بغداد/ المدى
نحو 20 عملية اغتيال نفذت في الشهرين الماضيين طالت ناشطين في 5 محافظات بمعدل 3 عمليات تقريبا في الاسبوع، فيما لم تعلن الحكومة حتى الآن عن الجهة المسؤولة عن تلك الحوادث.
وسجلت البصرة وميسان اعلى معدلات الاغتيالات في البلاد. وعلى اثر ذلك بدأ الناشطون يتداولون فيما بينهم مجموعة ارشادات للحماية الشخصية، من بينها تغيير الطريق بشكل دائم وشريحة الهاتف النقال.
ووجه رئيس الوزراء المستقيل، عادل عبد المهدي، الاثنين الماضي، بعدم تدخل قوات "الحشد الشعبي" في قضايا تخص الأمن، بعد ليلة دموية بمنطقة السنك اتهم فيها اطراف في الحشد بقتل المتظاهرين.
ونقلت وكالة الأنباء العراقية الرسمية عن المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة اللواء الركن عبد الكريم خلف قوله، إن "القائد العام (عبد المهدي) أصدر توجيهاً بعدم تدخل الحشد الشعبي في قضايا تخص الأمن".
وأوضح، أن "القرارات نصت على حصر تكليف الحشد بمهام أمنية بالقائد العام للقوات المسلحة فقط"، لافتاً إلى أن "مقرات الحشد الشعبي داخل العاصمة باقية في مكانها".
وكان قرابة الـ100 مسلح يستقلون سيارات نقل وحمل مدنية اقتحموا ليل الجمعة ساحة الخلاني وسط بغداد وبدأوا بإطلاق الرصاص الحي بصورة عشوائية على المتظاهرين هناك، ما أسفر عن مقتل وإصابة نحو 100 شخص. بدوره يقول مصدر امني لـ(المدى) ان "اغلب عمليات الاغتيال التي جرت في العاصمة والمحافظات ضد ناشطين كانت تجري بعد خروج الضحية من مكان التظاهر، مثل ساحة التحرير او فلكة التربية في كربلاء".
واعتبر المصدر الذي طلب عدم نشر اسمه لحساسية المعلومات، ان تشابه طرق الاغتيالات والتي تنفذ كلها باطلاق الرصاص، تؤشر على ان "المنفذين هم من جهة واحدة".
وكانت مصادر امنية كشفت لـ(المدى) الشهر الماضي، عن "سيناريو" خطف الناشطين في ازقة البتاويين القريبة من ساحة التحرير.
واكدت المصادر آنذاك، ان فصيلاً مسلحا – لم تذكر اسمه- يختطف الناشطين بعد اعداد قوائم باسمائهم من جهاز امني حساس يقوم بمتابعتهم وتصويرهم.
كاميرات المراقبة
ومنذ انطلاق التظاهرات قبل اكثر من شهرين، قتل 11 ناشطا واصيب 8 آخرين، في محافظات بغداد، البصرة، ميسان، كربلاء، والناصرية.
ويتم تعقب الناشطين عبر كاميرات حكومية منتشرة في اغلب المحافظات. وقال المصدر الامني ان "احد الفصائل المسلحة – امتنع عن ذكر اسمه- يقوم بالسيطرة على كاميرات المراقبة في محيط ساحة التحرير المنتشرة على 7 مباني". وكان الناشط علي اللامي من سكنة الكوت، قتل اول من امس، اثناء عودته من ساحة التحرير. وعثر على جثة اللامي، وهو أب لخمسة أطفال، في حي الشعب، حيث كان يسكن في منزل شقيقته لبضعة أيام للمشاركة في تظاهرات بغداد.
كما عثر في الشهر الماضي في بغداد على الناشط عدنان رستم مقتولا في شمالي العاصمة، فيما نجى الناشطان، عبد الحسين عبد الرزاق في الكرادة، والرياضي المشارك في التظاهرات مشتاق العزاوي، والمحامي محمد العاصي ايضا من محاولات اغتيال فاشلة.
وعلى اثر تكرار عمليات الاغتيال، بدأ ناشطون في بغداد بتحذير المتظاهرين لعدم الخروج من ساحة التحرير في اوقات متأخرة من الليل. وقال ناشطون لـ(المدى) انه "تم تحذير الناشطين من اعادة سلك نفس الطرق اثناء الخروج من ساحة التحرير"، كما تم نصحهم بعدم التجول منفردين قرب الساحة وتغيير شرائح الهواتف النقالة بشكل دائم خوفا من عمليات التجسس. ويؤكد الناشطون وجود جهات مسلحة – لم يحددوها- تمتلك خيما في ساحة التحرير تقوم بعمليات التصوير للمتظاهرين بشكل مستمر.
اغتيالات في الجنوب
وكانت ميسان والبصرة قد تصدرتا قائمة الاغتيالات في البلاد بـ10 عمليات، حيث قتل الناشط امجد الدهامات الشهر الماضي باسلحة كاتمة في ميسان، وحيدر اللامي، وجواد الحريشاوي، فيما نجا باسم الزيدي ومجيد الزيدي من محاولتي اغتيال.
وفي البصرة قتل الناشط حيدر عبد الامير، ورسام الكاريكاتير حسن عادل وزوجته، وعبد الامير المالكي، فيما نجا الطالب حسين المياحي من محاولة اغتيال بعد اصابته بـ3 رصاصات في قدمه. وكان المياحي وهو طالب في كلية الكرمة في البصرة، مسؤول عن تحشيد الطلبة في الكلية للاحتجاجات.
وفي كربلاء اطلق قبل ايام مجهولون بدراجة نارية النار على الناشط فاهم الطائي واردوه قتيلا في الحال، فيما نجا الناشطان جواد الوزني من عملية اغتيال، والطبيب مهند الكعبي من 3 محاولات آخرها بعبوة ناسفة استهدفت عجلته.
من يتحمل المسؤولية؟
ولم تعلن الحكومة حتى الآن عن الجهة التي تقف وراء تلك الحوادث، فيما حمل نائبان عن سائرون رئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي مسؤولية قتل المحتجين.
وقال النائب رياض المسعودي في بيان سابق ان "جميع ما جرى وما يجري وما سيحدث يتحمله رئيس الوزراء والوزير والمحافظ".
بالمقابل قال النائب امجد العقابي في تصريحات سابقة إن كتلته "ماضية في إقامة دعوى ضد عبد المهدي بتهمة قتل المتظاهرين".
بدوره قال رئيس تيار الحكمة عمار الحكيم، ان استمرار تعرض الناشطين للترهيب والاغتيال هو "جل ما يسعى اليه اعداء العراق للإيهام بأن الديمقراطية وحرية الرأي في بلدنا مجرد حبر على ورق".
واضاف الحكيم في تغريدة على (تويتر) الاثنين الماضي "من هنا نرى ان على الاجهزة الامنية والاستخبارية العمل على حماية الناشطين ومعارضي الرأي واصحاب النقد البناء والحفاظ على بقاء الكلمة الحرة حية فاعلة في عراق يكفل دستوره حق التعبير عن الرأي". من جهته اعتبر مؤيد السعدي، ناشط في بغداد، ان الاجابة على سؤال من هي الجهة التي تقتل المحتجين هي "غير مهمة".
واضاف السعدي لـ(المدى) :"ارى ان هذه الاسئلة غير مجدية لاننا امام حكومة ووزراء امن وقيادات عسكرية هم المسؤولون عن تلك الحوادث".
واستغرب السعدي، كيف يمكن للحكومة، استنادا لبيانات تصدر عنها، تمييز المندسين "ولا تستطيع تمييز القتلة؟!".
اترك تعليقك