بغداد/ وائل نعمة
بعد 3 سنوات على اعلان بغداد القضاء على داعش، تواجه القوات الامنية صعوبة في كيفية التعرف على بقايا التنظيم.
نهاية الاسبوع الماضي، قتلت قوات التحالف وفق معلومات عراقية، اكثر من 15 مسلحا في جنوب كركوك، في حصيلة هي الاكبر لمثل هذه العمليات منذ 2017.
وغالبًا ما تنتهي حملات التمشيط والتطهير بدون اعتقال او قتل مسلحين، لأسباب تتعلق بتسرب المعلومات الامنية او تخفي عناصر التنظيم.
ومسح ما تبقى من تنظيم داعش كل العلامات السابقة لمقاتليه، فبات عناصره يرتدون سراويل "الجينز"، ويحلقون ذقونهم، وآخرون يستخدمون سيارات وآليات المزارعين للتخفي.
في كركوك، يقول مصدر أمني مطلع لـ(المدى)، ان هناك اكثر من "1000 مسلح" مازالوا يتحركون في مناطق شاسعة، ويختبئون في الوديان.
ولا يمكن بحسب المصدر التعرف على عناصر التنظيم، لانهم "صاروا يرتدون مثل ملابس الشباب العادية، ويسرحون شعرهم بطريقة حديثة، كما يستقل آخرون في المناطق الريفية آليات المزارعين مثل (التركتر) والـ(بيك أب)".
والتزم عناصر داعش لسنوات بالملابس الافغانية التقليدية واطالة اللحى والشعر، لتمييز أنفسهم عن الآخرين.
آخر المدن المحررة
ويضيف المصدر الامني أن "الحويجة- وهي آخر المدن المحررة- تحولت في النهاية الى تجمع للفارين من باقي المدن التي كان يسيطر عليها التنظيم، والقياديين منهم يسكنون في الوديان".
وأعلن يحيى رسول، الناطق باسم القائد الأعلى للقوات المسلحة، يوم الجمعة، عن عملية كبرى في محافظة كركوك ليلة الخميس واكتملت صباح يوم الجمعة ضد بقايا مفرزة لتنظيم داعش.
وقال المصدر إن "العملية كانت ضربات للتحالف الدولي في الوادي، عبر معلومات استخبارية من القوات العراقية".
بالمقابل اكد جهاز مكافحة الإرهاب انه "تم قتل 16 عُنصرا إرهابيا جرى الاشتباك معهم داخل مضافاتهم السرية قُتل عدد منهُم جراء المواجهة المباشرة وتم قتل الآخرين بواسطة طائرات القوة الجوية التابعة للتحالُف الدولي أثناء مُحاولتهم الهروب من المواجهة".
واضاف الجهاز في بيان: "ثم شرعت القوة بتفتيش المضافات بعد تطهيرها من زمر داعـش الإرهابية، حيث تم العثور على وثائق هامة، وعدد من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة وجوازات السفر ومبالغ مالية محلية واجنبية".
ويختبئ الجزء الاكبر من داعش في 3 وديان تقع بين محافظتي صلاح الدين وكركوك، وهم: وادي خناجر، الشاي، وزغيتون.
ملاذ الفارين
احمد خورشيد قيادي في حشد الحويجة، يقول لـ(المدى) ان "اتساع حجم تلك المناطق لا يمكن السيطرة عليه حتى لو وضعنا 10 فرق عسكرية"، مبينا ان "وعورة الارض تجعلهم يتحركون بسرعة مستخدمين الدراجات النارية".
ويبلغ عرض وادي زغيتون وأبو خناجر ما يقارب 4 إلى 5 كم وبطول 73 كم، وهي مناطق متصلة بجبال حمرين التي تمتد الى ايران.
ويضيف خورشيد: "هذه الوديان هي ملجأ للفارين من الدولة منذ عقود، وتضم انفاقا وكهوفا"، مشيرا الى انه "لا يمكن السيطرة عليها بدون جهد استخباري".
وظلت الحويجة، التي تقع الوديان بالقرب منها، منطقة قلقلة امنيا، بسبب عمليات التطهير السريعة التي جرت بالتزامن مع استفتاء الاقليم في عام 2017.
وبعد شهرين من تحرير الحويجة (في تشرين الاول 2017)، بدأت "فلول داعش" تتسرب بشكل تدريجي الى المدينة، وبحسب المصادر، كان هناك نحو 3 آلاف مسلح قبل عملية التحرير.
وعاد عدد منهم (الدواعش)، وفق المصادر، الى الدوائر الحكومية وبعضهم في مواقع حساسة، حيث يستغلون عدم وجود قاعدة بيانات واضحة لدى السلطات بأسماء المسلحين والمتعاونين معهم.
انسحاب البيشمركة
ويلوم مسؤولون في كركوك، الحكومة الاتحادية التي ابعدت قوات البيشمركة عن المدينة بدون تنسيق مسبق، والتي كانت تعرف بشكل جيد كل اسماء مقاتلي التنظيم والمساعدين، الذين احتلوا الحويجة لأكثر من 3 سنوات.
وانسحبت القوات الكردية في منتصف تشرين الاول الماضي 2017، بعدما انتشرت القوات الاتحادية في المناطق المتنازع عليها.
وتبدو اغلب المداهمات التي تنفذ في الحويجة والنواحي التابعة لها، لملاحقة المطلوبين معلومة لدى المسلحين، الذين يختفون ثم يظهرون بعد انتهاء الحملة.
ويعتقد المسؤولون ان الدوائر الامنية مخترقة، وان بعض الموظفين يعملون في النهار مع الحكومة وفي الليل مع المسلحين.
ومنذ تحرير الحويجة، لم تتوقف الحوادث الامنية، وتتصاعد بشكل تدريجي، حتى وصلت الى حد اختطاف السكان، ونصب سيطرات وهمية على الطرق الخارجية.
ويؤكد القيادي في حشد الحويجة خورشيد، ان "هناك بين 40 الى 50 قرية في محيط الحويجة خالية من السكان، لانهم يخشون هجمات داعش المتكررة".
إعادة انتشار القوات
وتأجلت عملية تحرير الحويجة لعدة اشهر، حيث كان من المخطط ان تتم عملية الاقتحام قبل هجوم الموصل في تشرين الاول 2016، لكن التريث كانت وراءه اسباب سياسية ابرزها سيطرة القوات الاتحادية على كركوك بعد ذلك، بحسب بعض المصادر.
وكان نحو 1000 مسلح سلموا أنفسهم خلال عمليات تحرير الحويجة، الى قوات البيشمركة. لكن أنباء لم تتأكد تحدثت بعد ذلك عن فرار بعض المعتقلين، عقب عملية الانتشار الاخيرة للقوات الاتحادية في كركوك.
جمال شكور، النائب عن كركوك يقول لـ(المدى) ان "اعادة عوائل داعش الى كركوك لأغراض التغيير الديموغرافي، تساعد في عودة نشاط التنظيم وفي التغطية عليه وايصال المعلومات له".
وشهدت كركوك في الشهرين الماضيين، تنفيذ هجومين اثنين بواسطة انتحاريين، بعد تراجع التنظيم لنحو 5 اشهر عن هذا الاسلوب.
وكان من المفترض ان يعيد الاتفاق الذي وصل الى مراحل متقدمة، بين بغداد وقوات "البيشمركة" الامن الى المناطق المتنازع عليها، لكنه اتفاق يواجه اعتراضا شديدا من جهات شيعية وسنية.
ويقول المصدر الامني المطلع في كركوك ان "جهات سياسية حصلت على امتيازات في كركوك عقب مغادرة الكرد، تتمدد الان في كركوك ولن ترحب بأي اتفاق جديد".
ويتوقع جمال شكور، النائب عن كركوك، أنه في حال تطبيق القرار "وتعود البيشمركة في الاطراف على الاقل، كمرحلة اولى، سيساعد بالسيطرة على بقايا داعش في الحويجة".
اترك تعليقك