TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: هلاوس دفعة لندن

العمود الثامن: هلاوس دفعة لندن

نشر في: 25 مارس, 2023: 09:11 م

 علي حسين

لا تتوقع عزيزي القارئ من العنوان أعلاه شيئاً يخصّ ما يجري في البرلمان من الألاعيب، لأن السادة النوّاب يفضلون حديث السمر في كافتريا البرلمان على مناقشة قوانين تهم المواطن "المغلوب على أمره".

 

العنوان هو فقط محاكاة لعنوان مسلسل كويتي يعرض على الشاشات الخليجية بعنوان "دفعة لندن" للكاتبة الكويتية هبه المشاري التي تعتقد أن شعوب الأرض جميعاً فاسدة وتمتهن السرقة والتزوير وتجارة الجنس، المشاري التي سبق لها أن أساءت لملايين المصريات في مسلسلها "من شارع الهرم"، ولم تكتف بذلك بل فرغت غضبها على السوريات، وجدت ان العراقيات لم ياخذن نصيبهن ، وكان لابد ان تظهر العراقية سارفة وذليلة . لست في وارد وضع قائمة للدور البارز الذي لعبته السيدة العراقية في المجتمع البريطاني ، ولا تذكير الكاتبة باسماء نازك الملائكة ، ونزيهة الدليمي وزها حديد ، ربما فاتها ان تقرأ التاريخ جيدا .

يحاول صنّاع مسلسل "دفعة لندن" للأسف إعادة تشغيل ماكينات ضخّ الكراهية ضد كل ما هو عراقي. ومن عجبٍ أن "دفعة لندن" يتزامن مع حالة الانفتاح بين العراق وجيرانه، وليس بعيد ما جرى في خليجي 25 وكيف أن البصرة أذهلت جماهير الخليج العربي بكرمها وطيبتها، وقدمت لهم الإنسان العراقي بنسخته الحقيقية الشديدة التميز.

لعل المثير للدهشة في حال بلاد الرافدين هو إصرار بعض الكويتيين على اجترار الماضي وتقليب دفاتر تثير الأسى والشجن للشعبين.. طبعاً لا أحد منا يمكنه أن يصادر حق الكويتيين، ومعهم العراقيين، في أن يستذكروا ماجرى من مظالم، وأن يأخذوا العبَر منها في بناء نظام لا يسمح فيه لفرد، مهما علت منزلته، بأن يتحكم بمصير الناس. لكن ليس من حق أحد أن يحوّل هذا الاستذكار إلى شتيمة لكل العراقيين، فمثل هذه الأفعال لن تعيد حقاً، ولن ترجع الروح من جديد إلى جسد العلاقة بين الأشقاء.

يدرك صنّاع مسلسل "دفعة لندن" جيداً، أن العراقيين ذاقوا الظلم مضاعفاً حين حاول الجميع تحميلهم وزر حروب صدام ، وذاقوا مرارة الصمت العربي حين نكّل صدام بالجميع من شيوعيين إلى قوميين إلى إسلاميين ، وحين رُمي نصف مليون عراقي على الحدود الإيرانية لم يبادر المفكرون والمثقفون العرب باستنكار هذه الجريمة.

مسلسل "دفعة لندن" وقبله برامج وكتابات وتصريحات متشنجة، أجدها اليوم تثير الخوف في النفوس، الخوف من أن يتحول هذا التاريخ المشترك بين الأشقاء إلى لعبة بيد أشخاص لم يبلغوا سن الرشد بعد.

ونعود إلى المسلسل الذي لا ينتهي قانون الانتخابات حيث خرج علينا النائب محمد الصيهود ليعلن بكل ثقة ان الشعب العراقي مع تغيير القانون ،هذه هلوسه اخرى بعيدة عن صناع المسلسل .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، وبيانات الانسداد، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله وعجزه عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجز عن مواجهة...
علي حسين

قناطر: شجاعةُ الحسين أم حكمةُ الحسن ؟

طالب عبد العزيز اختفى أنموذجُ الامام الحسن بن علي في السردية الاسلامية المعتدلة طويلاً، وقلّما أُسْتحضرَ أنموذجه المسالم؛ في الخطب الدينية، والمجالس الحسينية، بخاصة، ذات الطبيعة الثورية، ولم تدرس بنودُ الاتفاقية(صُلح الحسن) التي عقدها...
طالب عبد العزيز

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

أحمد حسن المدرسة الحكومية في أي مجتمع تعد أحد أعمدة تكوين المواطنة وإثبات وجود الدولة نفسها، وتتجاوز في أهميتها الجيش ، لأنها الحاضنة التي يتكون فيها الفرد خارج روابط الدم، ويتعلم الانتماء إلى جماعة...
أحمد حسن

فيلسوف يُشَخِّص مصدر الخلل

ابراهيم البليهي نبَّه الفيلسوف البريطاني الشهير إدموند بيرك إلى أنه من السهل ضياع الحقيقة وسيطرة الفكرة المغلوطة بعاملين: العامل الأول إثارة الخوف لجعل الكل يستجيبون للجهالة فرارًا مما جرى التخويف منه واندفاعا في اتجاه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram