برنامج الزرفي: إشارات عن  حكومة تقشف  وحرمان مؤسسات  خاسرة  من التمويل

برنامج الزرفي: إشارات عن حكومة تقشف وحرمان مؤسسات خاسرة من التمويل

 بغداد/ وائل نعمة

عشية صدامات دموية بين مؤدين لكسر حظر التجوال وقوات أمنية، جنوبي البلاد، قدّم رئيس الوزراء المكلف عدنان الزرفي برنامجاً مختصراً لعمل وزارته.

وتأثرت نحو 200 ألف عائلة في العراق- لا يتسلم أي فرد منهم رواتب من الدولة بحسب إحصاءات وزارة التخطيط- بإجراءات منع التجوال المفروض منذ نحو 3 أسابيع، حيث بدأت تلك الشريحة بتأييد دعوات كسر الحظر، كوسيلة ضغط على الحكومة.

وأكد برنامج الزرفي، إنه سيعيد تشكيل خلية الأزمة المسؤولة عن مكافحة المرض، وتضمن برنامجه كلاماً مقتضباً عن إيصال المواد الغذائية الى الجهات التي تضررت على إثر فرض حظر التجوال، والذي يتوقع تمديده الى نهاية نيسان الحالي. كما حذّر المكلف بتشكيل الحكومة في تصريحات اعقبت نشر البرنامج المكون من 8 صفحات، من "أزمة اقتصادية" قد تؤثر على عملية تأمين الرواتب، وهدّد بـ"ايقاف" تمويل المؤسسات غير المنتجة. وقال المكلف بتشكيل الحكومة عدنان الزرفي، أمس، إن كابينته الوزارية ستضم "موظفين أكفاء"، فيما أكد أن الكتل السياسية وعدت بتمرير حكومته ودعمها. ونقلت الوكالة العراقية الرسمية، عن الزرفي قوله: "أعدّدت كابينة وزارية كاملة مؤلفة من موظفين أكفاء وسأرسل السيرة الذاتية لهم قبل 48 ساعة من موعد الجلسة حسب الدستور". وأضاف أنه أرسل المنهاج الحكومي لمجلس النواب السبت (أمس). وبانتظار تحديد جلسة للتصويت عليه.

برنامج لفترة انتقالية 

وبدا برنامج حكومة الزرفي المرتقبة، أكثر واقعية لوزارة تعمل في مرحلة انتقالية، ولإعداد انتخابات مبكرة في غضون سنة واحدة من تشكيلها، بحسب ما جاء في الوثيقة الحكومية المكونة من 16 فقرة. وعلى خلاف سلفه الذي لم يفلح بتمرير برنامجه، محمد توفيق علاوي، لم يلزم الزرفي نفسه أو وزارته بالمساءلة أمام البرلمان خلال الأشهر الثلاثة الأولى، كما فعل الأول وقبله عادل عبد المهدي. وسار الزرفي على منهج علاوي، باختياره ديباجة هادئة لمقدمة البرنامج الحكومي، لكن حذّر من أن وزارته ستواجه مهمة شاقة تتمثل بقضيتين أساسيتين هما: وباء كورونا، والأزمة الاقتصادية.

في الفقرة الأولى من المنهاج، أكد الزرفي على اتخاذ "إجراءات صارمة" لتطبيق قرارات خلية أزمة كورونا، التي قال بأنه سيعيد تشكيلها، وسيسخر كل الإمكانيات الحكومية والمجتمعية لدعمها. وكانت الخلية التي تقودها وزارة الصحة، قد واجهت خلافات سياسية، بعد أن قرر وزير الصحة الحالي جعفر علاوي، الشهر الماضي، إبعاد مستشارة رئيس الوزراء حنان الفتلاوي، لأسباب غير واضحة، فيما رد رئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي على تلك القرارات، بإنشاء خلية أوسع (الصحة والسلامة والوطنية) برئاسته، وتسربت أنباء أنها (الخلية) ضمّت جزءاً من المطرودين من الأولى المصغرة. وفسر متظاهرون، تأكيد برنامج الزرفي، على "صرامة" تطبيق إجراءات خلية الأزمة التي سيعاد ترتيبها، بانها "زيادة في العنف" ضد الطبقة المهمشة والفقيرة في البلاد. وتداول ناشطون، أمس، أخبار عن مقتل متظاهر واحد على الأقل، في المصادمات الليلة التي جرت بين مؤدين لكسر حظر التجوال في الناصرية، جنوبي البلاد، وقوات أمنية، استمرت لعدة ساعات.

ويرفض بعض السكان، وخاصة في المناطق الفقيرة (مدينة الصدر في بغداد، الناصرية، البصرة)، الاستمرار بالبقاء في "الحجز المنزلي" بسبب عدم امتلاكهم رواتب شهرية تعيل عوائلهم. وقررت الحكومة، قبل أيام، توزيع 30 ألف دينار على نحو 10 ملايين عراقي، لا يستلمون أي رواتب، أو تقاعد، أو مخصصات الرعاية الاجتماعية، فيما لا تبدو تلك الاخبار مطمئنة للعوائل محدودة الدخل، التي تستمر في محاولات كسر الحظر.

حكومة في ظل أزمة اقتصادية 

وقال الزرفي في تصريحات أمس، إن "البلاد تمر بكارثة وقد لا تتمكن من تأمين المرتبات الشهرية"، فيما أكد أن "النفط ملك للشعب ولا يمكن للحكومة أن تتصرف به بشكل غير مناسب".

وبحسب اقتصاديين أن العراق وبسبب انخفاض أسعار النفط (بيع النفط العراق بنحو 18 دولاراً للبرميل الواحد)، قد يُدخل البلاد في عجز شهري مقداره 4 مليارات دولار، حيث نفقات العراق الشهرية تصل الى 6 مليارات دولار، وايراداته (بعد انخفاض النفط) 2 مليار دولار فقط شهرياً.

ويعرض المكلف الجديد لتشكيل الحكومة، رؤية أخرى في إطار مواجهة الأزمة المالية، بأن "يعزل" كل المؤسسات والدوائر غير المنتجة عن "موازنة الانفاق". كما ذكر الزرفي في برنامجه الوزاري إنه سيقوم بـ"ترشيد الإنفاق الحكومي". وينتمي الزرفي، الى كتلة النصر برئاسة رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، وهو صاحب سياسة التقشف التي طبقها بين أعوام 2014-2018، ووفرت بحسب وزير التخطيط السابق في حكومة الأخير سلمان الجميلي، 14 مليار دولار، مقابل اقتراض 13 مليار دولار، بحسب مظهر محمد صالح، المستشار الاقتصادي في حكومتي العبادي وعبد المهدي.

ومرّ برنامج الحكومة المرتقبة سريعاً، على أزمة موازنة 2020، التي مازالت معطلة بسبب الأوضاع السياسية وانخفاض أسعار النفط، داعياً (البرنامج) الى مراجعة سياسية الضرائب. كما استنسخ عدنان الرزفي، برامج محمد علاوي وقبله عبد المهدي، في توسيع الاستثمار وجذب رؤوس الأموال، ومحاربة الفساد.

زيادة عدد الوزارات 

بالمقابل وعد المتظاهرين بإجراء انتخابات مكبرة خلال سنة واحدة من عمر حكومته، وحماية المحتجين ومحاسبة القتلة، وهو كلام كرره محمد علاوي في برنامجه الذي لم ير النور.

اللافت في البرنامج، إنه لم يتضمن أي مواعيد أو سقوف زمنية لتنفيذ أي برنامج، كما لم يتطرق الى الحديث عن مشاريع خدمية مثل الماء والكهرباء والمستشفيات، التي عادة ما تذكر في برامج الحكومات السابقة. وقد يفسر ذلك النقص أو التجاهل في البرنامج، الى أنه منهاج مخصص لحكومة بأهداف محددة ولفترة قصيرة لا تتجاوز العام الواحد، فيما أعاد الزرفي حديث برنامج من سبقوه عن حصر السلاح، واتخاذ سياسية خارجية متوازنة بعيدة عن المحاور.

الجديد في حكومة الزرفي، التي تواجه اعتراضات من بعض القوى الشيعية، هي إعادة وزارة كان قد ألغاها رئيس كتلته (العبادي) قبل 5 سنوات، ضمن ما عرف حينها بـ"حزم الإصلاح".

ولم يكشف حتى الآن أي اسم من مرشحي الوزارات ولاعددها، كما لم يتم تداول أنباء كما جرى مع محمد علاوي، بوجود عمليات بيع للمناصب.

وقال المكلف بتشكيل الحكومة، في تصريحات عقب نشر البرنامج الوزاري، بأنه سيستحدث في حكومته "وزارة شؤون المرأة".

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top