متابعة/المدى
أعلنت الولايات المتحدة، قبل عامين، مقتل زعيم داعش الإرهابي، أبوبكر البغدادي، بعد انتصارات أمنية على التنظيم وطرده من أماكن سيطرته في العراق وسوريا وبدت نهاية التنظيم وشيكة آنذاك.
إلا أن التنظيم أعاد تموضعه في مناطق أخرى بإفريقيا حيث سيطر على مدن وتحالف مع حركات متطرفة صغيرة هناك وضمها تحت لوائه وهزم جماعات متطرفة أخرى.
ومن سوريا والعراق، إلى أوروبا وإفريقيا ودول أخرى حول العالم، استيقظت خلايا التنظيم الإرهابي، ونفذت عشرات الهجمات عبر ذئاب منفردة أوقعت قتلى وجرحى في صفوف المدنيين وقوات الأمن.
ففي نهاية تشرين الاول 2019، أعلنت الولايات المتحدة مقتل إبراهيم عواد السامرائي، الملقب بـ"أبو بكر البغدادي"، بعد هجوم ليلي على مقر إقامته في سوريا أدى أيضا إلى مقتل مرافقين آخرين له.
ومنذ ذلك الوقت، أكدت واشنطن مرارا أن "داعش لا يزال يمثل تهديدا كبيرا، ومن الأهمية أن نستمر في الضغط المستمر على فلوله في العراق وسوريا وأن نعزز جهودنا الجماعية لهزيمة فروعه وشبكاته في جميع أنحاء العالم، التي ركز عليها اهتمامه بشكل متزايد منذ سقوط خلافته المزعومة".
وتيرة العمليات الإرهابية لفلول تنظيم داعش وخلاياه النائمة، باتت تتصاعد بشكل ملحوظ ولافت، خلال الأشهر القليلة الماضية في أنحاء مختلفة بالعالم.
وارتكب تنظيم داعش الإرهابي، الثلاثاء، مجزرة مروعة في قرية الرشاد الواقعة بقضاء المقدادية التابع لمحافظة ديالى، راح ضحيتها 40 شخصا ما بين قتيل وجريح من المدنيين العزل، وينفذ التنظيم هجمات تستهدف المدنيين والقوات الامنية في مناطق أخرى من محافظات ديالى وكركوك وصلاح الدين والانبار ونينوى، بشكل منتظم منذ عدة أشهر.
كما شهدت أوغندا قبل أيام تفجيرين في أقل من 24 ساعة سبقهما ثالث مطلع الشهر الجاري تبنى اثنين منهما تنظيم داعش فيما وجهت السلطة أصابع الاتهام في الثالث إلى حركة موالية له.
وأيضا من قتل عضو البرلمان البريطاني ديفيد أميس، في عملية طعن، منتصف الشهر الجاري، وصف نفسه بأنه عضو في تنظيم داعش الإرهابي.
والثلاثاء الماضي، حذرت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) من أن تنظيم داعش في أفغانستان قد يصبح قادرًا على تنفيذ هجمات خارج البلاد خلال فترة من 6 إلى 12 شهرًا.
ومنذ خسر "داعش" وجوده وتبددت أحلام قيام دولته المزعومة في العراق وسوريا، استقطبت القارة السمراء عناصر التنظيم الفارين من العراق وسوريا وليبيا، ما ضخم من قوته خاصة في غرب وشرق أفريقيا.
يخطط لبناء دولته في أفريقيا
وحسب عدة مراكز دراسات متخصصة في متابعة نشاط الجماعات الإرهابية، فإن داعش في الصحراء الكبرى وغرب إفريقيا، دخل مرحلة إعادة تنظيم نشاطه في المنطقة.
فبعد أن سيطر على معظم أجزاء ولاية بورنو شمال شرقي نيجيريا بما فيها مناطق في حوض بحيرة تشاد، واكتمال القوس مع معاقله في الصحراء الكبرى، يسعى داعش لإعادة توحيد هذه المنطقة الشاسعة وتقسيمها إلى ولايات.
وفي آذار الماضي، أعلن "داعش" السيطرة على مدينة بالما الساحلية في شمال موزمبيق ما يمهد لاستنساخ تجربته في الرقة والموصل ولكن هذه المرة في إفريقيا.
ويقول الأكاديمي العراقي مثني العبيد، إن التطورات الأمنية والنشاطات والعمليات الإرهابية التي يقوم بها عناصر داعش ولا سيما في العراق تشير إلى أن التنظيم لم ينته بشكل كامل بعد تحرير الأراضي والمناطق التي قد سيطر عليها منذ حزيران 2014.
وأضاف العبيد، في تصريحات تابعتها "المدى" أن هناك خلايا متخفية في عدد من المناطق غير المأهولة والصحراوية وبشكل خاص في غرب البلاد وبالقرب من الحدود العراقية السورية.
وأوضح أن التنظيم في ظل الأوضاع الحالية صار من المستبعد أن يسيطر على مناطق مأهولة كما حصل في السابق في العراق بسبب رفض البيئة المجتمعية له وخسارته الاقتصادية والعسكرية والبشرية في البلاد.
وتابع العبيد: "أما في أفريقيا فهناك ظروف مواتية لانتشار خلايا التنظيم في عدد من دول القارة السمراء".
الذئاب المنفردة..ستراتيجية إثبات الوجود
كما يقول الكاتب والباحث المتخصص في حركات الإسلام السياسي، مصطفى زهران، إن "تزايد الضربات العسكرية التي يتعرض لها تنظيم "داعش" في العراق وسوريا، تزيد من اعتماده بشكل كبير على "الذئاب المنفردة" لتنفيذ عمليات إرهابية داخل المنطقة وخارجها للتأكيد على أنه موجود ولم ينته.
وأضاف زهران، في تصريحات تابعتها "المدى" أن "داعش يعتمد على عمليات الذئاب المنفردة كون الأجهزة الأمنية حتى ذات الكفاءة لا يمكنها التنبؤ بتلك الهجمات وتمثل تحديا كبيرا لها".
وأوضح أن "داعش بعد خسارة الموصل والرقة يعيد تموضعه وانتقل بتمركزات ضخمة إلى قلب أفريقيا"، مشيرا إلى أن "القارة السمراء تشهد منذ أكثر من عامين صعودا إرهابيا وتنافسا بين القاعدة وداعش".
وأشار إلى أنه بمتابعة دورية للصحيفة الإعلامية لتنظيم داعش نجد الإعلان عن عشرات الاستهدافات في شرق وغرب أفريقيا.
واعتبر أن سقوط المدن مثلما "بالما" الساحلية في مقاطعة كابو ديلجادو، شمال موزمبيق، سيصبح أمرا تقليديا ومرجح حدوثه في أكثر من جغرافية، قائلا: "نموذج الرقة والموصل أصبح من السهل استنساخه في أفريقيا" جراء عدة أمور أبرزها واقع سياسي هش أنظمة تعايش جملة من التحديات والتحولات وكثرة الانقلابات العسكرية كما في مالي أو غيرها.
وأكد على أن الحالة الاجتماعية المترهلة في قلب أفريقيا تجعلها بيئة خصبة لنمو التطرف وتعي التنظيمات الإرهابية ذلك وتعمل من خلال توظيف هذه السياقات بإعادة تموضعها مجددا في جغرافيات أخرى.
اترك تعليقك