TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: درس ميركل للعراقيين

العمود الثامن: درس ميركل للعراقيين

نشر في: 8 فبراير, 2020: 09:51 م

 علي حسين

لو راجعتَ مثل جنابي ما جرى في الأشهر الماضية، ستجد أنّ العبارات ذاتها تتكرر، فالجميع يعتقد أن المتظاهرين يريدون خرابا، وأن الاحتجاجات ستؤدي إلى انهيار العراق الجديد.

وكان من الممكن التغاضي عن مهازل من عيّنة الجوكر وقبعة ترامب، لولا أن هناك من تعامل مع الموضوع بكثيرٍ من الاستخفاف بعقول الناس، وتصوير الأمر وكأنّ حرباً قادمة ستجتاح البلاد لو أن مطالب المحتجين بمحاسبة الفاسدين وإجراء إصلاحات سياسية وإلغاء المحاصصة تم الانصات لها ، وإذا كان في استذكار بعض الخطب والعبارات، والتوقف عندها، ما يؤكّد أن الحديث عن الإصلاح وحكومة عابرة للطوائف مجرد شعارات زائفة لم تصمد أمام مشروع وضع محمد توفيق علاوي على كرسي رئيس الوزراء، ولهذا حين تخرج علينا جهة سياسية لها نواب ومناصب وامتيازات وهي تعلن أن التظاهرات ماركة مسجلة باسمها ولا يجوز لأحد أن يتظاهر إلا بإذن خطي منها، فمن حقنا أن نسألها: ولماذا تتظاهرون وأنتم شركاء في الحكومة والبرلمان ؟ .

أعرف جيداً أن الكثير من القرّاء الأعزاء سيجدون في حديثي هذا تجنيا ، مثلما يجدون حديثي عن تجارب شعوب العالم نوعاً من الترف لا يهم المواطن البسيط المبتلى بأنباء التقشف وغياب الكهرباء، ولكن اسمحوا للعبد الفقير أن يتحدث عن خبر حدث في بلاد العمة "ميركل" السيدة التي يشاهدها الألمان تقف في الطابور وسط السوبر ماركت تتسوق مثلها مثل أي مواطنة عادية من دون حمايات ولا مصفحات، ولا ضجيج. 

بالأمس شاهدنا هذه السيدة غاضبة، وتعتذر من الناخبين، لماذا ؟ لأن حزبها في ولاية تورينغن الصغيرة تحالف مع حزب يميني متطرف معروف بمواقفه المتشددة ضد اللاجئين والمسلمين، حيث وصفت ميركل تصويت حزبها مع حزب البديل لألمانيا بأنه عمل لا يمكن التسامح معه، ويجب التراجع عنه، وأضافت تقول واصفة ما حدث بأنه كان "يوماً سيئاً للديمقراطية"،.. سيقول البعض إن السياسة هي فن المصالح، لا ياسادة هذه السيدة قدمت لنا وللعالم درسا في أن السياسة فن احترام المبادئ، فلا يحق للسياسي أن يلعب على أكثر من حبل، ليتخذ من السياسة وسيلة للحصول على حصة كبيرة من المغانم والمكاسب.. رفضت ميركل أن يفوز حزبها بمنصب رئيس حكومة الولاية عن طريق التحالف مع حزب يميني متشدد، بينما نجد ساستنا يضعون أيديهم مع سياسيين كانوا يتهمونهم بدعم الجماعات المسلحة والتعاون مع داعش. 

أرجو ألا يظن أحد أنني أحاول أن أعقد مقارنة بين بلاد ميركل وبلاد أصحاب الفخامة، لكنني أحاول القول دوماً، أن لا شيء يحمي الشعوب من آفة الخراب سوى مسؤولين يعرفون معنى الوطنية وينظرون إلى العراقي باعتباره شريكا لهم في الوطن، وليس مجرد نزيل لا يحق له حتى الاحتجاج .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

(المدى) تنشر نص قرارات مجلس الوزراء

لغياب البدلاء.. الحكم ينهي مباراة القاسم والكهرباء بعد 17 دقيقة من انطلاقها

العراق يعطل الدوام الرسمي يوم الخميس المقبل

البيئة: العراق يتحرك دولياً لتمويل مشاريع التصحر ومواجهة التغير المناخي

التخطيط: قبول 14 براءة اختراع خلال تشرين الثاني وفق معايير دولية

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

العمود الثامن: صنع في العراق

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

 علي حسين منذ أن اعلنت نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة، والطاولات الشيعية والسنية تعقد وتنفض ليس باعتبارها اجتماعات لوضع تصور للسنوات الاربعة القادمة تغير في واقع المواطن العراقي، وإنما تقام بوصفها اجتماعات مغلقة لتقاسم...
علي حسين

إيران في استراتيجية الأمن القومي الأمريكي الجديدة

د. فالح الحمـــراني تمثل استراتيجية الأمن القومي الأمريكي الجديدة، الصادرة في تشرين الثاني تحولاً جوهرياً عن السياسات السابقة لإدارتي ترامب وبايدن. فخلافاً للتركيز السابق على التنافس بين القوى العظمى، تتخذ الاستراتيجية الجديدة موقفاً أكثر...
د. فالح الحمراني

ماذا وراء الدعوة للشعوب الأوربية بالتأهب للحرب ؟!

د.كاظم المقدادي الحرب فعل عنفي بشري مُدان مهما كانت دوافعها، لأنها تجسد بالدرجة الأولى الخراب، والدمار،والقتل، والأعاقات البدنية، والترمل، والتيتم،والنزوح، وغيرها من الماَسي والفواجع. وتشمل الإدانة البادئ بالحرب والساعي لأدامة أمدها. وهذا ينطبق تماماً...
د. كاظم المقدادي

شرعية غائبة وتوازنات هشة.. قراءة نقدية في المشهد العراقي

محمد حسن الساعدي بعد إكتمال العملية الانتخابية الاخيرة والتي أجريت في الحادي عشر من الشهر الماضي والتي تكللت بمشاركة نوعية فاقت 56% واكتمال إعلان النتائج النهائية لها، بدأت مرحلة جديدة ويمكن القول انها حساسة...
محمد حسن الساعدي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram