كسر المرايا .. المفكر كامل شياع

كسر المرايا .. المفكر كامل شياع

ناجح المعموري

تعرّفت على الفقيد كامل شياع جيداً وعملت معه طويلاً أثناء التحضيرات لبابل عاصمة الثقافة العراقية . وتلازمنا كثيراً وطويلاً ،

لأني كنت في حينها مستشاراً ثقافياً لمجلس محافظة بابل . هذا بالإضافة لاطلاعي على عديد من معارفه وبعض مخطوطاته السردية . ومثل هذه العلاقة توفر عوامل مساعدة للكتابة عن كامل شياع بشكل جيد .

ولابد من الإشارة الى أنني . عشت معه تفاصيل عمل يومي ثقافي يومي تقليدي ، للتحضير للفعاليات ، واختلفنا مراراً وتعقدت العلاقة الحوارية بيننا ، لأنه كان يفكر من خلال مرتبته بالوزارة وبضغوط وظيفته الاستشارية للسيد الوزير . وأنا أضع تصورات لتجربة طويلة في العمل الثقافي التقليدي وعلاقة طويلة وعميقة مع قاعدة لمكونات الثقافة والفن في بابل . ويوماً بعد آخر يتعمق التباين ولم نستطع الوصول الى اتفاقات في جلسات المساء الهادئة . وأبلغت الفقيد بأن ما أقوله اثناء لقاءاتنا الموسعة وبحضور رئيس المجلس ، لا يختلف عن الذي أسمعته إياه ، لأني أكثر قرباً منه للحكومة المحلية وأعرف كيفية تفكيرها ، وما الذي تريده من اللجان العليا التي تحلم بوضع برنامج يليق بمحافظة بابل ، عرفت بدورها الفاعل منذ سبعينيات القرن الماضي في تنوعات الثقافة والفن ، وكيف تحولت مزاراً لكل أدباء وفناني العراق .

لم يقل في يوم من الأيام بالضغوط التي تعرض لها من هرم الوزارة والشخوص الذين يمثلونها بالخفاء كوسيط لنقل ما يظل متكتماً عليه من قبل الفقيد ، لكننا ــ أنا وعدد من أعضاء اللجنة ــ أدركنا موقفه . تكشف لي بوقت متأخر ، خصوصاً بعد استشهاده أن الصديق المفكر كامل شياع كان يقود أحلامنا الثقافية نحو مدينة فاضلة ( ومن حق محافظة بابل ان تفكر هكذا ) لعوامل كثيرة ومعروفة لا أريد العودة لها أو التذكير بها ، لما تتمتع به بابل من ماض عميق وحاضر حيوي مهم وفاعل ، تعرفت على أن الاخ الفقيد لا يريد تعطيل الحلم الخاص بنا ، لكنه يجد تعارض ذلك مع سياسية الوزارة التي يعرف هو تفاصيلها ولا تصرح بها، بل اعتمدت عليه أن يقاتل . ونحن لا نملك أقوى من مشروعنا الذي صوتت عليه اللجنة ودعمه رئيس المجلس وبعض من الأعضاء الأقرب إلينا ، ومعرفة لحماسنا وإخلاصنا لمشروع بابل الجديد الذي نعمل عليه وثقتهم بنا من خلال تفاصيل مشروع مهم للغاية ، كان يشرف عليه الصديق مفيد الجزائري الذي كان رئيساً لهيئة الإحياء والتحديث الحضاري . لكن للأمانة لم يتدخل الاستاذ مفيد من أجل التوصل الى حلول وسط أو الذهاب نحو ليونة أكثر . لأن مشروعنا المقترح ثم التوصل اليه بالمشاورة العميقة معه .

لم يستطع الصديق الفقيد كامل شياع الاقتراب إلينا إلا عبر الحوارات الخارجية ونحن بقينا أكثر تمسكاً بما نعتقده لائقاً لبابل .

أقصى ما ذهب اليه الاستاذ شياع هو السعي من أجل جمع نثارات أو أجزاء يوتوبيّات عرفها جيداً وأراد أن يصوغ يوتبيا واحدة ، لكنها لا تعني لنا تجاوزاً لما وصلنا إليه من مستوى في الثقافة والفن ، بل هي علاقة صريحة على التراجع والنكوص .

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top