TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: ليتهم كانوا طليان

العمود الثامن: ليتهم كانوا طليان

نشر في: 5 يوليو, 2020: 09:17 م

 علي حسين

ما أن ننتهي من قراءة كتاب ممتع ومؤثر، حتى نتساءل من أين استمدّ الكاتب موضوعه ؟ لسنوات كنت أعتقد أن ألبرتو مورافيا كاتب مهتم بالنساء وعلاقاتهن، مجرد حكايات عن العشق والجريمة راح المؤلف ينفخ فيها بأسلوبه ومخيلته.

لكنني اكتشفتُ وأنا أقرا كتبه بإمعان أن الإيطالي العجوز الذي عاش أكثر من 80 عامًا وكتب أكثر من 40 كتابًا، كان يدرك أن "الخراب ينشأ في العالم عن الجهل واللامبالاة والافتقار إلى الفهم الذي يتوهم أصحابه بأنهم يعرفون كل شيء، ومن ثم يدّعون لأنفسهم الحق في خداع الآخرين". 

أرجو من جنابك ألّا تسخر من سذاجتي وتقول "يا رجل"، تتحدث " بالطلياني " في الوقت الذي تتدخل تركيا في شؤون العراق؟، ولكننا ياعزيزي في هذه البلاد، ننتخب ونصفق لمَن لا يريد الخير لهذه البلاد، ونهتف بحياة من يمارس السياسة على أنها خطب وتسلّية.

مشكلتنا ياعزيزي أنّ المسؤول عندنا أهمّ من الدولة، في حين أنّ إيطاليا التي عيّنت محاميًا مغمورًا في أعلى منصب تنفيذي، وأعني جوزيبي كونتي هي نفسها التي منعت سياسيًّا من عيّنة سيلفيو بيرلسكوني من الوصول إلى كرسيّ رئاسة الوزراء، بل إنها حكمت عليه بعقوبة "الخدمة الاجتماعية" في إحدى دور رعاية المسنّين على خلفيّة الحكم الذي صدر بسجنه بتهمة التهرّب الضريبي، أما في هذا البلد المشاع، فيمكن أن يعين النائب السابق مستشارًا، وأن يظل جالسًا على الكرسي طوال العمر، ما دام هذا الكرسي يجلب الكثير من الأموال .

كنّا جميعًا، أنتم وجنابي، نحلم أن يكون العراق بعد عام 2003 بلادًا للرفاهية والعدالة والقانون، وأن يخرجنا قادةُ العراق الجدد من عصور الخوف. لكنّ الذي حدث كان خارج الأحلام. اختُطف التغيير من قبل أحزاب سعت إلى أن تفصِّل الحكم على مقاسها الخاص، وأصبحت العدالة الاجتماعية، والتسامح والعيش المشترك مؤامرة ماسونيّة. ولم يتحقّق سوى شيء واحد: "دولة الفرهود".

في كل يوم يكتشف المواطن العراقي أنه على حافة المجهول. والمجهول في كل مرة مؤلم، لأنه يتعلق بمستقبل الملايين من الناس الذين لا تعنيهم معركة أحزاب السلطة على كراسي الحكومة، ما دام الخراب يخيم على مؤسسات الدولة .

في هذه البلاد التي يراد عليها ان تعيش تحت ظلال الصواريخ ، سوف تسمع عبارة واحدة يطلقها السياسيون الذين شاركوا في تقاسم الغنائم والمغانم منذ سبعة عشر عاما، والعبارة هي نحن معارضة، اما الخراب الذي حصل والمدن التي دمرت والملايين التي شردت، والمليارات التي نهبت ، فهي حكاية من حكايات الخيال .

كان ألبرتو مورافيا يقول: لا يمكن أن تكون هناك إيطاليا إلا إذا اعترف السياسيون أن هناك دولة إيطالية قبلأن يكون هناك سياسيون، مشكلتنا أن السياسيين يعتقدون أنهم وُلدوا قبل الدولة والوطن.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

(المدى) تنشر نص قرارات مجلس الوزراء

لغياب البدلاء.. الحكم ينهي مباراة القاسم والكهرباء بعد 17 دقيقة من انطلاقها

العراق يعطل الدوام الرسمي يوم الخميس المقبل

البيئة: العراق يتحرك دولياً لتمويل مشاريع التصحر ومواجهة التغير المناخي

التخطيط: قبول 14 براءة اختراع خلال تشرين الثاني وفق معايير دولية

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

 علي حسين منذ أن اعلنت نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة، والطاولات الشيعية والسنية تعقد وتنفض ليس باعتبارها اجتماعات لوضع تصور للسنوات الاربعة القادمة تغير في واقع المواطن العراقي، وإنما تقام بوصفها اجتماعات مغلقة لتقاسم...
علي حسين

إيران في استراتيجية الأمن القومي الأمريكي الجديدة

د. فالح الحمـــراني تمثل استراتيجية الأمن القومي الأمريكي الجديدة، الصادرة في تشرين الثاني تحولاً جوهرياً عن السياسات السابقة لإدارتي ترامب وبايدن. فخلافاً للتركيز السابق على التنافس بين القوى العظمى، تتخذ الاستراتيجية الجديدة موقفاً أكثر...
د. فالح الحمراني

ماذا وراء الدعوة للشعوب الأوربية بالتأهب للحرب ؟!

د.كاظم المقدادي الحرب فعل عنفي بشري مُدان مهما كانت دوافعها، لأنها تجسد بالدرجة الأولى الخراب، والدمار،والقتل، والأعاقات البدنية، والترمل، والتيتم،والنزوح، وغيرها من الماَسي والفواجع. وتشمل الإدانة البادئ بالحرب والساعي لأدامة أمدها. وهذا ينطبق تماماً...
د. كاظم المقدادي

شرعية غائبة وتوازنات هشة.. قراءة نقدية في المشهد العراقي

محمد حسن الساعدي بعد إكتمال العملية الانتخابية الاخيرة والتي أجريت في الحادي عشر من الشهر الماضي والتي تكللت بمشاركة نوعية فاقت 56% واكتمال إعلان النتائج النهائية لها، بدأت مرحلة جديدة ويمكن القول انها حساسة...
محمد حسن الساعدي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram