الحكومة تراهن على الوقت وسيناريو  الطرف الثالث  في التعامل مع التظاهرات

الحكومة تراهن على الوقت وسيناريو الطرف الثالث في التعامل مع التظاهرات

 بغداد/ وائل نعمة

تحاول الحكومة كسب المزيد من الوقت، استنادا لما يقوله نواب، في مواجهة ازمة الاحتجاجات عبر الترويج الى قصة "الطرف الثالث" الذي تحمله مسؤولية قمع المحتجين.

وينتظر البرلمان، لوقت غير محدد، إجابة وزير الدفاع نجاح الشمري على تلك الجهة المجهولة التي قال بانها استخدمت "غازات سامة" ضد المتظاهرين لم تستوردها الحكومة.

ومنذ ايام يتحدث متظاهرون واطباء في مفارز صحية منتشرة في ساحة التحرير، عن اعراض مريبة للاشخاص الذين يتعرضون للقنابل المسلية للدموع.

ويعتقد مختصون بان تلك الاعراض التي من بينها تشنجات وضعف في وظائف القلب هي بسبب استنشاق "غاز الخردل" الموجود في تلك القنابل.

بدوره اعتبر اسعد المرشدي، نائب عن تيار الحكمة، كلام وزير الدفاع ومسؤولين آخرين عن "الطرف الثالث" هو "تسويف" لعدم تحقيق مطالب المحتجين.

وقال المرشدي لـ(المدى): "اذا كان الطرف الثالث موجودا بالفعل فلماذا لا يتحرك الجهاز التنفيذي والقضائي لاعتقال تلك الجهات التي قد تكون مليشيات او مخابرات اجنبية او مندسين؟".

واشار النائب الى ان هذا "السيناريو" ربما يكون واحدا من "اجراءات المماطلة" التي تقوم بها الحكومة لمواجهة ازمة الاحتجاجات المستمرة منذ اكثر من شهر. وكرر وزير الدفاع قبل ايام حديثه السابق عن وجود "طرف ثالث" في عملية مواجهة الاحتجاجات وضرب المتظاهرين. وقال نجاح الشمري في حوار متلفز مع محطة فرنسية إنه "منذ اليوم الثاني للمظاهرات أصدر رئيس الحكومة عادل عبد المهدي أوامر بعد استخدام السلاح ضد المتظاهرين"، مشددا على أنه "لم يستخدم السلاح لا من الجيش ولا قوات الداخلية" ضد المحتجين. ولم يسم الوزير من وصفهم "الطرف الثالث" الذي يقف وراء قتل المتظاهرين وإذا ما كان هذا الطرف من داخل "الحشد الشعبي"، أوضح الشمري أنه: "لا يمكن أن أؤكد أنه من الحشد الشعبي، لأنه جزء من المنظومة الأمنية العراقية، وهذا الطرف نحن جادون في إبعاده"، مشيرا إلى أنه تم توقيف حوالي 200 شخص.

وفسر الوزير ثقل حصيلة القتلى، التي تجاوزت 300، باستخدام القوات الأمنية لقنابل الغازات المسيلة للدموع، بانها "كانت تطلق بتصويب مباشر إلى رأس المتظاهر، وتؤدي إلى وفاته".

وكان الشمري قال قبل ذلك إن "مدى البندقية التي تستخدمها القوات الأمنية العراقية لإطلاق قنابل الغاز، يتراوح بين 75 – 100 متر"، لافتاً إلى أن العتاد يستخدم في جميع أنحاء العالم.

وبين الشمري في تصريحات صحفية الاسبوع الماضي "أن الغريب هو اكتشاف حالات قتل بقنابل الغاز، طالت المتظاهرين على بعد 300 متر عن القوات الأمنية المسؤولة عن تفريق المحتجين".

كما أكد الوزير أن "المقذوفات التي اكتشفت في رؤوس وأجساد المتظاهرين خلال الفحوصات وعمليات التشريح داخل الطب العدلي، لم تُستورد من قبل الحكومة العراقية أو أي جهة رسمية عراقية، وأن تلك المقذوفات دخلت العراق بصورة غامضة، ويبلغ وزنها ثلاثة أضعاف المقذوف المستخدم رسمياً". وكان الحشد الشعبي، قد نفى قبل ايام وثيقة مسربة اشارت الى علاقته باستيراد قنابل الغاز المسيل للدموع التي قتلت المتظاهرين خلال الاحتجاجات.

وقال الحشد في بيان الجمعة الماضية تعليقا على تلك الوثيقة بانها ضمن "سلسلة الحملات التسقيطية التي تبنتها مؤسسات دولية تتدخل دائما في الشأن العراقي".

غاز الخردل

وقال جليل الخفاجي، وهو استاذ الكيمياء الفيزياوية في جامعة بابل: عند استنشاق "غاز الخردل" يؤثر على القلب واجزاء اخرى في الجسم، لذا يوضع بـ"تراكيز قليلة" في مقذوفات الغاز المسيل للدموع.

واكد الحفاجي على صفحته الشخصية في "فيسبوك" ان المقذوفات التي تستخدم في ساحة التحرير "يستخدم فيها غاز الخردل بتراكيز خطرة وقاتلة". وكانت منظمة العفو الدولية قد قالت في وقت سابق، أن قوات الأمن العراقية استخدمت قنابل مسيلة للدموع "اخترقت جماجم" المتظاهرين.

واشارت المنظمة في تقرير اصدرته مطلع تشرين الثاني الحالي إلى أن هذه القنابل المصنوعة ببلغاريا وصربيا، "يبلغ وزنها 10 أضعاف وزن عبوات الغاز المسيل للدموع التي تستخدم بالعادة والتي تزن ما بين 25 و50 غراما".

بانتظار الشمري

من جهته اكد بدر الزيادي عضو لجنة الامن في البرلمان في تصريح امس لـ(المدى)، ان مجلس النواب ينتظر حضور وزير الدفاع للكشف عن هوية "الطرف الثالث"، فيما لم يذكر وقت حضور الشمري الى البرلمان. وكانت اللجنة قد كشفت في وقت سابق عن ارسال 4 اسئلة الى وزير الدفاع بشأن تصريحاته الاخيرة، من بينها السؤال عن "مصادر استيراد المقذوفات المسيلة للدموع"، و"من هو الطرف الثالث".

وتتقارب لفظة "الطرف الثالث" مع ماتم ترويجه قبل عدة سنوات في الاحتجاجات المصرية في 2011 بعد اسقاط الرئيس السابق حسني مبارك، حيث حملت ذلك الطرف مسؤولية اي حوادث وجرائم ارتكبت في تلك الفترة، ومن بينها التصفيات السياسية.

وكانت تصريحات رئيس الوزراء عادل عبد المهدي الاخيرة، المتعلقة بحادثة خطف اللواء ياسر عبد الجبار، عميد المعهد العالي للتطوير الأمني والإداري في وزارة الداخلية، تلمح الى "الطرف الثالث" ايضا.

وقال عبد المهدي "نشهد ازدياد حالات الخطف التي تقوم بها جهات توحي بأنها تنتمي الى احدى مؤسسات الدولة، سواء بعناوين حقيقية او مزيفة"، مطالبا تلك الجهات باطلاق سراح المسؤول في الداخلية فورا.

وينفي بدر الزيادي، النائب عن سائرون، علمه بهوية الطرف المجهول "الثالث"، لكنه لا يستبعد ان يكون هناك اياد خفية تقتل المتظاهرين الذين تجاوز عددهم الـ300 شخصا.

وقال عضو لجنة الامن في مجلس النواب: "الطرف الثالث لغز وسنقوم بكشفه عند حضور وزير الدفاع الى البرلمان".

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top