لقد شكلت التجارب التشكيلية لجيل الرواد وما بعدهم انعطافاً كبيراً في المسيرة الفنية التي ظلت أسيرة اتجاهات متعددة لايمكن تجاوز بعضها او الانفلات من سطوة الأطر والمحددات الخاضعة لأسس ومفاهيم هذا الفن الحضاري النبيل . الاتجاه الأول يتمثل بالارتكاز على ا
لقد شكلت التجارب التشكيلية لجيل الرواد وما بعدهم انعطافاً كبيراً في المسيرة الفنية التي ظلت أسيرة اتجاهات متعددة لايمكن تجاوز بعضها او الانفلات من سطوة الأطر والمحددات الخاضعة لأسس ومفاهيم هذا الفن الحضاري النبيل . الاتجاه الأول يتمثل بالارتكاز على التراث والاستناد الى المرجعيات التاريخية والطقوس الشعبية التي تمثل الارتكان الى الأصالة والالتصاق بجذور التجارب الأولى التي حددتها المسارات التاريخية السابقة . اما الاتجاه الثاني فهو يمثل الانعكاس الواعي والموضوعي لطبيعة المتغيرات الراهنة وحركة العصر وديناميكية التجدد وتيارات الحداثة وما بعدها والاتساق مع مجمل التوجه والنشاط الإنساني وعلى الصعد كافة . فيما يرتهن الاتجاه الثالث بالمحاولة للتوافق وإيجاد عناصر ولغة مشتركة بين الاتجاهين السابقين في محاولة لخلق جهاز مفاهيمي يحاول ايجاد عناصر ومحاور متوائمة في لغة الإبداع وتكوين نسق يمكن على ضوئه قراءة التجربة قراءة مدركة وواعية ترتكز في جانب من جوانبها الى المرجعيات كافة مع الأخذ بنظر الاعتبار إسقاطات الواقع بتراكماته المعرفية والجمالية المتعارف عليها ، اما بقية الاتجاهات فهي اما طارئة او مرهونة بظروف نشأتها وغيابها والعوامل المحصورة بينهما . وفق ذلك فقد ظهرت لنا تجارب فنية لعدد من محترفي الفن التشكيلي ومبدعيه يمكن عدها تأسيسات أصيلة نستطيع على ضوئها إن نحدد كثيراً من مسارات الحركة التشكيلية في العراق ومن تلك التجارب تجربة الفنان التشكيلي ( غسان غائب) فقراءة دقيقة ومنصفة لأعمال هذا الفنان تضعنا أمام أسئلة متشعبة وملحة عن جدوى هذا الفن وقدرته على اختزال هموم الانسان المعاصر وانكساراته وكيف يمكن توظيفه في تشذيب الكثير من الرموز والإشارات دون التفريط بخلاصة التجربة او ثلم المقاييس ، فنان يقودنا الى الحافات بعيداً عن التوظيف القسري للأشكال حيث انه يؤسس للغياب وفق استحضار لغة متخفية فيما وراء النص أي الشكل الذي يجسده عبر تراكمات لونية اقرب ما تكون الى استدراج المضمر وجره الى متن اللوحة بصورة يتحول فيها الهامش والمخفي الى علامة اخرى تبث أفكارها وقيمها بتأن وحذر شديدين.