كلاكيت: فرَيدا.. بين هيريرا و تايمور

علاء المفرجي 2019/08/07 07:41:12 م

كلاكيت: فرَيدا.. بين هيريرا و تايمور

 علاء المفرجي

أُتيحت لي أخيراً فرصة قراءة سيرة فريدا كاهلو، الذي وضعته المؤلفة هايدن هيريرا بعنوان (فريدا... سيرة حياة فريدا كاهلو)،

وهو ماجعلني أعيد مشاهدة الفيلم الذي اقتبس هذه السيرة بتوقيع مواطنتها المخرجة جولي تايمور.

البوّن شاسع بين هذه المذكرات التي ترجمها الصديق د. علي عبد الأمير صالح لدار المدى، وبين الفيلم المذكور, نحن أمام واحدة من أهم الحقب التاريخية في تاريخ المكسيك كخلفية لحياة أهم الفنانات في الحركة السريالية في عشرينيات القرن المنصرم.

وإن كانت السينما المكسيكية قد حققت فيلماً عن هذه الفنانة بتوقيع بول ليروك في الثمانينيات، إلا أن مع فيلم تايمور ونص هيريرا، نحن أمام حياة تستحق أن تُروى.. والحقيقة إنني أقرن بين الاثنين ، لكن جهداً واضحاً بذلته هايدن هيريرا في الإحاطة بسيرة هذه الفنانة، على خلفية تاريخ المكسيك، وأيضاً الإشارة الى الكثير من الفنانين المعاصرين لها.

مثل سيرة ايستوود لجي إدغار، وسيرة فيلدا لويد للمرأة الحديدية تاتشر كانت الشخصية هي المحور، وبالتالي كان الانشغال الأهم في ابرازها كشخصية مع إهمال واضح للظرف التاريخي وأثره في صياغة الأفكار والسلوك لهذه الشخصيات. ولعل في فيلم فريدا يبدو ذلك واضحاً بشكل كبير.. برغم حسنة التعريف بواحدة من أهم فنانات القرن العشرين على الاطلاق.. حداً جعلت منها ومن حياتها أسطورة.. لكنها - أي المخرجة- مع انشغالها بصياغة جمال هذه الأسطورة، قد اغفلت الكثير من التفاصيل في حياة كاهلو والأحداث المصاحبة لسيرتها التراجيدية. ولا يخطئ المشاهد اللبيب خضوع المعالجة للشروط الهوليوودية في جانبها التجاري البحت.. إذ لولا هذه الشروط فإن مهمة إعادة انتاج سيرة فنانة من طراز فريدا كاهلو سينمائياً سيتطلب السير في حقل ألغام لما للحدث التاريخي المصاحب من أثر كبير.

بينما تسهب المؤلفة هايدن هيريرا في سرد سيرة فريدا كاهلو ، وهي لا تترك أيَّ تفصيل من تفاصيل حياتها من دون أن تذكره ، تعقبتْ مشاجراتها مع زوجها ، انفصالاتها عنه ، والمصالحات بينهما بتفصيل وبطء قطّارة العين . عشقتْ فريدا كاهلو النحات نوغوتشي ، وصديقهما وضيفهما تروتسكي ، أما دييغو ريـﭬيرا فقد كانت له علاقة غرامية مدّمرة مع شقيقتها كريستينا . كانت هنالك لحظات من التهكم الساخر والبذاءة .

ولأن هايدن هيريرا تملك معلومات غزيرة عن المدارس الفنية الأوروبية ، ماضيها وحاضرها ، فلا عجب ، إذ إنها درستْ الفن دراسةً أكاديمية ، وكتبتْ رسالة دكتوراه بعنوان " فريدا كاهلو ، حياتها ، فنها " ، تقدّمتْ بها إلى الهيئة التدريسية في تاريخ الفن كجزء من انجاز متطلبات نيل الدكتوراه في الفلسفة ، المدينة الجامعية في نيويورك ، 1981 . 

والمؤلفة هايدن هيريرا كاتبة سير ذاتية ومؤرخة فنية ، أميركية الجنسية ، وُلدتْ في العام 1940 ، أصدرتْ كتباً عديدة عن مجموعة من الفنانين ، وهي : " ماري فرانك " ، 1990 ؛ " ماتيس ، بورتريه " ، 1993 ؛ " آرشيل غوركي ، حياته وأعماله " ، 2005 ؛ " جوان سيندر " ، 200 6 ؛ " الإستماع للحجر : فن وحياة إيسامو نوغوتشي " ، 2015 . كما أصدرتْ كتاباً يحمل عنوان : " رؤى من الخارج : وجهات نظر أوروبية في الفن الأميركي " ، 1995 . أما كتابها هذا ، " فريدا : سيرة حياة فريدا كاهلو " فكان باكورة أعمال هيريرا ، إذ صدر بطبعته الأولى في العام 1983 . وأعقبته طبعات عدة وبأغلفة مختلفة في دور نشر أوروبية وأميركية . ويحتوى كتابنا هذا أيضاً على صور فوتوغرافية بالأبيض والأسود ولوحات فريدا بالألوان الأصلية ؛ أما اللوحات التي فُقدتْ فقد تم حفظها من خلال الصور الفوتوغرافية .

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top