خاص/ المدى
أعلنت حكومة إقليم كردستان، اليوم الأحد، عن تعرض مقر لقوات البيشمركة في صلاح الدين - أربيل إلى هجوم بطائرتين مسيّرتين مفخختين نفذته قوة "خارجة عن القانون"، فيما أكد جهاز مكافحة الإرهاب في كردستان، في حدود الساعة 4:45 من اليوم الاحد، إسقاط دفاعات قاعدة التحالف الدولي قرب مطار أربيل لطائرة مسيّرة، فيما أكد أن مصدرها "ميليشيا" خارجة عن القانون.
وفي وقت لاحق؛ أعلنت فصائل مسلحة استهداف "قاعدة الاحتلال قرب مطار اربيل بالطيران المسيّر"، مؤكدة "استمرارها في دك معاقل العدو" بحسب بيان تلقته (المدى).
اتهامات
حكومة إقليم كردستان حملت الحكومة الاتحادية مسؤولية الهجوم على مقر لقوات البيشمركة في صلاح الدين واصفة إياه بـ "الإرهابي".
وقال المتحدث باسم الحكومة بيشوا هورماني في بيان اليوم الاحد: "في الليلة الماضية، وفي الساعة 11:45 (بالتوقيت المحلي) تعرض مقر لقوات بيشمركة كردستان في حدود بيرمام - أربيل إلى هجوم بطائرتين مسيّرتين مفخختين، ولحسن الحظ لم يسفر هذا الهجوم عن وقوع خسائر بالأرواح واقتصرت الأضرار على الماديات فقط".
وأضاف أن "هذا الهجوم الإرهابي الذي نفذته قوة خارجة عن القانون بمساعدة (الجحوش) والمتعاونين معهم على مقر للبيشمركة يُعد أمراً خطيراً واستفزازاً".
وتابع البيان: "نحمل هذه الأطراف والحكومة الاتحادية مسؤولية هذه الهجمات، لأن هذه الجماعات الخارجة عن القانون يتم تمويلها من قبل الحكومة الاتحادية وتتحرك بعلم الحكومة العراقية وتنقل الأسلحة والصواريخ والطائرات المسيرة وتنفذ هجمات إرهابية على مؤسسات رسمية وعسكرية، في حين أن الحكومة العراقية صامتة ولا تتحرك لاتخاذ الإجراءات ضدهم، لكنها لا تتوانى عن قطع مستحقات شعب كردستان وتمويل هذه الجماعات بهذه الأموال".
وختم بيشوا هوراماني بالقول: "ننتظر رداً وإجراءات فعلية من رئيس الوزراء العراقي في معاقبة هذه الجماعات، ونحتفظ بحقنا في الرد في الوقت المناسب. وإننا ندعو جميع الأصدقاء والأطراف إلى عدم الصمت إزاء هذا العمل الإرهابي ودعمنا في أي رد نراه مناسباً. والله هو المعين".
استغراب ورفض
بينما ردت الحكومة المركزية عبر المتحدث باسم الحكومة باسم العوادي في بيان تلقته (المدى) باستغراب قائلة: "تعبر الحكومة الاتحادية عن استغرابها من تصريح المتحدث باسم حكومة إقليم كردستان العراق، الذي تضمن شتى الاتهامات غير الواقعية وغير المسؤولة، لما ورد فيه من خلط لمعلومات مضللة وأكاذيب باطلة، خصوصاً الادعاء بتجويع المواطنين في الإقليم! متناسياً الأرقام الرسمية للتمويلات المالية وباعتراف موظفي الإقليم".
وأضاف البيان، إن "ما صدر يمثل تحاملاً غير مبرر على السلطات الدستورية، ومسؤوليتها الحصرية في حماية سيادة البلد". ونؤكد أنّ "التسرع في إطلاق الأحكام والإدلاء بتصريحات تفتقر للدقة، يسهم في تعقيد المشهد السياسي والحكومي؛ كونها تصريحات غير بناءة تضر بحالة الاستقرار السياسي والاجتماعي، ولا تتوافق مع سياسة الحكومة ومنهجها وبرنامجها الوطني، الذي التزمت فيه بالدفاع عن مصالح العراقيين في جميع أنحاء العراق وبلا تفرقة".
وتابع، إن "الحكومة الاتحادية من واجباتها حفظ الأمن والاستقرار في عموم العراق ولا تفرق بين مواطنيها، وقد اتخذت بالفعل جملة من الإجراءات، وفتحت تحقيقاً بالاعتداء الأخير لكشف ملابساته، وإن مثل هكذا تصريحات تعقّد مسار التحقيق الذي أنيط بالجهات الأمنية الاتحادية، بالتنسيق مع الجهات المختصة في حكومة إقليم كردستان العراق".
واختتم "وانطلاقاً من واجباتها وصلاحياتها الدستورية، فإن الحكومة العراقية تجدّد موقفها الرافض للاعتداءات التي تستهدف أي أرض عراقية، سواء في الإقليم أو باقي المحافظات، وتؤكد مضيها بملاحقة المتورطين؛ من أجل تسليمهم إلى القضاء لينالوا جزاءهم العادل".
أزمات ومسببات
مراقبون اكدوا ان عدم التنسيق الأمني بين القوات الاتحادية والبيشمركة أدى إلى زيادة تلك الهجمات في تلك المناطق"، فيما بينوا ان الازمات بين الحكومة والاقليم أعطت المسببات لتكرار هذه الهجمات، حيث تعد أزمة رواتب موظفي إقليم كردستان، معضلة حقيقية في ظل تبادل الاتهامات بين بغداد وأربيل بشأن الجهة المعرقلة لتلقي مئات آلاف العاملين في القطاع الحكومي في الإقليم لمستحقاتهم المالية الشهرية، فرغم محاولات حكومة الإقليم الدفع بالمفاوضات إلى الأمام إلا أنها لا تفوت فرصة للتلميح بمسؤولية حكومة بغداد عن الأزمة.
ويعلق الخبير بالشأن السياسي علي البيدر، بأن "جزء من الأطراف السياسية والجماعات المسلحة تريد ان تغير قاعدة الاشتباك في العراق وتحدث مساحة واسعة وعميقة من الفوضى وتشرك اكثر من طرف فيها من اجل التغطية على مشاريعها المسلحة او على نشاطها ضمن اجندة إقليمية تذهب الى ان تكون هناك مساحة أوسع من الصراع". مشيرا الى ان "هناك اكثر من طرف مشترك في هذه الهجمات، وقد تكون هناك أسباب سياسية تستغل تلك الأطراف مما تؤدي الى احداث فوضى في المنطقة".
يضيف البيدر في حديثه لـ(المدى): "تسعى هذه الجماعات الى اضعاف الطرف الأقوى في البلاد، لذلك تصوب صواريخها وطائرتها المسيرة والمفخخة".
ويتابع البيدر "ان تحميل حكومة إقليم كردستان الحكومة المحلية مسؤولية هذه الهجمات هو امر وارد مع رفض الأخيرة لهذه الهجمات". معللا ذلك، الى ان "ان الحكومة المحلية هي مسؤولة عن فرض الامن والنظام في عموم البلاد بعيدا عن في حال حصلت حالة من الاستهداف او لم تحصل في أي منطقة من البلاد". مضيفا، ان "من البديهي تحميل الحكومة المركزية مسؤولية الهجمات فالحكومة مسؤولة عن فرض السيادة والامن والاستقرار في عموم البلاد وجزء من فرض السيادة هو منع استخدام أراضي البلاد كمنطلق لتنفيذ هجمات او أي خرق يحصل في العراق".
اجنحة إدارة الدولة
تقرير امريكي سابق ذكر، أن الكونغرس الأمريكي قرر بتجهيز قوات البيشمركة الكردية، بأنظمة دفاع جوي يلقى ترحيبا خصوصاً في ظل تعرض مطار أربيل الدولي إلى اعتداءات متكررة.
وأوضح التقرير الأمريكي أن "قانون تفويض الدفاع الوطني لعام 2024" الذي أقره الكونغرس مؤخراً، يتضمن بنداً يتعلق بتجهيز قوات البيشمركة في إقليم كردستان بدفاعات جوية، مضيفاً أن مثل هذه الخطوة تثير الترحيب في الإقليم لأنه تعرض لهجمات متكررة بالصواريخ والطائرات المسيرة من إيران والميليشيات المدعومة منها خلال السنوات الماضية، وهي هجمات لم يكن لديها دفاع مضاد لها.
الخبير الامني احمد الشريفي يوضح، ان "قضية الحد من الهجمات المتكررة على مناطق الإقليم وقواعد التحالف الدولي تتعلق بقوة وإرادة صانع القرار السياسي لأننا لا نستطيع وصفها بأنها "عمليات إرهابية"، وبذلك تعوض القضية ونحتاج الى انتشار امني". مؤكدا، ان "الهجمات تحدث لدوافع سياسية، والجهات المنفذة معلومة ومعروفة من قبل الحكومة".
متسائلا عبر حديثه لـ(المدى): "ما هو مبرر الحكومة للصمت على هذه التجاوزات، اذ ان هذه المعادلة التي يجب ان يحسب لها، اذ ان هذا الملف يصنف كملف سياسي وليس ملفا امنيا، وبالتالي نحتاج الى المواجهة بقرار سياسي للحد من هذه الاعتداءات".
يضيف الشريفي، انه "بإمكاننا ان نواجه هذه الهجمات عسكريا فقط اذا كانت الإرادة حرة، ليذهب باتجاه الحوار مع هذه الجماعات، وان ما تقومون به هو مساس بالدولة العراقية وعليكم بالتوقف، وان لم يطيعوا بإمكان الحكومة ان تقوم باجراءات الردع الوطنية مثل وزارة الداخلية والدفاع وتتخذ الإجراءات ضد مثل هذا التهديد، لكن للأسف الحكومة ضعيفة لكونها تشكلت بإدارة الدولة، وهؤلاء الجماعات هم جناح من اجنحة إدارة الدولة، وبدورها لا تستطيع الحكومة فعل أي شيء لهذه الجماعات".
يشار الى ان الخلافات تستمر بين الحكومة المركزية وحكومة إقليم كردستان منذ قرابة عشرين عاما، لكنها تتراجع أحيانا، وخاصة خلال مفاوضات تشكيل أي حكومة جديدة، ومن ثم تبدأ بالتصاعد شيئا فشيئا بمجرد مرور بضعة أشهر من تشكيل الحكومات المتعاقبة في البلاد.










