الهروب الدرامي لـ سجناء المخدرات  يكشف عن أجهزة أمنية بلا معتقلات!

الهروب الدرامي لـ سجناء المخدرات يكشف عن أجهزة أمنية بلا معتقلات!

 بغداد/ وائل نعمة

تذهب أغلب الآراء حول حادثة هروب سجناء من مركز شرطة في بغداد إلى أنه عمل مدبر وليس تقصيرا

كما جاء في كلام قائد شرطة العاصمة المقال قبل أيام في جلسة استماع أخيرة أمام مجلس محافظة بغداد.

وتشير دلائل الهروب السلس من مركز احتجاز المعتقلين ــ كما ظهر في كاميرات المراقبة التي صورت الحادثة ووجود سيارة بانتظار بعض السجناء لحظة فرارهم ــ إلى وجود "سيناريو" معد سابقاً للهروب.

عدد الفارين بلغ 15 معتقلاً، ألقت قوات الأمن القبض على نصفهم تقريباً حتى الآن، وهم نوعان؛ الأول موقوفون، والآخرون محكومون بقضايا تتعلق بتجارة وتعاطي المخدرات تتراوح عقوباتهم بين العام الواحد والخمسة عشر عاماً. وتعد حادثة الهروب الأخيرة، هي الخامسة من نوعها منذ تسلم العراق ملف السجون من القوات الأميركية في 2011، كان أكبرها هروب نحو 1000 معتقل بالإرهاب (تنظيم القاعدة) من سجني أبو غريب والتاجي، والذي مهد فيما بعد لظهور "داعش".

مصدر أمني يقول لـ(المدى) إن السجناء الهاربين هم تحت مسؤولية مديرية مكافحة المخدرات، لكنه يشير إلى أنه "بسبب عدم وجود معتقلات (سجون مؤقتة) خاصة بمديرية المخدرات أو مكافحة الإجرام تم وضع سجنائهم في مراكز الشرطة".

وكان حاكم الزاملي، الرئيس السابق للجنة الأمن في البرلمان، أعرب عن استغرابه من توقيف تجار مخدرات بمركز للشرطة المحلية!

حملة إقالات

وعلى الفور أعفى وزير الداخلية ياسين الياسري قائد شرطة بغداد، ومدير شرطة الرصافة، ومدير قسم شرطة باب الشيخ من مناصبهم، وأمر بفتح تحقيق بالحادث. كما قام الوزير في اليوم التالي بإعفاء مدير مكافحة إجرام بغداد ومدير الاستخبارات ومكافحة الإرهاب، وهي إجراءات جاءت متزامنة مع حملة تغييرات يجريها الياسري يتوقع أن تطول أكثر من 60 مسؤولا في الداخلية. لكن بالمقابل تعتبر لجنة الأمن في البرلمان أن تلك الإجراءات غير كافية، خاصة المتعلقة بإعفاء المسؤولين عن حادثة هروب مركز القناة.

ويقول كريم عليوي، عضو اللجنة في مجلس النواب لـ(المدى) :"كان على وزير الداخلية أن يقيل مدير مكافحة المخدارت.. الرجل في منصبه منذ 2012 ولم يستطع السيطرة على تدفق المخدرات إلى البلاد". وأشار عليوي إلى أن مدير المخدرات "غير كفوء ونحتاج إلى ضباط شباب لهذه المهمة". ويقدر وجود 8 آلاف معتقل في العراق على خلفية قضايا تعاطي ومتاجرة في المخدرات، وفق ما قالته المفوضية العليا لحقوق الإنسان العراقية في حزيران الماضي، نصفهم على الأقل في البصرة.

ويتمتع تجار المخدرات ــ بحسب بعض المراقبين ــ بنفوذ كبير في البلاد. وقال رشيد فليح قائد شرطة البصرة فور تسلمه المنصب في المدنية العام الماضي، إن 80% من المخدرات الداخلة للبصرة قادمة من إيران قبل أن يتراجع عن تصريحه ذلك لأسباب غير معروفة.

ويذكر الحادث الأخير بهروب 11 معتقلا ضمن تنظيم "القاعدة" من سجن الحلة المركزي بعد اشتباكات مع الحراس أدت إلى مقتل شرطي وأربعة سجناء وإصابة تسعة آخرين بينهم عدد من الحراس.

حينها نفذ الحادث حين تمكن أحد السجناء من الاستيلاء على بندقية أحد الحراس وقتله فيما قام آخرون باضرام النار في عدد من مكاتب السجن.

وبعد عامين من الحادث حاول 3 محكومين بالإعدام في سجن العقرب، في مدينة الحلة أيضا، الهروب من المعتقل، وتمت إعادتهم بعد أن اشتبكوا مع الحراس. وفي العام الماضي، هرب 5 معتقلين على طريقة أفلام "هوليود" من مركز تابع لمكافحة الإجرام في النجف بعد أن قاموا بحفر جدار السجن.

لحظة الهروب

ويقول معين الكاظمي، وهو عضو في مجلس محافظة بغداد لـ(المدى) إن تكرار قضايا هروب السجناء يعود إلى عدم "إجراء تحقيق واضح بحوادث الهروب السابقة مثل ما جرى في سجن أبو غريب". وكان قائد شرطة بغداد المقال علي الغريري قال أثناء جلسة الاستماع التي جرت له أمام مجلس محافظة بغداد، الأحد الماضي، على خلفية حادث هروب السجناء، إن "ما حصل هو إهمال من قبل ضابط الموقف والحرس".

ويعتقد الكاظمي أن الإهمال أو التواطؤ في عملية الهروب غير مستبعدتين، لكنه أشار إلى أن لحظة الفرار جاءت في يوم المواجهة (مقابلة النزيل مع ذويه) وهو من الأيام التي تكون فيها الإجراءات الأمنية أكثر صرامة، بينما ظهر ضباط المركز (في تسجيل الكاميرات لحظة الهروب) وهم بالملابس الداخلية، وكأنهم في استراحة. 

وظهر في الشريط المسجل خروج السجناء بدون كسر أبواب أو نوافذ، كما التقطت الكاميرات أيضا وجود سيارات في انتظار الفارين خارج أسوار مركز القناة، وهو الأمر الذي اعتبره كريم عليوي، عضو لجنة الأمن في البرلمان، بأنه دليل على وجود "تواطؤ" من داخل وخارج المعتقل.

وقال عليوي، إن الهاربين هم تجار مخدرات وليسوا متعاطين فقط، كما جاء في تصريحات قائد شرطة بغداد السابق.

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top