( رسائل عتيقة )

( رسائل عتيقة )

نجم عذوف

ها أنتَ تَنثر فوقَ الحزنِ حزناً ، وتُسَوّر ليالينا المتشحة بالهمِّ 

ها أَنتَ تبعثرُ ذاكرتنا المثقوبة على شاطئ الوجع الملون بالوحشة 

كنا هناك حيث القمر الذي تطوقه الوحدة ويلفه بعباءتها نواح الفاقدات ,

وهن يضعنَ جدائلهن فوق مويجات الشاطىء بعيونٍ حفرها الدمع 

ياسعد سباهي كيف تُخيطُ جراح الليل الغجري ,

وتوقظ الحُلم المخصي فوقَ وسادة الحلم العابر للضفة الاخرى ،

وكيفَ تلملم صوتَ الموال ونشيد العزلة وأنتَ الطافح بالهمِ 

هل تذكر حينَ رسمناَ وجه الفرح الوهمي ,

ونحن نَجرُ الصمت المذعور بكأس اللوعة ،

ونُصغي لحنجرة (( الحميدي))* ,

وهو يطوحُ بتراتيل القداس الأخير ( والوطن سالم سعيد ) 

من بعيد تلوّحُ فوانيس ( انليل ) لنا ولجلساتنا السرية 

ويشير الى ألهة سومر أن تسقينا كأس الجدوى 

ليطربنا صوت ( سامي ) بمقام ( الدشت ) ,

و نثمل .. نثملُ

وحين نفيقُ نَجدُ أنا كنا نطاردُ حلماً أكثر عتمةً من سنواتنا .

ليسَ هناكَ سحابة تظللُ صمتنا من سورِ الخوفِ ,

ولا نجمةً تُضيء قدرنا المعتم 

نحن ندامى الهزيع الاخير من الذاكرة 

نطوفُ حولَ موقد اللاجدوى

ونلتحف ضفاف أعمارنا الخاوية كنخلةٍ بائسة 

تركتنا المدن على أسوارها مثقلين بالطعنات ,

وأفراس الحروب تسحقنا بحوافرها ،

ونحن نندب حظنا التعيس 

حظنا النزر ، ثم نموتُ كفراشةٍ غريبة 

ما زالت حكاياتنا تهرول بين الشاطئ والجسر 

نشتم رائحة الورد المتناثر على الضفاف ،

وننسخُ من الفراغ ظلال الأرقام المطوقة 

أيتها الألوان المشغولة بوسائسها امسكي بنزيف الطبائع الحاذقة ، 

والخوف الغرائبي ،

ودعينا نحلم بحطام المراثي ولهاث الصباح الأليف 

نحن مطوقون بالحصاد ومكيدة الأسى 

حينما يداهمنا المغيب تمسك بنا الوحشة وتهدينا الى مشاغل النهر

تتلقفنا ضفافه المتوكئة على أوجاعنا العابرة 

لماذا نذرتنا الرياح الى أباريق الآلهة المتشحة بالهزائم 

وطحنتنا الوحشة وأشعلت بخور مساءاتنا اليابسة 

غبار حزننا الكفيف يرسم دمعةً على أخر شهقة فوق قبورنا 

نحن نلهثُ وراء بقائنا لكنَّ الساعات مشغولة . .

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top