رائد محسن: خطوتي الاولى كانت مع كبار المسرح العراقي

رائد محسن: خطوتي الاولى كانت مع كبار المسرح العراقي

المحرر

شد الفنان رائد محسن اليه جمهور ونقاد المسرح، لإدائه الكبير في منتصف الثمانينات عندما كان طالبا في كلية الفنون الجميلة، 

حيث رشحه المخرج الراحل د. عوني كرومي للعمل في مسرحية (الانسان الطيب) والتي أعدها للمسرح الكاتب فاروق محمد.. وهو الأمر الذي منحه ثقة عاليا بالنفس، فتوالت عليه طلبات العمل في المسرح والسينما والتلفزيون، بعد نيله البكالوريوس في التمثيل، ساهم في أهم الأعمال التي قدمها المسرح العراقي مثل (صراخ الصمت الأخرس ) و(أنا لمن وضد من ) (الف امنية وأمنية) وغيرها الكثير، مثلما قدم للسينما والتلفزيون أدوارا عديدة. كُرم في مهرجان قرطاج سنة ٢٠٠٩ باعتباره أحد الممثلين العرب المؤثرين في الساحة المسرحية والسينمائية العربية.. ونال العديد من الجوائز العراقية والعربية في التمثيل. التقته (العربي الجديد) للوقوف عند أهم المحطات في مسيرته الابداعية.

 لم تكن بدايتك تقليدية فقد بدأت مع عمالقة المسرح العراقي وانت لم تزل طلبا في كلية الفنون.. ماذا تقول عن ذلك؟

أن تبدأ خطوتك الاولى في علام الفن مع الكبار يتملكك شعوريين بالزهو والرعب في نفس الوقت وهذا ما حصل لي في مسرحية (الأنسان الطيب) أعدها عن برشت فاروق محمد وأخرجها د. عوني كرومي. فعندما تقف مع أسماء مثل يوسف العاني وخليل شوقي وجعفر السعدي وسامي عبد الحميد ومرسل الزيدي وعقيل مهدي، وأنت أحد أبطال المسرحية ستشعر بزهو كبير، لأنك ما زلت طالباً تدرس وأغلب الذين ذكرتهم هم قامات فنية رفيعة على خشبة المسرح، واكاديميين يدرسونني في الكلية، فمؤكد أنك ستشعر بالرعب عندما تسأل نفسك: ماذا سأقدم أو أفعل أمام هؤلاء العباقرة الحريفين، وأنا لم تكتمل أدواتي بعد، ولأنهم كبار احتضنوني وساعدوني، فعلموني الكثير، وأعتبر مسرحية (الإنسان الطيب) نقطة انتقال وتحول كبيرين، لأنني استطعت أن ألفت انتباه الجمهور والنقاد، وأسجل حضوراً مهماً كممثل لأول مرة.

 ما هي أهم محطاتك الفنية في المسرح بعد نجاحك في مسرحية الانسان الطيب؟

كثيرة هي المحطات التي تلت ولا تقل أهمية عن سابقتها، وكنت حريصاً أن أؤكد حضوري وأثبت قدمي وأضع إسمي في خارطة المسرح العراقي والعربي، وهي مهمة صعبة لوجود أسماء كبيرة ومهمة تعمل وتبدع في منطقة التمثيل المليئة بالمبدعين، لكن الاصرار والتدريب والبحث والتعلم كانت هي المعين لي، فكانت هناك محطات مهمة في مسيرتي وعملت مع كل الأجيال في المسرح العراقي، من هذه الأعمال: مسرحية مونودراما (أنا لمن وضد من) تأليف جليل القيسي وإخراج الكبير قاسم محمد، ومسرحية (ألف رحلة ورحلة) تأليف فلاح شاكر وإخراج عزيز خيون، ومسرحية (الجنة تفتح أبوابها متأخرة ) تأليف فلاح شاكر وإخراج محسن العلي، مسرحية (العرس الوحشي) تأليف فلاح شاكر وإخراج أحمد حسن موسى، مسرحية (حظر تجوال ) تأليف وإخراج مهند هادي. وآخر أعمالي كانت مسرحية (أمكنة أسماعيل ) تأليف هوشنك وزيري وإخراج أبراهيم حنون.

 حصلت على الكثير من الجوائز العراقية والعربية.. ما الذي تعنيه لك هذه الجوائز؟

لكل جائزة طعم خاص ومسؤولية مضافة، فالجائزة الأولى سنة ١٩٨٦كأفضل ممثل واعد وكنت في عمر ٢٣ عاماً ومتخرجاً حديثاً من كلية الفنون، أصابني الفرح بسبب هذه الجائزة، والرعب مما سأقدم بالأعمال القادمة. تلتها جائزة أخرى سنة ١٩٨٨ كأفضل ممثل في العراق بعد سنتين ثم بدأت الجوائز العربية تهال عليّ، فحصلت على جائزة التانيت الذهبي في مهرجان قرطاج سنة١٩٩٩عن مسرحية (الجنة تفتح أبوابها متأخرة)، بعدها جائزة أفضل عمل متكامل عن مسرحية (العرس الوحشي)، ثم جائزة أفضل ممثل في مهرجان قرطاج سنة ٢٠١٩ عن مسرحية (أمكنة أسماعيل)، وجائزة لجنة التحكيم الخاصة كأفضل ممثل في مهرجان بغداد الدولي سنة٢٠٢١ عن نفس المسرحية وأنا في عمر يناهز الستين. الجوائز هو خطك البياني في الصعود والنزول، نعم كانت هناك أخفاقات في بعض العروض، لكن عندما تكون منتمياً للمسرح بشكل كامل ولفترة طويلة تمتد لأربعين عاماً، ومُصِر على تقديم كل ما هو مهم جمالي ويساهم في بناء الذائقة الفنية والفكرية للمجتمع، تأتي الجوائز لتقول لك: أنك في الطريق الصحيح.

 بين السينما والتلفزيون والمسرح اين يجد رائد محسن نفسه؟

أنا أبن المسرح لذلك أجد نفسي فيه لكني عملت أيضاً في التلفزيون بأكثر من ستين مسلسلاً، وكذلك في السينما وإن كانت فرصي فيها قليلة، فكما تعرف انت أن الانتاج السينمائي مرّ بمراحل متعثرة، فقبل عام 2003 كانت الفرص معدومة تقريبا بسبب توقف الانتاج السينمائي، أما بعد هذا التاريخ فأن ما أنتج من الافلام الروائية الطويلة قليل ولا يتعدى أصابع اليد، ولكن المجال كان مفتوحاً للأفلام القصيرة والوثائقية، وقد شاركت بعدد من هذه الافلام مثل فيلم (سلايد) للمخرج ملاك عبد علي. وباختصار المسرح حضور والتلفزيون شهرة والسينما تأريخ.

 كيف ترى المشهد السينمائي في العراق؟

م قبل ٢٠٠٣كانت السينما العراقية عبارة عن أنتاج دولة، خاصة في حرب الخليج الأولى وكانت غالبية الأفلام تعبوية أو تترجم سياسة الحكومة من خلال مواضيع محددة تقترحها الدولة، وما بعد ٢٠٠٣ أصبحت السينما مشروعاً فردياً تصدى له المخرجون الشباب من دون دعم الدولة، الا مرة واحده وهي مناسبة بغداد عاصمة الثقافة العربية عام 2013، فكانت الأفلام بائسة بنسبة ٩٠ بالمئة، بالرغم من اشتغال كل المخرجين العراقيين الموجودين بالداخل والخارج، وأقصد الكبار بالسن، أذ لم تمنح فرصة لأي شاب لإخراج فيلم، وهم الذين حملوا راية السينما العراقية ما بعد ٢٠٠٣ بجهود شخصيه وأفلام قليلة أو واطئة الكلفة، ومع ذلك أفلام قصيره حققت الكثير من الجوائز في المهرجانات العربية والعالمية، السينما صناعة قبل أن تكون فناً فهي تحتاج الى مبالغ طائلة لتنافس ما يحدث بالعالم. يجب على الدولة أن تنتبه وتعرف أهمية السينما، وتقوم بدعمها لإيصال صوت المخرجين والواقع العراقي المليء بالمواضيع والأزمات الكبرى، والأحداث المريرة والمؤلمة التي مر بها.

 فيلم (آخر السعاة) كان تجربتك الاخيرة في السينما.. ماذا تقول عنها.. وعن الشباب في السينما؟

آخر السعاة هو فلمي الأخير الذي انتهيت من تصويره نهاية السنة الماضية مع المخرج المجتهد سعد العصامي، وتم تصويره في محافظة كربلاء وقد أحببت التجربة جداً، ودُهشت من المستوى الاحترافي للعاملين الموجودين بالفلم من مدير التصوير الى الصوت والمكياج تحت أدارة مخرج شاب يخرج فيلمه الطويل الأول، رغم أنهم ليسوا من بغداد لكن كانت خبراتهم ممتازة ولا تقل شيئاً، أذا قلت أنهم تفوقوا على محترفي بغداد، و كانت فرحتي كبرى بكادر الفلم بالإضافة لسيناريو الفيلم البسيط القريب للقلب الذي كتبه ولاء المانع عن شخصية اجتماعيه كل طموحها أن تعيش بسلام وأمان، لكن تواجهها مصاعب كثيرة وكبيرة. الفلم يتحدث عن المسحوقين في العالم وسط أنظمة اجتماعية قاسيه. أخيراً أقول كل الطاقات الفنية لإنتاج أفلام سينمائية مهمة تنافس ما موجود في العالم كمخرجين وفنيين وممثلين وكتاب، وكذلك وجود أحدث الأجهزة التي تصور بها الأفلام العالمية، لكنها تحتاج الى دعم دولة حقيقي، ويجب أن تخصص ميزانية سنوية للإنتاج السينمائي.

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top