حسين جبار
الزمن الذي لعب فيه النجمان رعد حمودي مع القيثارة الخضراء وحسين سعيد مع الطلبة والمرحومان علي كاظم مع الزوراء وناظم شاكر مع القوة الجوية منذ ظهورهم تقريباً الى حين اعتزالهم، هذا الزمن لا عودة له، ليس لأسباب تتعلّق بالوفاء أو الإخلاص للنادي الأم،
بل بسبب تغيّر مفاهيم وفلسفة العمل الرياضي ودخول الاستثمارات المالية الضخمة في مجال الاحتراف الرياضي عامة والكروي خاصة، مع صفقات بأرقام فلكية لنجوم العالم حتى بات التسويق الرياضي وصفقات انتقال اللاعبين في السنوات الأخيرة مصدر تمويل وتحقيق للأرباح ليس للأندية أو المؤسسات الرياضية العملاقة فقط، بل أنّ بعض الدول تضع ضمن موازناتها العائدات المتحقّقة من الانتقالات الدولية للاعبيها.
أما في العراق، فقد بدأت سوق الاحتراف الرياضي تواكب هذا التغيير من ناحية مبالغ عقود اللاعبين لتتوافق مع القفزة التي حصلت في حجم الموازنات المالية لعدد من الأندية الرياضية من دون وضع أسس وأطر قانونية لتنظيمه ولوائح لضمان شفافيته وحماية حقوق الأطراف المتعاقدة من أندية ومدربين ولاعبين بما تتوافق مع اللوائح التي تُصدرها الاتحادات الدولية لألعابها.
ومع حركة الانتقالات الواسعة التي نشهدها كل موسم كروي بدأت تبرز وبشكل واضح الحاجة الى إنضاج آليات لتسويق اللاعبين على يد مختصين محترفين يمكن من خلالها ضمان الحقوق المالية للاعب والنادي الرياضي وهؤلاء وضع الاتحاد الدولي شروطاً لعملهم ومعاييراً يجب أن تتوفر فيهم ضمن لوائح خاصة بهم، لكن تبقى الأطر العامة لعملهم تنظّمها لوائح أوضاع وانتقالات اللاعبين التي اعتمدها الاتحاد الدولي منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي ليتحوّل وكلاء اللاعبين من اشخاص يعملون في الظلّ ودورهم كان يمثل مجرّد همزة وصل تربط بين اللاعب والنادي، يقومون بإجراءات روتينية مقابل عائد مادي الى حلقة قانونية رئيسية في تنظيم عملية تسويق وانتقال اللاعب.
واللوائح الخاصة بالعاملين في مجال تسويق اللاعبين جرت عليها الكثير من التعديلات وآخرها التعديل الصادر من الاتحاد الدولي والذي أقرّ في مؤتمر الفيفا 64 في حزيران من العام 2014 ليدخل حيّز التنفيذ في 1 نيسان 2015 وليتم إلغاء صفة (وكيل لاعبين) Agent players لتحلّ محلّها صفة (وسيط لاعبين) intermediary players ، وللمقارنة فإن الاتحاد الدولي لكرة اليد لا يزال يعتمد تسمية (وكيل لاعبين) ولم يغيّرها.
وأعتقد أننا لازلنا نتعامل في وسطنا الكروي بالوصف القديم، بل أننا لازلنا نسمع أو نقرأ عن تداول صفة (وكيل لاعبين معتمد من الفيفا) في حين أنه ومنذ العام 2001، لم يعد FIFA الجهة التي تمنح التراخيص لوكلاء اللاعبين، حيث أصبحت مسؤولية الترخيص من صلاحيات اتحادات كرة القدم الوطنية أو نسمع أن شخصاً معيّناً قد أسّس شركة تسويق لاعبين أو تسويق رياضي مجازة من الفيفا, وهذه الطروحات وغيرها تعكس حجم التضليل الذي يمارسهُ البعض وحجم الفُقر المعرفي ضمن وسطنا الرياضي من ناحية فهم إدارة الرياضة والتسويق الرياضي.
إن اقتصار عملية تسويق اللاعبين لدينا لغاية الآن على عدّة أشخاص من غير المُرخّصين أدّى الى ضياع الحقوق القانونية للاعبين والأندية خصوصاً وأن أنديتنا الرياضية تفتقر إلى صيغ عقود ناضجة ومتكاملة تضمن التوازن بين الحقوق والالتزامات للاعب والنادي، فبعض عقود لاعبينا ركيكة ليس من الناحية القانونية حسب، بل من ناحية المضمون والصياغة واللغة.
ومن المفيد للقارئ الكريم بيان أن الاتحاد الدولي لكرة القدم قد عُمّم في العام 2007 نموذجاً لعقود اللاعبين وضع فيه الحدود الدنيا للفقرات التي يجب أن يتضمّنها عقد اللاعب وتصل في دقتها الى اشتراط تزويد اللاعب الأجنبي بلوائح وتعليمات الاتحاد المحلي مترجمة الى لغته الأم.
ختاماً ندعو أصحاب القرار في منظومتنا الكروية خاصة والرياضية عامة الى الاهتمام بتطوير قدرات وإمكانات وسطاء اللاعبين الكرويين أو الوكلاء بالنسبة لبقية للاتحادات ليس لأسباب تنظيمه تتعلّق بالالتزام باللوائح الدولية حسب، بل ضمن نظرة وطنية اقتصادية شاملة تدرس عدد اللاعبين والمدربين الذين أتيحت الفرصة لتسويقهم خارجياً خلال العقدين الماضيين والعوائد التي تحقّقت نتيجة عملية التسويق هذه لإيجاد فرص أفضل لأخواننا المدرّبين وأبنائنا اللاعبين لدخول سوق المنافسة عربياً وقارياً وحتى دولياً.
اترك تعليقك