الانتحار.. ظاهرة خطيرة تغزو المجتمع هرباً من الواقع

الانتحار.. ظاهرة خطيرة تغزو المجتمع هرباً من الواقع

سيف عبد الله / المدى

شهد العراق في الآونة الأخيرة تصاعداً مخيفاً لظاهرة الانتحار، حيث نقرأ في كل يوم تسجيل حالتين او أكثر وفقا لما ينشر في مواقع التواصل الاجتماعي او المواقع الاخبارية، ما يثير القلق ويدعو الى ضرورة مراجعة ومعرفة الأسباب التي تدفع العراقيين الى اللجوء نحو مغادرة الحياة على حساب الواقع الذي يروه "مريراً" ولم يجدوا جزيئة فيه تستحق الاستمرار بالعيش.

الانتحار لم يقتصر على الشباب او الكبار والصغار، إنما شمل جميع فئات وشرائح المجتمع وهو ما يعزوه مختصون الى انتشار البطالة او العنف الاسري الذي يدفع الفتيات على سبيل المثال نحو الانتحار للتخلص من قسوة الاهل او حتى الوضع الاقتصادي الذي بات يشكل كابوسا امام اصحاب العوائل والمسؤولية وبالتالي عدم كسبهم للعيش الكريم وتأمين لقمة العيش لهم ولذويهم قد يكون العامل الاساسي في تفكيرهم بالانتحار.

تراكمات نفسية

وفي هذا الصدد، كشفت عضو مفوضية حقوق الإنسان السابقة فاتن الحلفي، عن أسباب تزايد حالات الانتحار في البلاد.

وفي حديث لـ(المدى) قالت الحلفي إن "التراكمات النفسية أحد الأسباب الرئيسية لتزايد حالات الانتحار"، مبينة أن "البطالة أيضاً تعتبر سبباً مؤثراً على الشباب وانعكاساً خطيراً على وضعهم المعيشي".

وأضافت أن "السبب الآخر هو قضية التعنيف الاسري والذي يؤثر بشكل كبير، خصوصاً على النساء والذي يؤدي الى ضغط نفسي بالتالي الى الانتحار بسبب الضغوطات العائلية من الاب او الزوج او الام او غيرهم".

ولفتت الحلفي، إلى أن "هناك قضايا اجتماعية واقتصادية وتعنيف اسري، جميعها تؤكد أن هناك مشاكل تؤدي إلى التفكير بالانتحار".

وأشارت إلى "وجود قضايا جنائية تسجّل على أنها قضايا انتحار لتخليص الجاني من العقاب".

ثلاثة أنواع للانتحار

بدوره، يؤكد الباحث الاجتماعي ريسان عزيز وجود ثلاثة أنواع للانتحار تبعاً للظروف والبيئة وثقافة المجتمع.

وقال عزيز في حديث لـ (المدى) إن "أنواع الانتحار هي النوع الإيثاري والنوع المرضي والنوع النفسي"، مبيناً أن "النوع الإيثاري أي عندما يقوم الشخص بالتضحية بنفسه من اجل الآخرين، مثل الأب الذي لديه مشكلة غير قادر على إيجاد حل لها".

وأضاف أن "النوع المرضي فهو عندما يتعرض الانسان الى ضغوط معينة ويعتقد ان حياته تنتهي بوجود هذا المرض"، لافتاً إلى أن "النوع الثالث مرتبط بالضغوط النفسية بحيث الانسان لا يستطيع مواجهة حياته".

وأوضح عزيز، أن "الانسان في بعض الأحيان لا يستطيع السيطرة على حياته وتصرفاته وهذه تكثر في الأزمات عندما تعاني المجتمعات من أزمات سياسية واجتماعية نفسية وفكرية، وهي دليل على عدم قدرة الفرد او المجتمع الذي ينتمي له لايجاد اساليب عقلانية لمواجهة المشاكل، ولهذا يلجأ الانسان الى طريقة اسهل لمواجهة المشاكل ولا يستطيع تحملها ويقوم بالانتحار ".

مؤشر خطير

ما تمت ملاحظته من ارتفاع لحالات الانتحار في اول شهرين من العام الحالي 2022 يعتبر مؤشراً خطيراً، هذا ما أكده الناشط من محافظة ذي قار ستار مجيد.

وقال مجيد في حديث لـ (المدى)، إن "حالات الانتحار ازدادت بشكل ملحوظ في العراق وذلك بعد التردي الكبير في الوضع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي، اضافة الى العنف الاسري المستشري بشكل مقلق في المجتمع العراقي".

وأضاف، أنه "يجب الانتباه إلى المؤشر الخطير للانتحار ومعالجته وايجاد الحلول المناسبة من قبل الجهات صاحبة القرار وتوفير البيئة الطبيعية للشباب العراقي"، مؤكداً أن "مسألة الانتحار تستوجب مراجعات شاملة للفقر والبطالة، وبيئة السكن وما يتعلق بحرية الرأي والتعبير".

وأعلنت وزارة الداخلية في كانون الأول 2020، ارتفاع عدد حالات الانتحار خلال عام 2021، وتشكيل لجان متخصصة لدراسة ما وصفتها بـ"الظاهرة".

وقال المتحدث باسم الوزارة، خالد المحنا، إنه "نتيجة لزيادة نسب حالات الانتحار في عموم البلاد، اتخذت وزارة الداخلية جملة من التدابير، منها تشكيل لجان متخصصة لدراسة هذه الظاهرة، والخروج بمعطيات تبين أسبابها ونسبتها مقارنة بدول الجوار".

وأوضح المحنا أن حالات الانتحار المسجلة عام 2021 بلغت 772 حالة، وهي أكثر بنحو 100 حالة عن العام الماضي (663 حالة)، قائلا إن حالات الانتحار بدأت منذ عام 2016 تتجه نحو الازدياد.

وعام 2016 بلغت حالات الانتحار 393 حالة، وفي 2017 بلغت 462 حالة، وعام 2018 بلغت 530 حالة، و2019 بلغت 605 حالات.

وأضاف أن "الفئات العمرية أقل من 20 سنة كانت نسبتهم 36.6 في المئة، ومن الـ 20 إلى 30 عاما كانت نسبتهم 32.2 في المئة، أما نسبة الذكور فتشكل 55.9 في المئة، والإناث 44.8 في المئة".

وبين المحنا أن أن "حالات الانتحار بين المتزوجين تشكل 40 في المئة، وبين العزب 55 في المئة".

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top