات مختلفة ، منها عازف تشيلو في مجال الموسيقى العالمية، ومع جورج مان وفي الفرقة السمفونية وبعدها في الإذاعة والتلفزيون وكان غانم حداد يحدثني عن عازفي التشيلو ودراسة التشيلو التي جاءت متأخرة للعراق وخاصة إن لهذه الآلة خصوصيتها وكان حسين قدوري إذا ما سمعت ألحانه في تسجيل خاص نجد أنه دقيق جداً في عزفه." يذكر فاضل أنه "قبل وفاة حسين قدوري ببضعة أعوام قدم مقطوعة للفرقة السمفونية بعنوان "ألحان من الوطن" التي تضمنت مقطوعات لأشهر الأغنيات التي عمل عليها بطريقة التنويعات الموسيقية ، كما كتب قدوري ألحاناً وأغنيات للسينما والمسرح، مثل مسرحية الخرابة ومسرحية النخلة والجيران وفيلم الجابي لجعفر علي، وكان يقود فرقة الإذاعة والتلفزيون ويقود فرقة البيارق وكل الأناشيد والاغاني التي لحّنت في الحرب مع إيران جمعها قدوري في كتاب من عدة أجزاء وقدّم عنها شروحات تفصيلية ."
رحل قدوري ورحلت أغنية الأطفال
وفي مجاله عن فنون وثقافة الأطفال، ومن حديثه عن موسيقى الأطفال التي قدمها حسين قدوري، تحدث المخرج الأكاديمي د. حسين علي هارف عن مشكلة غياب فنّ وأدب الأطفال ،في حين إنه "قبل 50 عاماً أسس حسين قدوري أول فرقة لإنشاد الأطفال." ذاكراً " هل نحن يا ترى كنا أوفياء لما اختطه قدوري من طريق، وهو الذي أسس اول فرقة غنائية وفنية للاطفال؟ وحين غاب قدوري غابت المؤسسة الخاصة بفنون الاطفال فكم نحن بحاجة الى مؤسسة حسين قدوري اليوم؟ في الوقت الذي لم نعد نمتلك فيه قسماً للأرشفة ولا للثقافة الشعبية ولا لمن يؤرشف هذه الثقافة، فإلى متى تظل ثقافتنا الشعبية غير مؤرشفة وكم هنالك مؤسسة حقيقية تعنى بشأن الدراسات والوثائق والأرشيف ؟".
ويشير هارف قائلاً " مع إحياء ذكرى حسين قدوري شعرت بأنّ أغاني الطفل في العراق تعاني من نقص خطير في الوقت الذي رحل فيه قدوري ورحلت أغنية الأطفال."