ترجمة / حامد احمد
الآثار التي ما تزال مدفونة تحت رمال مئات المواقع التاريخية في العراق تثير اهتمامات فرق التنقيب العالمية التي اوقفت انشطتها منذ زمن طويل بسبب الحروب المتعاقبة في البلد وعدم ملاءمة الوضع الامني لمثل هكذا بعثات. أما اليوم فان مثل هكذا انشطة تنقيبية قد عادت لمزاولة عملها مع وضع تركيزها لحل كثير من الالغاز المدفونة في 12,000 موقع تقريبا تعود تواريخها لاحقاب زمنية مختلفة.
بعد غياب استمر 30 عاما، استأنفت بعثة التنقيب الآثاري الفرنسية في 23 تموز مهامها الاستكشافية في موقع، لارسا، الاثري عاصمة مملكة لارسا، وهي أول دولة يتم تأسيسها مع بداية الالفية الثانية لما قبل الميلاد. وكانت البعثة قد كشفت النقاب سابقا عن شبكة قنوات مائية ضخمة وجسر ووحدات سكنية مع معبد كبير وكذلك الواح طينية يعود تاريخها للعصر البابلي القديم. وكانت بعثة فريق آثار اميركي من جامعة شيكاغو قد باشرت العمل عام 2019 في موقع مدينة، نيبور، التاريخية في الديوانية التي يعود تاريخها الى 2500 سنة قبل الميلاد. وقالت هيئة الآثار في الديوانية لموقع مونيتر "ان الفريق اجرى مسحا شاملا للمدينة الاثرية استعدادا لتنفيذ اعمال تنقيب واستكشاف واسعة في الموقع ."
وكذلك العام الماضي، اكتشف فريق آثار الماني موقعا يبلغ عمره أكثر من 3,400 سنة مضت يعود لعهد الامبراطورية الميتانية، وبدأ فريق أيطالي باعمال التنقيب في موقع، تلول البقرات، الذي يعود للعهد البابلي في محافظة واسط . وفي كانون الثاني، اكتشف فريق آثاري إيطالي – كردي مشترك عشرة نقوش صخرية في دهوك تعود للعصر الآشوري .
استنادا لعضو الهيئة العامة للآثار والتراث الخبير الآثاري، جُنيد عامر حميد، فان لمدينة لارسا أهمية استثنائية.
وقال للمونيتر "عودة بعثة تنقيب فرنسية بعد غياب 30 عاما يُبشر بعهد تنقيبات جديدة. انها ثمرة تنسيق بين هيئة الآثار والتراث العامة والمعهد الفرنسي للشرق الادنى والسلطات المعنية كذلك ." وقال حميد ان اول عملية تنقيب محدودة جرت في موقع مدينة لارسا كان في عام 1933، وتبعتها عمليات تنقيب اخرى في حقبة السبعينيات، واستمر التنقيب في المدينة التاريخية حتى عام 1989 .
واضاف قائلا "اجرت البعثة الفرنسية – العراقية عدة مسوحات جيومغناطيسية للموقع لاعداد خرائط. ونجحت في تحديد موقع معبد، أي بابار أو بيت الشمس، معبد الاله شمش. ويضم الموقع زقورة يمكن رؤيتها عن بعد. واكتشفت البعثة قصورا بمساحات 500 متر مربع وكثير من الواح طينية مسمارية ." مدير متحف ذي قار، عامر عبد الرزاق، قال ان التنقيبات ساعدت في مد المتحف العراقي بكثير من القطع الاثرية، مؤكدا بقوله "أي قطعة اثرية تُكتشف ضمن اراضي المحافظة، بضمنها موقع لارسا، لا تستلم من قبل متحف المحافظة ولكن ترسل الى المتحف العراقي الوطني في بغداد الذي يتخذ بدوره الاجراءات المناسبة ويقرر اين يتم حفظ هذه القطع". وقال عبد الرزاق ان قسما من القطع الاثرية المهمة التي عثر عليها المنقبون في لارسا ومواقع اخرى قد تم الاحتفاظ بها في متحف الناصرية، الذي تم تأسيسه في العام 1969 والذي يعتبر ثاني اكبر متحف في العراق بعد المتحف الوطني. تتضمن هذه القطع هيكلا عظميا عمره 6,500 سنة وتمثالا برونزيا للملك أور نمو واحدى اقدم العجلات في حضارة وادي الرافدين ومجموعة مهمة من الاختام الاسطوانية المسمارية وتماثيل لملوك وشخصيات سومرية . حسين جاسم الشمري، المستشار الاعلامي للجنة الثقافة والسياحة والآثار في البرلمان، قال للمونيتر "العراق يأمل ان تؤدي عودة البعثة الفرنسية بعد غياب 30 عاما لاكتشافات أخرى في المدينة التاريخية". ويترأس فريق البعثة الفرنسية عالم الآثار، ريجز فالي، من المركز الوطني الفرنسي للابحاث العلمية . واضاف الشمري بقوله "البعثة كشفت عن خارطة مدينة ضخمة صممت بطريقة هندسية متطورة، مما يثبت ان هناك كثيرا من الكنوز الآثارية ما تزال مدفونة تحت الارض. يجب التنقيب عن هذه الآثار قبل ان يتم سلبها من قبل مهربين، ويتم تحقيق ذلك فقط عن طريق استخدام برامج البعثة العلمية للتنقيب". وقال ان "لجنة الثقافة البرلمانية تسعى لازالة جميع المعوقات التي تعيق اعمال التنقيب، وذلك لتشجيع البعثات الاثارية على المجيء الى العراق ولتدعم خطط التنقيبات المرسومة من قبل خبراء. مهمتنا هي توفير دعم برلماني بمخاطبة جميع الجهات الحكومية."
فلاح العاني، مدير العلاقات في وزارة الثقافة، قال انه بينما تعرضت اعمال التنقيب لوطأة الحروب، فان بعثات التنقيب الاجنبية ما تزال متحمسة لمواصلة مهامها .
واضاف بقوله "انهم لديهم رغبة عارمة لاكتشاف ما مدفون من آثار حضارية عراقية، انهم غالبا ما يتجاهلون التحذيرات الامنية لسفاراتهم حول مخاطر العمل في العراق. وعلى السلطات العراقية ان توفر بيئة مناسبة لتشجع خبراء الآثار الاجانب على المجيء الى البلاد وانقاذ كنوزنا الضخمة المدفونة عميقا تحت الارض منذ آلاف السنين ."
عن: المونيتر