اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > سينما > فيلم الأب .. أنتوني هوبكنز يبهر عشاق الشاشة الكبيرة

فيلم الأب .. أنتوني هوبكنز يبهر عشاق الشاشة الكبيرة

نشر في: 7 إبريل, 2021: 11:16 م

ترجمة أحمد فاضل

يُظهر اقتباس المخرج وكاتب السيناريو فلوريان زيلر لمسرحيته عن الشيخوخة ، كيف أن أنتوني هوبكنز هو في قمة قواه المخيفة .

فمفارقة كبيرة أن نجد أنتوني بطل فيلم " الأب " رجل عجوز ، يلعب دوره أنتوني هوبكنز ، ويشترك الاثنان ، الخيالي والحقيقي في تاريخ الميلاد في اليوم الأخير من عام 1937 .

عندما التقينا بأنتوني لأول مرة ، كان يرتدي سماعات الرأس ويستمع إلى الموسيقى ، لا يوجد دليل أفضل لمحنة أنطوني ، الذي حـل موسم الخرف عليه ، الفيلم من إخراج الفرنسي فلوريان زيلر ، إنه اقتباس مـن مسرحيته التي تـحمل الاسم نفسه ، والتي قـام بتكييفها مع كريستوفر هامبتون من عـلى الشاشة الكبيرة ، حيث تتكشف معظم الأحداث فـي شقة بلندن التي تحتفظ بجو المسرح ، لينحدر ضوء جميل من جانب واحد ، كما لو كنا موجودين في وقت متأخر من بعد الظهر ، فمـن حين لآخر تبدأ الشخصيات بالظهور إلى العالم الخارجي بين الفينة والفينة وكأنهم فـي دولة أجنبية ، يحدق أنتوني من النافذة فيرى طفلاً في الشارع ، يقذف ويـركل كيساً بلاستيكياً ، هـذا هو الحسد اللطيف الذي ينظر به العمر إلى كسل الشباب .

ومع أن لدى أنتوني مـن ترعاه ، فقد استقالت مؤخراً ، مدعية أنه أساء معاملتها ، هنا ابنته آن ( أوليفيا كولمان ) الـتي تأتي لرؤيته غاضبة من الموقف ، لكن أنتوني الغير متأثر بذلك ، يقول : " لست بحاجة إلى أحد " ، ومع ذلك لم يمض وقت طويل قبل أن يفسح هذا الاعتماد على الذات الطريق لصرخة صاخبة ، عندما أعلنت آن أنها قد تنتقل إلى باريس ، أجاب :

" أنت تتخلين عني ، ماذا سيحل بـي ؟ " وبخجل ، وضع يده على جانب وجهه ، فـي هـذه المرحلة ، نـحن مستعدون لالتقاط صورة قاسية وواقعية لعقل فـاشل إلى حد ما ، " الأب " يحقق هذا الموجز ، لكن شيئاً آخر يظهر هنا ، لغز مقلق أكثر لكونه أمراً واقعاً ، يدخل أنتوني إلى غرفة مجاورة ، ويجد رجلاً جالساً هناك ، ويسأل ، " مـن أنت ؟ " يوضح الرجل أنه بول (مارك جاتيس) ، شريك آن ، وأنه يعيش أيضاً في الشقة ، عندما نرى بول بعد ذلك ، يلعبه ( روفوس سيويل ) بدلاً من جاتيس ، وهو أكثر سخطاً من التجسد السابق ، أما بالنسبة لآن ، فلم تلعب دورها كولمان فحسب ، بل لعبت أيضاً أوليفيا ويليامز ، التي مثل جاتيس ، ستظهر لاحقاً في دور آخر ، ماذا يحدث هنا ؟

زيلر ليس أول مخرج يخلط بين شخصياته الدرامية ويحافظ على رباطة جأشه في هذه العملية ، أن يكون هناك زوج من الممثلات بالتناوب يلعبان دور البطلة ، الحيلة تتكرر في " الآب " ، ولكن لأسباب حزينة ، أنتوني مدفوع بالارتباك وليس العاطفة ، وإذا استمر الأشخاص من حوله فـي تبديل الأماكن ، فذلك لأن قـدرته على التعرف على البشر قد تقلصت ، باختصار ، نحن ننظر إلـى العالم من خلال عينيه الحائرتين ، فمنذ فترة ، رأيت " الأب " على خشبة المسرح بطاقم مختلف وبحلول صباح اليوم التالي ، كنت قد نسيت كل شيء عنها ، لماذا إذن يـجب أن يترك الفيلم انطباعاً قوياً ؟ يعود ذلك جزئياً إلى المنظورات المكانية العميقة الـتي توفرها السينما والتكتم الذي يشجعونه ، عـلى عكس جمهور المسرح ، يمكننا التحديق في الردهة الطويلة في شقة أنتوني ، وهو ينزلق عبر باب في نهايته وينظر إلينا في الظلام من خلال الشق ، ولنكن صادقين أن الدور الرئيس لفيلم " الأب " على الشاشة هو وجود هوبكنز ، ممثل في قمة قوته المخيفة ، يصور رجلاً منبوذاً بشكل مثير للشفقة ، المفارقة نادرة جداً بحيث لا يمكن مقاومتها .

الشيء الوحيد الذي يميز الممثلين من أعلى رتبة هو الانبهار الذي يولدونه فينا أثناء قيامهم بأعمال عادية تماماً ، كما أن مشهد هوبكنز ، فـي فيلم " الأب " ، وهو يتجول في المطبخ ويملأ الغلاية ويفرغ أغراض البقالة ، يلقي تعويذة مماثلة ، يمكن أن نشاهد كاهناً يستعد للقداس ، يزداد جو المداولات هذا مع تقديم لورا (إيموجين بوتس) ، وهي شابة ودودة تتقدم بشجاعة لتكون مقدم الرعاية القادم لأنتوني الذي يُحييها ، بمنديل حريري مدسوس بخفة فـي جيب صدر رداءه ، كان يمزح معها ، تومض ابتسامته ، ويلمح إلى أنه اعتاد أن يكون راقصاً وكأنها مهنته ، ( بينما مـهنته الأصلية مهندس ) ، يسير حول غرفة المعيشة ويدور حولها تتبعه الكاميرا ، إنه تسلسل

مذهل ، تـم تشديده بخليطه من الدعابة والدنس ، والقوة التي يدق بـها هوبكنز خطوطه ، ويضرب الحروف الساكنة حتى تتألق ، كأنه يعيد مشهد الملك لير في المسرح الوطني ، في عام 1986 ، وفي عام 2018 ، عـاد إليه في إنتاج تلفزيوني من إخراج ريتشارد آير ، كان هـذا الأداء مكتوما بشكل غريب في تأثيره ، شعر غضب الملك بأنه محدد سلفاً ، كما لو كان مسلحاً للصراع مسبقاً ، في حين أن حنق أنطوني في الفيلم الجديد ، ينفجر من العدم ، مثل الرعد ، أن يتم إرساله إلى دار لرعاية المسنين - وهو رعبه الأساسي - سيكون مثل طرده في طقس قاسٍ :

" أنا أفقد كل أشيائي ، الجـميع يساعدون أنفسهم فقط ، إذا استمر هذا لفترة أطول ، فسأكون عارياً تماماً " ، كما يقول بنصف ضحكة ، وهو يتشبث بشقته بجنون .

" الأب " هو عمل من الوحدة المروعة ، هوبكنز يحكم الشاشة ، يتأرجح بين العظمة والضجة الصعبة ، وفي انحدار أنتوني نرى نذير ، " من أنا بالضبط ؟ " سأل ، وكم عدد الأرواح التي يجب أن تنتهي ، مثل حياته ؟

يستيقظ أنتوني في غرفته ويخرج من الشقة ليجد نفسه في ردهة المستشفى ، يتذكر وفـاة ابنته لوسي (إيموجين بوتس) في حادث سيارة فـي المستشفى ، يرى جسدها الملطخ بالدماء في غرفة المستشفى ثم يستيقظ في غرفة نوم مختلفة تماماً ، الآن في دار لرعاية المسنين ، تقوم ممرضته ، كاثرين (أوليفيا ويليامز) ، بفحصه وإبلاغه بـأن آن انتقلت إلى باريس وتزورها في عطلات نهاية الأسبوع من حين لآخر ، ممرضة أخرى ، بيل (مارك جاتيس) ، تزور أيضاً أثناء تفاعلهم ، يعاني أنتوني من انهيار عاطفي بسبب عدم قدرته على فهم العالم بعد الآن واختفاء آن ويذكر أنه يريد والدته ، تريحه كاثرين وهو يبكي وتخبره أنها ستأخذه إلى الخارج إلى الحديقة في وقت لاحق من ذلك اليوم .

عن / مجلة نيويوركر الأميركية

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملاحق المدى

مقالات ذات صلة

03-04-2024

الميزان وثائقي ينهل من خط التماس بين السينما والإنثروبولوجيا

عدنان حسين أحمد

يستلهم المخرج الإيراني الكندي شهاب مهندوست موضوعات أفلامه من المناهج الأثنوغرافية للناس والثقافات التي تشكّل النسيج الاجتماعي الإيراني بمختلف قومياته وأديانه ومذاهبه المتعايشة. كما ينهل من خط التماس بين السينما والإنثروبولوجيا حيث يتناول قضايا الهُوية والعمل والحرب والهجرة والعيش في الممرات المائية في خوزستان «عربستان سابقًا» التي أصبحت مصدرًا لتحصيل الرزق الحلال للمواطنين العرب الذين يقيمون في الضفة الشرقية من الخليج.

linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram