المدى/ مراد حسين
بعد أن انخفضت وتيرة الاستهدافات للمواقع العسكرية والمطارات في بغداد وأربيل والأنبار خلال الأشهر الماضية، عادت مجددا في ظل أزمة الانسداد السياسي التي تخيم على البلاد، وهو أمر فسره مراقبون ومحللون بأنه نوع من فرض الإرادة على بعض القوى وعدم الذهاب نحو إجراء انتخابات نيابية مبكرة جديدة.
ولم يكن مطار بغداد الدولي في مأمن من هذه الاستهدافات، حيث أسقطت الدفاعات الجوية للمطار طائرة مسيرة يوم الثلاثاء حاولت قصف قاعدة فكتوريا التي تضم عددا من خبراء التحالف الدولي.
وكما هو المعتاد تشير أصابع الاتهام نحو فصائل مسلحة في استهداف مطار بغداد الدولي كونها تمتلك السلاح والنفوذ في العراق، بالإضافة إلى أنها تمتلك جناحا سياسيا يتمثل بالإطار التنسيقي الذي لم ينجح حتى الآن في حسم أزمة الانسداد السياسي والذي يرفض الذهاب نحو إجراء انتخابات مبكرة.
وقال الخبير الأمني أحمد الشريفي في حديث لـ (المدى)، أن "عمليات استهداف المطارات والقواعد العسكرية وآخرها استهداف مطار بغداد بطائرة مسيرة سواء كانت بالتصعيد الإعلامي أو الأمني هو من المؤثرات السياسية"، مبينا أن "بعض الجهات التي تحسب على الداخل العراقي تتأثر بالتوازن الإقليمي وتنقل الأزمات إلى الداخل، حيث أن هنالك صراعاً إقليمياً يؤثر في المشهد الأمني والسياسي والعسكري عبر الأذرع الموجودة داخل العراق".
وأضاف، أن "الأذرع لا تمتلك صفة أنها موالية إلى هذه الدولة أو تلك فقط وإنما تمتلك أسلحة قادرة على استخدامها في فرض واقع الحال"، مشيرا إلى أن "اتهام فصائل المقاومة بتنفيذ تلك العمليات يعود إلى تبنيها لهذه الخروقات، وإذا لم تكن الفصائل فمن الجدير بها أن تضبط الخطاب وأن لا تعطي إيحاء على أنها هي المستفيدة في مسائل التصعيد بشكل مباشر، وإذا كانت هي من ينفذ عليها أن تعلن وبشكل مباشر على أنها تعتمد هذا المبدأ".
وأوضح الشريفي، أن "الهجمات على المطارات والقواعد العسكرية هي رسائل سياسية والدليل رفع وتيرتها وخفضها بحسب الاستحقاقات السياسية، أي عندما يكون هناك توافق سياسي نلاحظ غياب الخطابات السياسية المتشنجة وقلة العمليات، وإذا ما حصلت أزمة سياسية تحضر مثل هكذا تفاصيل سواء على مستوى الخطاب أو الأداء الأمني"، مبينا أن "هذه العمليات لها أبعاد سياسية واضحة جدا وقد تدفع باتجاه التدويل وبأي لحظة من الممكن الدخول في معادلة نستدعي بها الصراعات الإقليمية والدولية".
بدوره قال الخبير الأمني صفاء الأعسم في حديث لـ(المدى)، إن "الهجمات الحالية هي أوراق ضغط لغرض الوصول إلى حلول ترضي الكتل والأحزاب السياسية المختلفة على طبيعة إدارة البلاد".
وأشار إلى أن "هذه العمليات ترتفع وتيرتها خلال الفعاليات السياسية حيث سجل العراق قبل إجراء الانتخابات النيابية في تشرين الأول الماضي بـ48 ساعة أكثر من 130 ضربة نفذت على مطارات ومواقع أمنية وعسكرية في بغداد وأربيل وعدد من المحافظات".
وأكد الأعسم، أن "ضرب المطارات بالصواريخ على مستوى أربيل وبغداد وبقية المحافظات هدفه خلق شعور بعدم وجود الهدوء الأمني والسيطرة الأمنية المركزية وبالتالي هذا يضعف الحكومة ويجعلها غير قادرة على القيام بانتخابات مبكرة في حال ذهبنا في هذا الاتجاه خلال قادم الأيام".
ولفت إلى أن "العراق أمام خلل أمني كبير نتيجة ضغوطات سياسة يتم تمويلها من الخارج، ولا يمكن أن يدخل سلاح على مستوى متوسط أو ثقيل إلا عن طريق دول خارجية "، منوها إلى أن "عمليات ضرب المطارات واستهدافها يختلف كليا عن استهداف المناطق السكنية لوجود صدى لها يعبر الحدود العراقية ويؤثر على العراق على الصعيد الخارجي، بالإضافة إلى أن انعكاسات لمثل هكذا ضربات أمنية تؤثر على سياسة العراق الداخلية تجاه العالم".
وأضاف، أن "الإطار التنسيقي كما هو متهم في تنفيذ العمليات، هو أيضا يتهم ولا يقتصر الأمر على الإطار أو الكتل السياسية الباقية وحتما هناك طرف ثالث يعمل على تغيير سياسات الحكومة أو توجهات الكتل".
يذكر أن 22 هجوما نفذ خلال العام الماضي استهدف من خلاله مطار أربيل في إقليم كردستان ومطار بغداد وقاعدة بلد في صلاح الدين، كما استخدم أكثر من 80 صاروخا و8 طائرات مسيرة، بعضها كانت مفخخة لتنفيذ الهجمات التي استهدفت المقار الأجنبية في العراق، وذلك وفقا لمصادر أمنية رفيعة تحدثت لـ(المدى).
ويرى مراقبون أن استهداف المطارات داخل العراق لها انعكاسات سلبية على سياسة العراق الخارجية، بالإضافة الى أنها تخلق نوعاً من عدم وجود الهدوء الأمني في البلاد.
اترك تعليقك