(المقدمة).. فيلم كوري عن  شبكة متشابكة من العلاقات العائلية

(المقدمة).. فيلم كوري عن  شبكة متشابكة من العلاقات العائلية

ترجمة أحمد فاضل

تم تـصوير فيلم "المقدمة" بالأبيض والأسود، وهو خامس فيلم كوري جنوبي يتنافس فـيه المخرج "هونغ سانغ سو" في مهرجان برلين السينمائي الدولي، دراسة شخصية وصورة عائلية ماكرة لأحد أهـم محاور الفيلم، لكنه لا يكشف عـن نواياه إلا في وقت متأخر، متجاوزاً التوقعات بشكل متعمد.

بعد فترة طويلة من نسيان حركة الدوغما، وقد تأسست الحركة على يد كل من المخرجين الدنمـاركيين لارس فون ترايير و تومس فنتربيرغ وقد بدأت وقائعها بالتوقيع على عريضة دوغما 95، وانضم إليها بعد ذلك مجموعة أخرى من المخرجين منهم (كريستيان لافرينغ) و (سورن كوراه جاكوبسن)، كانت الفكرة التي قامت عليها جماعة الدوغماتية أنه يمكن صناعة الأفلام بدون الاعتماد على الميزانيات الضخمة، حيث يتم الاعتماد بدلاً من ذلك على المنح الحكومية الأوروبية ومحطات التلفاز، وكان الهدف هو تنقية صناعة السينما عن طريق نبذ المؤثرات البصرية الخاصة المكلفة، وعمليات التحسين الـتي تأتي عـادة في مرحلة ما بعد الإنتاج

بحيث يجبر التأكيد على النقاء صنّاع الأفلام على التركيز أكثر على القصة الفـعلية وأداءات الممثلين، بــما يساعد الجمهور – من وجهة نظرهم – على الاندماج أكثر مــع عملية السرد والمواضيع المطروحة والحالة العامة للفيلم.

المخرج هونغ افتتح به مهجان برلين السينمائي عبر الإنترنت بمقالة قصيرة مثيرة للاهتمام، وعلى الرغم من احتوائها على تفاصيل خلفية كافية لدراما مدتها ساعتان، فإنه يوضح اللمسة الرقيقة لهونغ في صناعة الأفلام، مثل نوع معين من القصة القصيرة أو القصيدة، توحي بعمق وتفاصيل أكثر مما هو ظاهر على السطح، فلماذا تسمى " المقدمة"؟ يتم تقديم بعض الشخصيات لبعضها البعض، فـي مشاهد مختلفة، من أجيال مختلفة، مع عدم الارتياح المهذب والشكليات التي ينطوي عليها ذلك، وفـي المشاهد الأخرى، يتم تقديم الشخصيات إستناداً إلى أفكار وعواطف جديدة، هناك مشهد غريب يظهر فيه الشخصية الرئيسة وهي تقدم نفسها لصديقته لأول مرة، على شاطئ بارد، على الرغم من أن علاقتهما الحميمة قد ترسخت بالفعل في المشاهد السابقة، مما يتركنا نتساءل ولو للحظة، إذاً، إنها ذكريات الماضي أو الحلم الذي يراوده، أو إذا كان كلاهما حلماً يحلم به شخص آخر، ينتقل الفيلم بخفة تشبه الحلم من بلد إلى آخر، ومن كوريا الجنوبية إلى ألمانيا، والعودة مرة أخرى.

ينقسم الفيلم إلى ثلاثة أقسام، حيث زار ( يونغ هو ) والـده الطبيب أولاً ( كيم يونغ هو )، ثم صديقته (بارك مي سو)، التي انتقلت إلى برلين فـي ألمانيا لتصبح طالبة أزياء، وأخيراً والدته (تشو يون هي)، الـتي تتناول العشاء مع صديق للعائلة الممثل الشهير (كي جو بونج)، الذي سبق أن نصح يونغ هو بأن يصبح فناناً، الفيلم عبارة عن دراسة شخصية وصورة عائلية ماكرة، ولم يكشف الفيلم عن نواياه إلا في وقت متأخر، حيث تعـمد هونغ تجاوز توقعات الجمهور، اللقطة الأولى للفيلم هي للأب، على مكتبه، ويبدو في حالة ذهول، قائلاً " سأفعل أي شيء " وهو يصلي إلى قوة أعلى، لكننا لسنا متأكدين - حـقاً - من أين تأتي محنته، يبدو أن هونغ يستمتع بما لا يعرفه الناس هـنا، بعد لحظة جميلة في الثلج الكوري، تنتقل القصة إلى برلين، وصلت صديـقة يونغ هو إلى المدينة الألمانية مع والدتها واستقرت حالتها، وبعد ذلك تتلقى رسالة في نزوة، تقول والدتها، رافضة سلوكه، عندما يلتقي الزوجان الشابان، بالكاد يدرك تكلفة تذكرة طائرته ويقلل من ثروة والده، "إنه يسبح في المال ".

هناك شيء ضعيف وغير مسؤول بشأن يونغ هو، على الأقل ظاهرياً، حيث يغلف الوافد الجديد شين غطرسة الشباب، ومع ذلك، عندما يبدأ المقطع الأخير، علمنا أنه تخلى عن رغبته في التمثيل عندما طُلب منه أداء مشهد حميمي مع ممثلة غير قادر على "خيانة" صديقته الغائبة،"إنه يشعر بعدم الارتياح"، كما يقول، وكشف الأعماق الخفية لشخصيته.

يمزج هونغ الفيلم بروح الدعابة، لا سيما من خلال دور كي جو بونغ كممثل مسن (وغاضب في كثير من الأحيان)، والذي يجعل يونغ هو وصديقه يقسمان أنهما لن يُشكِلا على مائدة العشاء ثم يمسكانهما بالكحول، تقول إحدى شخصيات الفيلم : "الجميع خائفون من الخروج"، قبل أن تنتهي القصة بفترة وجيزة على شاطئ فارغ، إنها الصورة النهائية التي تم اختيارها بدقة.

عن / صحيفة الغارديان البريطانية

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top