TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > الحكومة وحلول المرحلة الصعبة

الحكومة وحلول المرحلة الصعبة

نشر في: 13 مايو, 2023: 11:34 م

محمد حسن الساعدي

واجهت حكومة السوداني الكثير من العقبات وكان أهمها عبور حالة الصراع التي تولدت في داخل القوى السياسية من جهة، وحالة اللامقبولية التي أظهرتها بعض القوى السياسية أمام تشكيل الحكومة، ورفضه المشاركة فيها،ما سبب حالة عدم توازن بين القوى السياسية برمتها،ولكن وعلى الرغم من هذا الصراع إلا أن السوداني كان جادا في حل المشاكل وإنهاء حالة الاتكالية والرتابة في تسيير أمور الدولة العراقية.

السوداني بدأ خطواته نحو الفساد بصورة واقعية بعيدا عن الإيهام والشعارات التي تركت مال العراق عبثاً بيد الفاسدين والسراق، فالمبالغ التي هربت تقدر بأكثر من ٣٠٠ مليار دولار بين تهريب وشراء عقارات واسهم لشركات في داخل العراق وخارجه، بل تعدته إلى سرقة المال العام في وضح النهار وبأساليب شيطانية وتحت غطاء القانون.

السوداني بدا حرباً شاملة على كل أنواع الفساد، وحيّد الأحزاب عن أي تدخل بالشأن الاقتصادي او الأمني،إلى جانب انه استطاع أن يستقل بقراراته المركزية بعيدا عن أي تأثير حزبي من هنا أو هناك معتمدا على وجوده في كافة مفاصل الحكومة،فهو اعتلى أول منصب عندما كان قائمقام واخذ يتسلم المناصب العليا حتى وصل إلى رئاسة الوزراء.

أهم ما يمكن أن يكون حلاً سريعاً لمشكلات العراق هو الملف الاقتصادي، حيث أن المؤشرات تشير وبصورة واضحة إلى أن الأمور كانت متجهة في عام 2020 إلى الانهيار، وكان النظام السياسي والقوى السياسية تعيش خطر حقيقي بفعل هذه الأزمة، وكانت هذه القوى تبحث عن حلول سريعة، ولكن بعد تلاشي خطر الانهيار وارتفاع أسعار النفط أعادت النخبة تبني السياسات المتبعة منذ2003، وتخلت عن كل الأفكار التي تتعلق بتغيير النهج الاقتصادي.

أن الفرص التي أتاحها التدفق النقدي لرؤوس الأموال من الخارج، وتطور سوق الأوراق المالية لم تكن كافية في إصلاح الهيكل الإداري للمال في العراق،بل كان ينبغي العمل على تنوع أبواب الاقتصاد من خلال تنوع الإيرادات وعدم الاعتماد على النفط، بل ينبغي الإسراع في إيجاد أبواب جديدة لرفد الاقتصاد العراقي بإيرادات جديدة من خلال أبواب استثمار في مجالات متعددة أهمها السياحة والتي تعتبر نبض العراق، ومن أهم العناصر الأساسية في إثراء ميزانية الدولة بمليارات الدولارات سنوياً.

الآن وبعد مرور أكثر من ستة أشهر على تشكيل حكومة السيد السوداني ينبغي الوقوف على أهم المعرقلات في إصلاح النظام الاقتصادي، وأهمها ينبغي أن يكون الإصلاح متسقاً تماماً مع الإصلاح السياسي وبشكل لا ينفصل عنه،إذ لايمكن أصلاح ملف بمعزل عن الآخر،كما من المهم جداً إيجاد الثقة الضرورية بين الجمهور وبين هذه الطبقة السياسية وبما يعزز قوتها في إجراء الإصلاحات الضرورية على الهيكل الأساسي للدولة.

لاينبغي الاعتماد كلياً على الارتفاع الطارئ لأسعار النفط العالمية، بل ينبغي الإسراع بوضع إستراتيجية اقتصادية تعتمد على أإيجاد خزين هائل من المال والذهب في البنك المركزي العراقي، لذلك ربما ستعود نفش المشاكل السابقة التي برزت في 2020 إذا ما أداركنا الموقف وعالجت الحكومة الملف الاقتصادي بالتوازي مع الملف السياسي،لذلك فأن الاقتصاد العراقي الحالي غير مستدام،لان الحكومة وفي المستقبل القريب ستكافح من أجل توفير رواتب الموظفين والمتقاعدين، ناهيك عن الحفاظ على المحافظة على المستوى الاجتماعي والاقتصادي للفرد العراقي وعلى نطاق كافٍ لمنع أي اضطراب اجتماعي محتمل وإعادة شحن للشارع العراقي مستقبلاً.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

 علي حسين اعترف بأنني كنت مترداً بتقديم الكاتب والروائي زهير الجزائري في الندوة التي خصصها له معرض العراق الدولي للكتاب ، وجدت صعوبة في تقديم كاتب تشعبت اهتماماته وهمومه ، تَّنقل من الصحافة...
علي حسين

قناديل: في انتظار كلمة أو إثنتيّن.. لا أكثر

 لطفية الدليمي ليلة الجمعة وليلة السبت على الأحد من الأسبوع الماضي عانيتُ واحدة من أسوأ ليالي حياتي. عانيت من سعالٍ جافٍ يأبى ان يتوقف لاصابتي بفايروس متحور . كنتُ مكتئبة وأشعرُ أنّ روحي...
لطفية الدليمي

قناطر: بعين العقل لا بأصبع الزناد

طالب عبد العزيز منذ عقدين ونصف والعراق لا يمتلك مقومات الدولة بمعناها الحقيقي، هو رموز دينية؛ بعضها مسلح، وتشكيلات حزبية بلا ايدولوجيات، ومقاولات سياسية، وحُزم قبلية، وجماعات عسكرية تنتصر للظالم، وشركات استحواذ تتسلط ......
طالب عبد العزيز

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

سعد سلوم في المقال السابق، رسمت صورة «مثلث المشرق» مسلطا الضوء على هشاشة الدولة السورية وضرورة إدارة التنوع، ويبدو أن ملف الأقليات في سوريا يظل الأكثر حساسية وتعقيدا. فبينما يمثل لبنان نموذجا مؤسسيا للطائفية...
سعد سلّوم
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram