المدى في الميدان: كيف تجاوز بائعو الخردة أزمة كورونا؟

المدى في الميدان: كيف تجاوز بائعو الخردة أزمة كورونا؟

 المدى/ بغداد

يخرج نذير (53 سنة) في الرابعة فجرًا من منزله، ليدفع عربته المليئة بمواد الخردة لبيعها في ساحة الميدان وسط العاصمة بغداد.

تجولت (المدى) في الميدان والتقت نذير، وبعض ممن يزاولون المهنة نفسها، الذي راح يسرد معاناته اليومية وكيف يواجه مصاعب الحياة التي يعيشها مع اسرته المكونة من 8 أفراد.

يقول نذير إنه يخشى على اطفاله من زجهم في سوق العمل، وهو يحرص على توفير حياة كريمة لهم بما يجنيه من بسطة الخردة الخاصة به، بحسب تعبيره.

ويضيف في حديثه لـ(المدى) أنه "رغم عوقي الذي اصابني بعد انفجار وقع في منطقة البياع الا أنني اخرج في الرابعة فجرًا من صباح كل يوم بحثًا عن لقمة شريفة لعائلتي المكونة من 8 أفراد".

ورغم مراجعته الكثيرة للدوائر المعنية الا انه لم يحصل على حقوقه المادية جراء الاصابة، وفقا له. 

وعن معاناته جراء ازمة كورونا وتعطل عمليات البيع والشراء، يستذكر نذير أيامه الصعاب بالقول: "لجأت لبيع السكائر في ابواب احدى المستشفيات لانها كانت تعج بالمرضى المصابين بالفايروس وكانت بمثابة مجازفة العمر بالنسبة لي".

ويبين لـ(المدى) أنه رفض الظهور في العديد من اللقاءات التلفزيونية خوفًا من رؤية أطفاله له وشعورهم بـ"العار" لما هو عليه، على حد تعبيره.

وعلى الجهة المقابلة لنذير يجلس إبراهيم صالح على رصيف السوق ويعرض مجموعة من الملابس المستعملة (البالة). 

وعندما التقته (المدى) تحدث قائلًا: "تواجدي هنا يقتصر على يوم الجمعة فقط لانه يوم الذروة على صعيد المتبضعين".

ويضيف: "أما بقية أيام الاسبوع فأقضيها في عملي الحكومي كوني منتسبًا في الجيش العراقي".

وعن مصدر بضاعته يؤكد أن "غالبيتها من سوق مريدي" المعروف ببضائعه زهيدة الثمن. 

ويجاور إبراهيم رجل طاعن بالسن يدعى نزار جوهر، لا يضع شيئا على رأسه يقيه من حر الشمس. 

أيام سود

يسرد جوهر معاناته لـ(المدى) بالقول: "لقد مررنا بأيام عجاف خلال ايام الحظر الشامل التي عاشها العراق لأشهر متتالية جراء تفشي فايروس كورونا". 

ويشير الى أنه أُجبر على الاستدانة من بعض رفاقه، لان ما جمعه في ايام الرخاء نفذ في الايام الاولى للحظر، على حد تعبيره.

ويضيف أنه يزوال عمله في سوق الميدان منذ 10 سنوات، كما انه يُعد السوق الارخص بين اسواق العاصمة.

ويبين أن "البعض يعطيه مواد خردة لبيعها في بسطيته ومن ثمة تجري مقاسمة الارباح في نهاية اليوم".

بدوره، يعزو يونس أبو عمر (59 سنة)، أسباب تبضعه من السوق الى احتوائه على العديد من البضائع الاصلية والتي غالبيتها أجنبية الصنع.

ويضيف أنه يتبضع منذ أكثر من 30 عامًا من سوق الميدان. 

ويشكو أبو عمر، وهو صاحب محل في سوق الميدان، من اغلاق الشارع المؤدي الى محله، لافتًا الى أن ذلك تسبب "بخسار كبيرة له ولأصحاب المحال المجاورة له".

وبتقدمنا نحو شارع الرشيد، التقينا بمحمد الموسوي وهو بائع تحفيات يزوال تلك المهنة التي امتهنتها عائلته منذ العهد الملكي في العراق.

ويسرد في حديثه لـ(المدى) عن تاريخ السوق قائلًا: "إنه سوق تراثي قديم، يعود الى زمن الدولة العباسية وانتعشت التجارة فيه لان العراق كان مفترق طرق بين دول العالم". 

ويتابع أن السوق استمر بالانتعاش حتى سقوط النظام الملكي ومن ثمة انتكس خاصة بعد مرور العراق بثلاث حروب أجبرت العراقيين على بيع مقتنايتهم".

ويبين: "عندما تشاهد المواطن يبيع مقتنياته تستشف أن هناك ازمة اقتصادية يعيشها البلد".

ويؤكد: "الاهتمام زاد بسوق التحفيات في الآونة الاخيرة خاصة وأن الكثير من البيوت البغدادية تسعى للمحافظة على التراث العراقي".

وختم حديثه بالقول: "الظروف السياسية والاقتصادية تؤثر على عملنا خاصة خلال الفترة التي شهدت تفشي فايروس كورونا الذي اجبرنا على ترك العمل لكننا استمرينا بدفع الايجارات والضرائب". 

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top