TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > المنطقة الخضراء

المنطقة الخضراء

نشر في: 7 أغسطس, 2022: 11:00 م

 د. عماد عبد اللطيف سالم

هذه فرصة لا تُعوّض لزيارة معالم “المنطقة الخضراء”، وتفقدّها، والتجوّل في أرجاءها، دونَ “باجٍ” للمحظوظين، أو “فيزا” للمحرومين.

من الضروري، بل ومن الواجب، إنتهاز هذه الفرصة، وتنظيم مجاميع عائلية، أو مُجتمعيّة، أو حتّى”سياحيّة”، من مختلف أنحاء العراق(بما في ذلك مدن وأقضية وقرى اقليم كردستان)، للذهاب إلى المنطقة الخضراء، في جولة ليومٍ واحد، يرافقهم فيها “مُرشِدون” سياحيّون- مهنيّون- مُحايِدون، عارِفونَ بالتفاصيل كُلّها، ليوضِّحوا لهم دلالاتَ تلكَ “المعالِم” التي شكَّلَت تاريخ العراق المعاصر، لأكثر من ستّينَ عاماً.

سيتجوّلون مع “المُرشِد السياحي” (الذي لا ينتمي إلى أيِّ “شركةٍ” سياسيّةٍ أو عقائديّة أو مذهبيّةٍ أو قوميّةٍ مُحدّدة).. وليس على هذا المُرشِد سوى أن يقولَ لهم:

أُنظُروا.. هذا هو القصر الجمهوري، الذي كان وأصبحَ، وأمسى كما هو الآن، وشهِدَ تلكَ الأحداث كُلّها، وسكن فيه فلان وفلان، ومرّت عليهِ سنواتٌ كان فيها كذا وكذا.. وكان يحرسهُ “أولئكَ”، والآن يسكنهُ ويحرسهُ “هؤلاء».

وأنظروا.. وهذا هو “المجلس الوطني” القديم.. وهذا هو “مجلسُ النوّابِ” الجديد.. وهذا هو نصبُ الجنديُّ المجهول.. وهذا ماكان يُسمّى بـ “قوس النصرِ”.. وهذا مجلسُ الوزراء.. وهذه هي “قصورُ” الأباطرةُ القدامى والملوكُ الجُدُد.. وهذهِ هي “ساعةُ بغداد”.. وهذه هي “قاعةُ الخُلد”.. وهذا هو مُستشفى”ابن سينا”.. وهذه هي السفارةُ الأمريكيّةُ.. وهذا هو الجِسرُ المُعلّق.. وهذه هي كُلُّها “معالِمُ” تاريخكم التي كانت وأصبحَت، وأمسىت كما هي الآن.

هذه هي فرصة العراقيّينَ(كُلّهُم هذه المرّة)، ليعرفوا كيف يُمكِنُ لبعض “المعالِمِ”(في قلبِ مدينةٍ يُفتَرَضُ أنّها عاصمتهم جميعاً، كبغداد)، أن تتحكّمَ في ماضيهم وحاضرهم ومستقبلهم.. وأن تتشكّل من خلالها تلكَ “المرايا” التي لا تكذِب، والتي ستعكِس لهم بوضوح دوافع سلوكهم الحاليّ، والتأثير العميق(والدفين) والمُستَدام لقِيَمِهم ومُعتقداتِهِم، وكيف يُمكِن لكلّ ذلك،أن يُساعِد على حُكمِهِم(والتحكُّمَ بهم).. وزيارتها الآن (مع دليلٍ ومُرشِدٍ وطنيٍّ مُحايِد)، هي أفضلُ وأكثرُ مُتعةً وفائدةً بكثير، من زيارةِ “القصر العباسيّ” و “المدرسةِ المُستنصِريّة”، و”زقّورةِ أور”، و “بوابّة عشتار”، و”أسد بابل”، و”الثور المُجنّح”، و” خرائب بابل المُعلّقة”، وما تبقِى من آثار “حضاراتنا”، في”المتحفِ العراقيّ” المنهوب.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، وبيانات الانسداد، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله وعجزه عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجز عن مواجهة...
علي حسين

قناطر: شجاعةُ الحسين أم حكمةُ الحسن ؟

طالب عبد العزيز اختفى أنموذجُ الامام الحسن بن علي في السردية الاسلامية المعتدلة طويلاً، وقلّما أُسْتحضرَ أنموذجه المسالم؛ في الخطب الدينية، والمجالس الحسينية، بخاصة، ذات الطبيعة الثورية، ولم تدرس بنودُ الاتفاقية(صُلح الحسن) التي عقدها...
طالب عبد العزيز

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

أحمد حسن المدرسة الحكومية في أي مجتمع تعد أحد أعمدة تكوين المواطنة وإثبات وجود الدولة نفسها، وتتجاوز في أهميتها الجيش ، لأنها الحاضنة التي يتكون فيها الفرد خارج روابط الدم، ويتعلم الانتماء إلى جماعة...
أحمد حسن

فيلسوف يُشَخِّص مصدر الخلل

ابراهيم البليهي نبَّه الفيلسوف البريطاني الشهير إدموند بيرك إلى أنه من السهل ضياع الحقيقة وسيطرة الفكرة المغلوطة بعاملين: العامل الأول إثارة الخوف لجعل الكل يستجيبون للجهالة فرارًا مما جرى التخويف منه واندفاعا في اتجاه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram