هل سيجبر القادة الأوروبيون إيمانويل ماكرون على التخلي عن السلطة؟

آراء وأفكار 2023/11/07 10:01:27 م

هل سيجبر القادة الأوروبيون إيمانويل ماكرون على التخلي عن السلطة؟

آلان ماتيو *

ترجمة :عدوية الهلالي

تواجه فرنسا عجزا متزايدا وإنفاقا عاما متسارعا. وفي مواجهة هذا الوضع، يبدو من الضروري تخفيض عدد موظفي الخدمة المدنية. ولكن هل يملك إيمانويل ماكرون الشجاعة الكافية لاتخاذ مثل هذا الإجراء الذي لا يحظى بشعبية؟

في كتابه "زمن القتال"، يقدم نيكولا ساركوزي وصفاً مثيراً للاهتمام لاجتماع مجموعة العشرين في مدينة كان يومي الثالث والرابع من تشرين الثاني 2011.وحول إعلان رئيس الوزراء اليوناني جورج باباندريو عن إجراء استفتاء على الإجراءات التقشفية التي اعتمدها المجلس الأوروبي، كتب:"لقد تسبب الدين اليوناني الهائل في زعزعة استقلال هذه الأمة."

وأجبرت أنجيلا ميركل ونيكولا ساركوزي جورج باباندريو على التراجع عن الاستفتاء المعلن. (وعندما عاد إلى بلاده لم يبق أكثر من يومين).

اما عن إيطاليا فقد قال :"كان علينا الآن أن نستدعي سيلفيو برلسكوني، أنا وأنجيلا ميركل، لإجباره على اتخاذ تدابير جديدة تتعلق بالميزانية.كنا نشهد، بالفزع، بداية نهاية مسيرة سياسية عظيمة ،ولم يحدث سوى القليل فهو يعلم أنه قبل نهاية الشهر، سيتم التخلي عنه أيضًا وإجباره على التخلي عن مسؤولياته".

وفي عام 2026، من المتوقع أن يصل العجز العام الفرنسي إلى 3.2% من الناتج المحلي الإجمالي. وستكون فقط ثلاث دول أخرى في منطقة اليورو أعلى من 3٪ وهي إستونيا وبلغاريا وسلوفاكيا.

ووفقاً للمجلس الأعلى للإنفاق العام، فقد تبين أن مخاطر الإنفاق الفرنسي "أعلى من المتوقع، وخاصة بسبب تكاليف أجهزة الطاقة والإنفاق على الصحة"، في حين تبالغ توقعات النمو المرتفعة في تقدير توقعات الإيرادات.فهل تقبل الدول الأوروبية الأخرى العجز العام الفرنسي، الذي ارتفع من 76 مليار يورو في عام 2016 إلى 172 مليار يورو في عام 2023، وزيادة مستمرة متوقعة في عدد موظفي الخدمة المدنية والانفاق العام لعام 2024؟ وكل الأعذارلزيادة الانفاق واهية ومنها ـ المناخ، والحرب في أوكرانيا، والألعاب الأوليمبية، والاستثمارات في المستقبل ـ ولهذا ستقترض الدولة 285 مليار يورو في عام 2024.

لقد صرح برونو لو مير أمام الجمعية الوطنية:"لا نريد خفض الإنفاق العام أو تخفيف الديون من خلال التقشف".وبالنسبة لنيكولا ساركوزي، فإن استجابة الدول الأخرى ستعتمد على تطور عدد موظفي الخدمة المدنية، لأن أجورهم هي "البند الأول في ميزانية الدولة وعدم تخفيض عدد موظفي الخدمة المدنية يعني عدم الرغبة في خفض الانفاق وبالتالي العجز".

ويوجد في فرنسا رسميًا 5.6 مليون موظف حكومي، يضاف إليهم 1.4 مليون شبه موظف حكومي (موظفون غير مدنيين يتقاضون رواتبهم من الأموال العامة) مثل: موظفو الضمان الاجتماعي، والجامعات، والمركز الوطني للأبحاث، والعمال، والمتاحف، والمدارس الخاصة، والقطاع العام. الجمعيات الممولة، الخ. اما الألمان فلديهم 4.5 مليون موظف حكومي. وبالنسبة لنفس عدد السكان (67 مليونًا مقارنة بـ 83)، فإن فرنسا لديها بالتالي 3.4 مليون موظف أكثر من ألمانيا. والسبب الرئيسي لهذا الاختلاف هو ساعات العمل، وهي أطول في ألمانيا: 40 ساعة أسبوعيًا بدلاً من 35 ساعة، والإجازات الأقصر، والتقاعد عند 67 عامًا، وانخفاض معدل التغيب عن العمل، وما إلى ذلك.

وفي أيار عام 2010، جمد الإيطاليون تعيينهم لموظفي الخدمة المدنية، كما فعل الإنجليز والكنديون وغيرهم من قبلهم. ولديهم الآن 3.8 مليون موظف حكومي أقل من فرنسا. ولن يقبل الألمان والإيطاليون العدد الهائل من موظفي الخدمة المدنية الفرنسيين إلى أجل غير مسمى.ووفقاً للمعهد الوطني للإحصاء والدراسات الاقتصادية، تستخدم فرنسا 450 ألف موظف حكومي كل عام من خلال تجديد العقود منتهية الصلاحية، واستبدال المتقاعدين، والاستقالات، والمرضى، وما إلى ذلك. وسيكون من الضروري تجميد التوظيف. وكحد أدنى، يجب أن تتم جميع عمليات التوظيف بموافقة وزيرالخدمة المدنية ويجب زيادة ساعات عمل موظفي الخدمة المدنية.

فهل يكون إيمانويل ماكرون أكثر وعياً بالوضع المالي لبلاده من جورج باباندريو وسيلفيو برلسكوني؟ وهل سيتمكن من مقاومة المعارضة، وخاصة من قِبَل النقابات، والناجمة عن التدابير التي لا تحظى بشعبية؟ذلك إن مقاومته للمعارضة بشأن إصلاح نظام التقاعد قد تمنحه الأمل.بينما يمكن ان تثير إعلاناته عن إنفاق إضافي وتصريحات وزير ماليته المزيد من الشكوك.

خبير اقتصادي

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top