ناشطون وأكاديميون يحذرون من تراجع تعليم الفتيات

ناشطون وأكاديميون يحذرون من تراجع تعليم الفتيات

 ذي قار / حسين العامل

حذّر ناشطون وأكاديميون يوم الاحد ( 25 اب 2019 ) من تراجع تعليم الفتيات في محافظة ذي قار، وفيما أكدوا أن ثلاثة أرباع الفتيات لا يكملن تعليمهن الثانوي ،

عزوا أسباب التراجع الى تردي واقع التعليم واكتظاظ المدارس وارتفاع معدلات الفقر والزواج المبكر للفتيات إذ بلغ معدل الفتيات المتزوجات بعمر أقل من 18 سنة في سنة 2018 (24.8 بالمئة) على مستوى العراق.

وفي حديث للمدى قال عضو فريق مركز تمكين للمشاركة والمساواة فلاح نوري عن الندوة الحوارية التي نظمها مركز تمكين على قاعة نقابة المعلمين تحت عنوان ( ضمان المساواة في الوصول الى تعليم آمن وجيد لفتيات ذي قار ) إن " الإحصائيات الرسمية تشير إلى تراجع معدلات التحاق الفتيات في جميع المراحل الدراسية في محافظة ذي قار فنسبة التحاقهن في المرحلة الابتدائية تبلغ 96 بالمئة لكن هذه النسبة سرعان ما تنخفض الى 49 بالمئة في المرحلة المتوسطة والى 28 بالمئة في المرحلة الإعدادية)، مبيناً أن " مؤشر التكافؤ بين الجنسين في التعليم ضمن حدود المحافظة أدنى من المؤشر العالمي خاصة فيما يتعلق بالتلاميذ والطلبة الموجودين والمقبولين(الجدد) وتزداد الفجوة بين الجنسين في مدارس الريف". وأوضح نوري إن " ضعف الاهتمام بتأمين مستلزمات التحاق واستمرار فتيات ذي قار في التعليم الجيد والأمن، يبدو أكثر وضوحاً في المدارس الثانوية فنحو ثلاثة أرباع الفتيات يُحرمن من التعليم الإعدادي "، وأردف أن " التعليم الابتدائي وإن كان ضرورياً إلا إنه لا يكفي بحد ذاتهِ، حيث يعد التعليم في ما بعد المرحلة الابتدائية في غاية الأهمية لتحسين بيئة المجتمع والاقتراب من تحقيق المساواة بين الجنسين". وتابع عضو فريق مركز تمكين إن : الفتيات يمكن أن يجنين منافع ضخمة من مرحلة ما بعد التعليم الابتدائي تتضمن مهارات تُترجم الى العمل والتمكين والقدرة على اتخاذ القرار، إضافة الى تقليص حالات الزواج المبكر وأهمية ذلك في الحفاظ على الصحة النفسية وصحة الأسرة وزيادة مدخولات الأسرة".

وعن الأسباب التي أدت الى تراجع تعليم الفتيات قال نوري إن " الجهود المبذولة لإزالة التفاوت بين الجنسين في مجالات التعليم الابتدائي والثانوي في العراق مازالت متواضعة ولا ترتقي الى مستوى التحديات المركبة (اقتصادية، سياسية، أمنية، اجتماعية) التي يواجهها التعليم، خاصةً بعد عام 2003"، لافتاً الى أن " المشاكل تفاقمت حتى أصبح البلد يعاني من أزمة خانقة في قطاع التربية والتعليم، شملت المناهج والإدارة التربوية وطرق التدريس وتأهيل الكادر التعليمي ونقص حاد في الأبنية المدرسية، ومشكلات التخطيط التربوي ومدى استجابته لحاجات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، واتساع الفجوة بين الجنسين".

وأشار عضو فريق مركز تمكين الى أن " محافظة ذي قار ليست بمنأى عن ظروف البلد القاهرة، كونها تعتبر من أشد المحافظات فقراً، وتؤثر الأعراف الاجتماعية والأدوار النمطية للجنسين فيها على قدرة الفتيات على الاستمرار في التعليم، بحيث تكون أرجحية التعليم للفتيان" , وأوضح إن " انخفاض المستوى المعيشي للأسر وعدم تحملها نفقات التعليم ، كثيراً ما يعرض الفتيات الى الحرمان من التعليم نتيجة الزواج المبكر ".

وأضاف نوري إن " محددات التعليم الكفء أعمق تأثيراً في توسيع الفجوة بين الجنسين، لاسيما وإن السياسات المحلية والإجراءات الإدارية لا تولي اهتماماً واضحاً ورعاية للنوع الاجتماعي في التعليم"، وأردف إن " أحد الأسباب المهمة وراء عدم الوصول الى تعليم جيد واَمن لفتيات المحافظة هو عدم مراعاة النوع الاجتماعي ومنظومة القيم والأعراف الاجتماعية السائدة فيما يخص الأبنية المدرسية التي تفتقر الى الخدمات الأساسية اللائقة ".

مبينا أن " العجز في الأبنية المدرسية في محافظة ذي قار يقدر بـ 700 بناية، إضافة الى الأبنية المتهالكة والابنية الآيلة للسقوط والمدارس الطينية "، مشيرا الى أن " مستوى الانفاق على التعليم تراجع على المستويين المحلي والوطني ، فنسبة تخصيصات وزارة التربية من الموازنات العامة تراجعت من (7.35%) من موازنة 2016 إلى (1.64%) من موازنة 2019 وهذا يعكس ضعف الاهتمام الحكومي واهتمام أصحاب القرار بقطاع التعليم ودوره في تنمية موارد البلد المالية وأثره على الاستقرار السياسي والاجتماعي والأمني".

وخلص المشاركون بالندوة الى جملة من الاستنتاجات من بينها أن " الاجراءات المتخذة، مازالت ، قاصرة عن التنفيذ الأمثل لقانون التعليم الالزامي رقم (118) لسنة 1976واتخاذ إجراءات قانونية اتجاه الأسر التي لا ترسل بناتهن في السن المحددة للدراسة، وتوفير مستلزمات التعليم المستمر في جميع المراحل الابتدائية والمتوسطة والأعدادية"، منوهين الى أن " التعليم في ذي قار لم يرتق بعد الى مستوى التعليم الكفء خاصة في تأمين فرص كاملة ومتكافئة للفتيات للانتفاع بتعليم جيد وآمن".

وأشاروا المشاركين بالندوة الى أن " سياسات وبرامج تحفز فتيات الأسر الفقيرة على الاستمرار بالتعليم لم يجر اعتمادها ولاسيما في مجال تقديم الإعانات المالية أو التغذية المدرسية التي كانت جارية في ثمانينيات القرن الماضي"، واضافوا أن " الزواج المبكر، الذي يعرقل استمرار وتقدم الفتيات في مجال التعليم، يعد من الظواهر الشائعة في المجتمع العراقي، إذ بلغت نسبة الفتيات المتزوجات بعمر أقل من 18 سنة في سنة 2018 (24.8%) على مستوى العراق ".

فيما أقر المشاركون بالندوة جملة من التوصيات من بينها " تفعيل المادة السابعة والثامنة والتاسعة من قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 وتعديلاته، لتخفيض نسبة زواج القاصرات، الذي يمنعهن من الاستمرار في التعليم" و " المطالبة بتنفيذ قانون منحة تلاميذ وطلبة المدارس الحكومية رقم 3 لسنة 2014، وإدراج التخصيصات المالية له ضمن الموازنة المالية الاتحادية لسنة 2020 للتخفيف من ضغط الوضع الاقتصادي على الأسر، وإتاحة فرصة أكبر لاستمرار الفتيات في التعليم خاصةً في الريف".

كما تضمنت التوصيات " تعبئة الموارد المالية الكافية وحسن إدارتها لحل أزمة الأبنية المدرسية ومراعاة البيئة الاجتماعية في الريف وفتح مدارس خاصة للبنات بدلاً من المختلطة ومد إلزامية التعليم لتشمل المرحلة المتوسطة"، و " زيادة التخصيصات المالية لوزارة التربية من الموازنة العامة الاتحادية لسنة 2020"، و " الإسراع في تنفيذ مشروع بناء المدارس المقرر ضمن الموازنة المالية المحلية لتنمية الأقاليم لإنهاء النقص الكبير في الأبنية وتجاوز مشكلة اكتظاظ الصفوف، على أن تكون الأولوية لمدارس الفتيات في الريف بدلاً من المدارس المختلطة مراعاة لمنظومة القيم والأعراف الاجتماعية والدينية السائدة".

كما تضمنت التوصيات أن " تراعى المسافة بين المدرسة وسكن التلاميذ والطلبة خاصة في الأرياف على أن لا تتجاوز 2 كم ، وتوفير الماء الصالح للشرب في المدارس، وبناء مرافق صحية آمنة ومنفصلة للفتيات في المدارس المختلطة، وهي من الخدمات الأساسية لتحسين حضورهن إلى المدارس لجعل المدرسة بيئة جاذبة وأكثر إنصافاً"، و " تفعيل دور لجنة المحافظة واللجان الفرعيةِ المشرفة على عملية ومتابعة تطبيق قانون التعليم الالزامي، رقم 118 لسنة 1976، واتخاذ الإجراءات السليمة وبالتعاون مع دائرة الإحصاء لتنفيذهِ وتمكين لجان حصر المشمولين بالالتحاق بالتعليم الإلزامي من أداء عملها بدقة وبما يتفق مع توجيهات وزارة التربية".

وحضر الندوة الحوارية رئيس اللجنة التربوية في مجلس محافظة ذي قار الدكتور شهيد الغالبي وممثلون عن مكتب مجلس النواب بالمحافظة ومديرية التربية ونقابة المعلمين وعدد من الأكاديميين والمشرفين التربويين فضلا عن ناشطين مدنيين مهتمين بالشأن التربوي.

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top