TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: رسائل البرمودا السياسية في العراق

العمود الثامن: رسائل البرمودا السياسية في العراق

نشر في: 20 أغسطس, 2019: 09:37 م

 علي حسين

في رسالة يوجهها حائز نوبل الفرنسي أاندريه جيد الى عميد الأدب العربي طه حسين، يلخَّص فيها حالنا نحن الكُتـّاب :

"أخشى أنّ الأبواب والنوافذ لا فائدة منها في بلدانكم.. مسائل الحرية والمستقبل لا تعني أحداً، فلماذا تعـذِّب نفسَك في حفر الجدار بمِعولٍ من الكلمات؟".

تذكرت هذه العبارة، وأنا استمع لخطبة رجل دين يهاجم مواقع التواصل الاجتماعي ويعتبرها رجسا من عمل الشيطان، ويؤكد أن هذه المواقع وأصحابها جواسيس هدفهم الأساس تشجيع العراقيين على الإباحية والسخرية من علماء الأمة، والغريب أن الشيخ الفاضل يبث خطابه عن طريق صفحته في الفيسبوك، فأثبت لنا بالدليل القاطع أنّ زوكربيرغ متآمر، لأنه سمح لبعض الوجوه الثقيلة أن تطل علينا بخطاب ساذج، فيما تحاصرنا وجوه الساسة من كل مكان، يخرجون إلينا بوجوه كالحة وبأرواح فارغة من ذرّة حب واحدة لهذا الوطن.

المؤامرة الأخرى التي يقف وراءها صاحب موقع فيسبوك هي المعركة التي دارت خلال الأيام الماضية على صفحات موقعه كان أبطالها جماعة الحشمة والفضيلة في الفلوجة الذين غضبوا وزمجروا لأن مدينة الحبانية أقامت عرضا للأزياء.. وهو ما يشكل إساءة للأعراف العشائرية كما قال أصحاب البيان.. وكنا نتوهم أن مشكلة العراقيين الحقيقية مع تفشي الفساد المالي والإداري ونهب ثروات البلد وغياب الخدمات والبطالة وارتفاع معدلات الفقر، فاذا بنا نكتشف أن استعراضا رياضيا راقصا وعرض أزياء تراثية ولبس البرمودا، والاختلاط في الجامعات هي السبب في ضياع مئات المليارات من الدولارات وفي تهجير أكثر من خمسة ملايين مواطن وفي موت الآلاف، فيما الشيخ لا يزال يقسم بأغلظ الأيمان أنّ الفيسبوك هو سبب " البلوى " التي وقعت على راس العراقيين ، وليس الحاج أبو إسراء ومعه أكثر من 4000 علي بابا.

المعركة البرمودية في المحافظات تثبت أننا شعوب نتربع على قمة الدول الفاشلة بامتياز، سيقول البعض متى تتوقف عن التهريج يا رجل؟ وحتما هناك من سيسخر ويقول "هكذا أنتم معشر "الإمبرياليين"، لا يعجبكم العجب".

من حق أجهزة المحافظات أن تمارس دورها في حماية الناس، ولكن ليس من حقها أن تنصّب نفسها مسؤولة عن أخلاق الناس وسلوكهم الاجتماعي وملبسهم ومأكلهم، من المعيب أن يخرج مسؤول حكومي في القرن الحادي والعشرين وفي بلد يتشدق ساسته بالديمقراطية وحرية الشعوب ليقول لنا إنهم يطاردون الشباب من أجل المحافظة على قدسية المدينة، في الوقت الذي يسكت فيه هذا المسؤول عن غياب الخدمات وانتشار المخدرات وازدياد نسب البطالة، ومن المخجل والمثير للقرف أن نطارد شبابا بحجج مضحكة فيما هم يتعرضون لظلم كبير بسبب البطالة والانتهازية وعدم تكافؤ الفرص والاستحواذ الذي تمارسه الكتل السياسية على كل منافذ الحياة في العراق.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

سقوط 3 شهداء في انفجارات لبنان

انفجارات جديدة بأجهزة اتصال لاسلكية لعناصر حزب الله في لبنان

البرلمان يؤجل انعقاد جلسته

السفيرة الأميركية: العراق قادر على خلق نموذج اقتصادي يحتذى به

تصاعد أزمة السكن في العراق.. نقص الوحدات السكنية يهدد مستقبل ملايين المواطنين!

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: حاشية الكراهية

"حاكمية الفقهاء" انقلاب على دعوات السيستاني

كيف يمكننا الاستفادة من تجارب الشعوب في مجال التعليم؟

نتائج اجتماعية سلبية محتملة لمقترح تعديل قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959

العمودالثامن: لماذا تصمت نقابة المحامين؟

العمودالثامن: حين تغضب النقيبة !!

 علي حسين لم يخترع بيان المثقفين العراقيين قصة اضطهاد وملاحقة المحاميتان زينب جواد وقمر السامرائي ، ولم يختلق المثقفون الموقعون على البيان حكاية صمت نقابة المحامين على ما جرى ويجري من شتائم واتهامات...
علي حسين

قناطر: بين طفولة الورق وشيخوخة الإلكترون

طالب عبد العزيز أشعر بغربة حقيقية أمام شاشة اللابتوب، وأنا أدوّن المادة هذه، لم أألفَّها والله، مع أنني أمضيت معها أكثر من عشرين سنة، تطالعني وأطالعها كل يوم، حتى صار بإمكاني ترتيب أفكاري، وكتابة...
طالب عبد العزيز

نتائج اجتماعية سلبية محتملة لمقترح تعديل قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959

لاهاي عبد الحسين وإنْ ظهرت بعض التصريحات المهدئة من قبل المتحمسين لمقترح التعديل الجائر بحق العائلة والمرأة العراقية والمواطن العراقي نتيجة الجهد الثقافي والأدبي والاعلامي العراقي المعارض الذي اشتركت به أكثرية من النساء والرجال...
لاهاي عبد الحسين

المجتمع الغربي يتجه نحو الفوضى والعنف!

ايف مونتناي ترجمة: عدوية الهلالي مع أعمال الشغب الأخيرة في المملكة المتحدة، رأينا أن المجتمع البريطاني لم يعد يمثل معجزة التوازن بين السكان المحليين والسكان القادمين حديثاً. بل إننا نشعر أن التوترات التي تم...
ايف مونتناي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram