TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: أردوغان أنطوانيت

العمود الثامن: أردوغان أنطوانيت

نشر في: 2 نوفمبر, 2020: 09:10 م

 علي حسين

قبل أكثر من مئتي عام توجه العشرات من فقراء فرنسا يطالبون بتوفير الخبز، وقد ختموا مسيرتهم بالتوجه إلى قصر فرساي حيث يسكن الملك والملكة، ولدى اقترابهم من القصر، علت صرخاتهم:

"نريد خبزًا"، وتروي الكتب التي أرّخت لهذا المشهد أن ماري أنطوانيت أطلت من شرفة القصر وهي تنظر إلى الجموع الغاضبة لتسأل أحد الحراس: ماذا يريد هؤلاء؟ فأجابها: إنهم يريدون خبزًا، في تلك اللحظة هزت الملكة رأسها وهي تغادر شرفة القصر وتقول: فليأكلوا إذن البسكويت، شكك البعض في الرواية وقبلها كثيرون وتناقلوها عبر العقود.

ما الذي ذكرني بهذه الحكاية التي مضى عليها أكثر من مئتي عام؟، سأقول لكم ياسادة، وأنا أتصفح مواقع الأخبار قبل ايام لفت انتباهي تقرير أراد من خلاله أردوغان أن يعيد علينا حكاية ماري أنطوانيت، ففي زيارة لإحدى المدن التركية التي تعاني من وضع اقتصادي صعب بسبب مغامرات أردوغان في إعادة أمجاد الخلافة العثمانية وإرسال الجيوش شمالًا وجنوبًا، وجد "السلطان" أردوغان نفسه أمام مواطن يقول له: "نحن عاطلون ولم نعد نستطيع شراء الخبز لبيوتنا"، فجاء الرد مضحكًا يذكر الناس بحكاية المرحومة ماري أنطوانيت حيث رمى بكيس شاي إلى المواطن المغلوب على أمره وهو يقول : "إن لم تجدوا الخبز فعليكم بالشاي، أشربوا الشاي هذا الشاي لذيذ".

منذ أن افتعل أردوغان الانقلاب العسكري لا يمر يوم على تركيا، إلّا ونجد أردوغان جزءًا من خبرٍ عاجلٍ، فمرة يصدر قرارًا باعتقال الآلاف لمجرد الاشتباه، ومرة يطرد المئات من وظائفهم لأنهم لا يسبّحون بحمده، ومرات يريد أن ينظف الجامعة والجيش من الذين لا يهتفون له في الساحات.. وتقول تقارير المنظمات الدولية إن الظلم والتعسف لحِق "بمئات الآلاف من الأتراك في ظلّ الطوارئ الاردوغانية ، ولعل حجم الاستبداد السياسي وصل في ظل أردوغان بلغ حدودًا لم يتصورها أحد. واردوغان الذي يذرف الدمع على محمد مرسي ، كان قد حقق رقما قياسيا في ملاحقة رفاقه وعزلهم عن مناصبهم ، جميع الأسماء التي كانت تشكل الحكم في السنوات الماضية ، أبعدها أردوغان دون تردد. و لاننسى ما يفعله باكراد تركيا ، ومغامراته في الاستعانة بالدواعش والجماعات الارهابية لزعزعة استقرار مصر والعراق وليبيا ، وتدخله السافر في الاراضي السورية لحماية النصرة وما شابهها ، ولم يخبرنا لماذا تستضيف تركيا جوقة من الارهابيين الذين يتامرون على بلدانهم .

لم يأكلوا خبزا ، ولعل راحتهم في شرب الشاي كما قرراردوغان ، أنهم ينتظرون ان تنتهي مغامرات السلطان . تخيلوا دولة يريد لها فرد واحد ان تهتف باسمه ، من اجل مجد زائف ، ومغامرات مضحكة ، واحلام بخلافة عثمانية لم تجلب للشعوب سوى المآسي 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

«الإطار» يطالب بانسحاب السوداني والمالكي.. وخطة قريبة لـ«دمج الحشد»

تراجع معدلات الانتحار في ذي قار بنسبة 27% خلال عام 2025

عراقيان يفوزان ضمن أفضل مئة فنان كاريكاتير في العالم

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

بغداد تصغي للكريسمس… الفن مساحة مشتركة للفرح

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، وبيانات الانسداد، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله وعجزه عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجز عن مواجهة...
علي حسين

قناطر: شجاعةُ الحسين أم حكمةُ الحسن ؟

طالب عبد العزيز اختفى أنموذجُ الامام الحسن بن علي في السردية الاسلامية المعتدلة طويلاً، وقلّما أُسْتحضرَ أنموذجه المسالم؛ في الخطب الدينية، والمجالس الحسينية، بخاصة، ذات الطبيعة الثورية، ولم تدرس بنودُ الاتفاقية(صُلح الحسن) التي عقدها...
طالب عبد العزيز

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

أحمد حسن المدرسة الحكومية في أي مجتمع تعد أحد أعمدة تكوين المواطنة وإثبات وجود الدولة نفسها، وتتجاوز في أهميتها الجيش ، لأنها الحاضنة التي يتكون فيها الفرد خارج روابط الدم، ويتعلم الانتماء إلى جماعة...
أحمد حسن

فيلسوف يُشَخِّص مصدر الخلل

ابراهيم البليهي نبَّه الفيلسوف البريطاني الشهير إدموند بيرك إلى أنه من السهل ضياع الحقيقة وسيطرة الفكرة المغلوطة بعاملين: العامل الأول إثارة الخوف لجعل الكل يستجيبون للجهالة فرارًا مما جرى التخويف منه واندفاعا في اتجاه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram