TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > كلاكيت: الرحيل من بغداد

كلاكيت: الرحيل من بغداد

نشر في: 21 سبتمبر, 2011: 07:26 م

 علاء المفرجيأصاب قتيبة الجنابي مرتين في فيلمه(الرحيل من بغداد)، الذي  أتيحت لي فرصة مشاهدة عرضه الأول في مهرجان دبي العام الماضي، وعرض في ما بعد بمهرجانات سينمائية أخرى، ومنها مهرجان الخليج السينمائي الذي نال فيه جائزة الفيلم الروائي الطويل.
المرة الأولى عندما نأى بموضوع فيلمه، عن نمط الموضوعات التي درج عليها زملاؤه السينمائيون العراقيون بعد 2003، والتي لم تتعد إطار توثيق واقعة الكارثة العراقية بأبعادها المختلفة بتقريرية  ومباشرة، قبل وبعد سقوط النظام.. وهو توثيق استهلكته محطات التلفزة حد الإسراف..وأصاب ثانية، عندما اختار أن يعالج موضوعته هذه المرة في فيلم روائي طويل، بعد تجارب ناجحة في الوثائقيات والأفلام القصيرة..اختار الجنابي في فيلمه هذا موضوعاً حرص أن يكون مسحاً لحقبة من التسلط والقمع امتدت لأكثر من خمسة وثلاثين عاماً، ضمنها سيناريو متقن ومحبوك مزج أحداثاً واقعية، بما هو روائي متخيل، وكان أحد أهم عناصر نجاح الفيلم، سيناريو لم يعتمد سرداً متصاعداً للحدث من شأنه أن يقصي عامل الصدمة والتشويق لدى المتلقي، وهو ما يحسب للجنابي خاصة مع استخدام الوثيقة التي أخذت مساحة كبيرة من زمن الفيلم، وقد حاول على قدر ما يستطيع  ألا تكون مقحمة .وموضوعة الفيلم تتلخص بحكاية مصور الدكتاتور الخاص،الذي يعتمده في تصوير مهرجانات التعذيب والقتل السادي التي يمارسها.. ويبدأ الفيلم من قرار المصور الهروب تحت وطأة الخوف من الانتقام، خاصة بعد اكتشاف (تورط) ابنه في نشاط المعارضة اليسارية..وقد عمد المخرج وبذكاء في أن يمدنا بحقيقة الأحداث بـ (جرعات) تسهم في تطور الحدث واكتمال وضوح دوافع الشخصية الرئيسية في الفيلم  . فمن خلال الرسائل التي يكتبها المصور لابنه المغيّب والتي تمجد مسيرته -أي المصور- في العمل مع النظام وإخلاصه في واجبه.. إننا أمام حقيقة رجل يعتاش على الذكريات وهو مسكون بهاجس الخوف والملاحقة التي تبدأ من بغداد ولا تنتهي في أقصى حدود هنغاريا،وهي إحدى محطات هروبه، لنراه أخيرا يتهاوى برصاص ملاحقيه..لنتساءل هنا هل هي الحقيقة، أم أنها  هذيانات رجل أجهز عليه القلق والخوف من المجهول؟!ولعل قتيبة الجنابي تعمّد أن يثير أسئلة  من هذا النوع في فيلمه.. أسئلة هي بالضبط رسم متقن لحالة أعمّ.فالمخرج في فيلمه الذي لانخطئ بتصنيفه ضمن أفلام الطريق.. يحاول أن يقدم لوحة تسهم تكويناتها في إبراز حقيقة ما حدث، من دون أن يتورط بالمباشرة أو في الموقف المسبق، ولعل  استثماره الحاذق للوثيقة ما يؤكد ذلك.الجنابي في هذا الفيلم مخرجا ومصورا وسيناريست، وبإمكانات ذاتية إلا من دعم  مؤسسة المدى ومؤسسة الذاكرة العراقية، وبممثلين غير محترفين.. يقدم درساً في أن عشق السينما من شأنه أن يذلل الكثير من المصاعب في تقديم منجز يحسب لمسيرته الفنية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram