مصارحة حرة: الرئيس يونس محمود

اياد الصالحي 2019/06/11 09:52:42 م

مصارحة حرة: الرئيس يونس محمود

 إياد الصالحي

أغمض عينيك، وخُذ وقتك، وتأمّل العناية الإلهية التي حقنت دماء العراقيين في ليلة كروية مُذهلة أبكت ملايين الجماهير التي تعلّقت قلوبها بحدث جاكرتا العظيم "السفاح يُحلّق في فضاء ملعب كارنو ويهزّ آسيا بهدف تأريخي".

إنجاز فردي .. خلط دموع وعرق لاعبي منتخب مثّلوا كل أطياف العراق، أطفأوا بهما نار فتنة ضروس فشلت كل أفانين الساسة الدُهاة عن وقف أمتدادها المُرعب في خارطة المدن، فكانت النار برداً وسلاماً بمشيئة الله والقوة التي وهبها لرفاق يونس لإنقاذ شعب حي يعيش ويموت دون أن يتنازل عن وردة الحب وقبلة السلام ورغيف الكرامة.

يونس المشاكس في ملعب التحدّي لقهر منافسي بلده، لم يخل أدبه وتوازنه واعتداده النفسي، كان سفيراً لأبناء الرافدين ثلاثة عشر عاماً، قبل أن يخلع فانيلته ويقرر الاعتزال طواعية منتصف عام 2016 بعد تلقيه معلومات مؤكدة تفيد بتلقي مدرب المنتخب الأسبق راضي شنيشل توجيهاً من مجلس إدارة الاتحاد بإبعاده، فكانت النهاية موجعة له ودفع الأسود ثمناً مضاعفاً حيال سيناريو إقصاء قائدهم عن تتمة مشواره في أسهل فرصة مونديالية لن تبتسم قرعتها لنا ثانية!

تشتّت يونس محمود في أفكار وجهته الجديدة، ودخل في منعطفات مقترحات المقرّبين منه رياضياً وإعلامياً وجماهيرياً، ولم يستدل على الطريق المناسب ليمضي بأمان ويُنمّي قدراته ويستثمر علاقاته الخارجية في مجال عمله، حتى أطلق في الرابع والعشرين من تشرين الثاني عام 2016 تصريحاً نارياً للزميل جليل العبودي عبر صحيفة الوطن القطرية "أنا الرئيس القادم للاتحاد العراقي" .. دُهش زميلنا، وأصرّ على التأكّد من حقيقة الأمر إن كان بمثابة رد فعل على أبعاده عن المنتخب، قال يونس بثقة "لا ، أنا أعمل مع أطراف كثيرة من أجل حدوث تغيير في الاتحاد أثناء الدورة الانتخابية 2018"!

حقيقة .. ترسّخ هنا انطباع لدى متابعي يونس ما بعد هذا التصريح بأنه لا يمتلك رؤية مدروسة عن مستقبله وسدّد كرته عشوائياً، ولم تكن رئاسة الاتحاد هدفاً ستراتيجياً له لإنقاذ منظومة اللعبة مثلما برّر، بل مُفرقعة إعلامية لفتت أنظار المجلس التنفيذي للاتحاد وأعضاء الهيئة العامة باستغراب، وخلق له التصريح معارضين كُثر من دون حاجة إلى التآمر ضده في الانتخابات، وبالفعل رفض 35 عضواً في الهيئة التصويت له من مجموع 51! 

لماذا أضاع يونس خيط النجاح الإداري في نادي الطلبة أو أي من الأندية العراقية منذ إعلانه الاعتزال عام2016 حتى الآن؟ أولاً انشغل كمستشار في نادي الغرافة القطري لاختيار المدربين واللاعبين منذ تعيينه عام 2013 ولما يزل، وثانياً أنهمك في التحليل الفني للدوري القطري والبطولات القارية والدولية في برنامج المجلس بشكل متواصل طوال السنة، وثالثاً رغبة إدارة نادي الطلبة أن تضمّه لمجلسها للتعايش الإداري وتطوير إمكاناته وهي فرصة مهمة لم يغتنمها، ورابعاً ترأس لجنة اللاعبين الدوليين القدامى لعلّه يقترب من شجونهم ويقتحم ميدان العمل القيادي الفعلي لكنه تعامل مع اللجنة كمنصب شرفي يضاف الى سيرته المهنية، وخامساً بعد عام من تهديده كرسي رئيس الاتحاد وفي الشهر نفسه (تشرين الثاني 2017) طرق باب رئيس اللجنة الأولمبية الوطنية رعد حمودي طالباً تضمين فقرة الاستثناء من شرط الشهادة في القانون الرياضي بعدما تمكّن من أداء امتحان البكالوريا للصف الثالث المتوسط في حينه.

تصاعدَ يونس في وتيرة وعيده بتغيير رئاسة وأعضاء مجلس الاتحاد ثم تنازل، ورضي بمنصب النائب الأول لرئيس الاتحاد، ثم خسر المنافسة مع شرار حيدر، وأقتنع بموقع رئيس لجنة اللاعبين الدوليين القدامى، ثم عاود فتح جبهة معارضة ضمن كتيبة عدنان درجال لاسقاط النظام الأساس للاتحاد في محكمة كاس الدولية 30 أيار الماضي لعدم نزاهة آليات تطبيقه مثلما جاء بشكواهم، وأخيراً تلقى إشارات ودية ترغب بتزكيته لمنصب النائب الأول في انتخاب تكميلي.

كل ذلك وربما يفاجئنا يونس بموقف جديد ينسف كل ما مضى، في ظل ضبابية محيط أفكاره وغياب النصيحة المخلصة التي تبقي وهج عطائه في حالة مستقرة أسوة بنجوم الكرة الخليجية الذين يتعايش معهم، هناك من اختار العمل في الإدارة مباشرة وبقي عضواً يؤدي مهماته بإتقان بعيداً عن الضجيج، أو مدرباً للفئات العمرية حتى يشتد عوده الفني ويتأهل ليصبح مدرباً محترفاً مدعماً بشهادة علمية، أو وكيل أعمال مدربين ولاعبين معتمد لدى الفيفا أو مديراً لأكاديمية تعنى برعاية الشباب ورفدهم الى الأندية، فأين يونس وسط هذا التنوّع العملي الفاعل في قلب الكرة العراقية؟

رسالة لكل من يستغل خُلق يونس محمود متوهّماً أنه أداة طيّعة لتحقيق غرض مشبوّه من إعلان المزايدة المفتوحة وترتيب كرسي النائب الأول تمهيداً لإجلاسه دون مراعاة مقوّمات العمل في الاتحاد العراقي لكرة القدم صاحب الريادة في المنطقة والاسم الفخم برموزه من عبدالله المضايفي عام 1948مروراً بمؤيد البدري وهشام عطا عجاج ود.عبدالقادر زينل وغيرهم (1980-1995) وإنتهاء بحسين سعيد، وإن أختطفت بعض كراسيه من أشخاص ما بعد عام 2003 نحترم آدميتهم وأخلاقهم ولا نحترم قيمة ما بذلوه من جهد طالما الفشل والخيبة واليأس عناوين بارزة في خلاصات خدمتهم.

يونس محمود غير مؤهل لشغل موقع الرئيس ولا النائب ولا العضو حالياً في الاتحاد العراقي لكرة القدم لحداثة اعتزاله اللعب وضعف مؤهله الدراسي ونقص كبير في الخبرة، ننصح أن يباشر العمل الإداري في نادٍ ما ويجتهد في تحصيله العلمي ويشق طريقه بنجاح في مشروع الإصلاح الشامل في المنظومة الكروية الذي نادى به مراراً.. وليبدأ بنفسه أولاً.

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top