ترجمة / أحمد فاضل
الإصدار المرتقب لسيرة بليك بيلي التي طال انتظارها " فيليب روث : سيرة " ، عن عملاق الأدب الراحل ،
جعلنا نفكر كثيراً في مجموعة الأعمال الضخمة لروائي نيوجيرسي ( والتي تألفت من سبعة وعشرين عملاً كاملاً من أعمال الروائي ، على مدى خمسين عاماً من العمل ) .
ولو رجعنا قليلاً لأحد أهم أعماله تلك ، فسوف نتوقف حتماً أمام روايته القصيرة واللاذعة " وداعاً كولومبوس " ، التي تم نشرها في عام 1959 ، عن رجال يهود أميركيين مندمجين في المجتمع الأميركي من الجيلين الثاني والثالث ، فاز مؤلفها الشاب وقتها ( حيث كان لا يزال في منتصف العشرينيات من عمره ) ، بجائزة الكتاب الوطني للرواية عام 1960 .
فيما يلي واحدة من أولى المراجعات للرواية نُشرت في صحيفة
نيويورك تايمز بوك ريفيو ، قبل ستين عاماً والتي وصفت روث بالراوي القصصي الجيد والمثمن البارع للشخصية ، ومسجل متحمس لجيل متردد ، فإلى أي مدى يجب أن تذهب إلى الخلف لاكتشاف بداية المشكلة ؟
منذ بضع سنوات ، في أيام النهضة الأدبية الأميركية الجنوبية ، علقت الناقدة إيلين غلاسكو ، أن ما يحتاجه الجنوب هو" دم جديد لهذه النهضة " ، ويمكن قول الشيء نفسه عن بعض الكُتّاب الجدد الذين اهتموا بتصوير دور اليهودي في المجتمع الأميركي ، وهو موضوع مجموعة القصص القصيرة والرواية القصيرة التي كتبها فيليب روث " وداعاً كولومبوس " ، مدرس اللغة الإنكليزية في جامعة شيكاغو ، البالغ من العمر آنذاك 26 عاماً ، تم نشرها في هاربرز و باريس ريفيو ونيويوركر فاز عنها بجائزة الزمالة الأدبية ، قال عنها الناقد هوتون ميفلين :
" هي رواية مثيرة للإعجاب ، فيها دماء وقوة وحب وكره ومفارقة ورحمة " .
رواية روث عبارة عن اختلاط متناقض إلى حد ما بين المواد التقليدية التي يلتقي فيها فتى بفتاة ، وصورة للمثقف عندما كان شاباً ، يتم سردها بشغف عرضي بالتفاصيل السريرية التي تذكرنا بفيلم إدموند ويلسون " الأميرة ذات الشعر الذهبي " ، حيث يلتقي يونغ نيل كلوجمان ببريندا باتيمكين الجميلة الغنية طالبة رادكليف ، فيطاردها بتصميم كلب مدرب على اصطياد الطيور ، وسرعان ما يمسك بها بعد علاقة غرامية في صيف قائض ، لكن سلطة اب بريندا الثري تقف حائلاً بينهما ، و مع ذلك ، فإن مثل هذا الملخص لا ينصف المؤلف ولا الطريقة التي تناول من خلالها أزمة اليهود في أمريكا .
كتب السيد روث قطعة خيالية مدركة ، وغالباً ما تكون بارعة ، ومتحركة بشكل متكرر ، إنه راوي قصص جيد ، ومثمن ماهر للشخصية ومسجل متحمس لجيل غير حاسم .
معظم أبطال السيد روث ، مثل نيل كلوغمان ، يغرقون في طي النسيان بين الماضي والحاضر ، يبدو أن المؤلف يعرف شعبه من الداخل والخارج ، سواء أكان يكتـب عن صبي يجادل حول الولادة العذراء مع حاخام غاضب ، " تحول اليهود " ، أو في " إيلي ، المتعصب " ، عن شاب يهودي ، محامي يحاول شرح الأعراف في الضواحي لزعيم دار أيتام حاخامي ، أو في " إبستين " ، العواقب السخيفة والمثيرة للشفقة لرجل مسن يبحث عن الحب ، هذه القصص على الرغم من اهتمامها بالتجارب النموذجية العالمية ، يتم تحويلها إلى حد ما إلى ما هو غريب ومألوف في آن واحد ، تقول إحدى الشخصيات :
" أنا يهودي ، أنا مختلف ، أفضل ، ربما لا ، ولكن مختلف " .
يتفق عديد النقاد الأميركان على أن روث أراد ومن خلال روايته " وداعاً كولومبوس " ، أن يستخدم السخـرية من الطبقة الوسطى من اليهود الأميركيين ، وحالة الاندماج في الثقافة الأميركية ذات الغالبية المسيحية ، والطريقة التي يسخر بها روث من شخصياته اليهودية على وجه التحديد ، ، فإن موقف روث اللاذع تجاه العديد من شخصياته الروائية متجذر في المبادئ الأخلاقية الأساسية للدين اليهودي . على الرغم من أن نقاد روث لن يصنفوه مطلقاً على أنه عالم أخلاقي ، فإن مجموعته الأولى المنشورة من القصص تظهر أن الكاتب ينتقد شخصياته اليهودية من خلال نموذج أخلاقي .
عن / الموقع الأدبي
" أدب هب هو الأميركي "