لم يعد لشارع الدواسة في الموصل بريقه القديم، إذ كان وعلى مدى سبعة عقود كاملة، واحداً من أهم شوارعها لما يضمه من سوق، ومؤسسات حكومية، وملتقيات ثقافية، تحول خلال السنوات الأخيرة بعد غلقه أمام حركة المرور المدنية، الى شارع أمني بامتياز، تمر به عجلات الش
لم يعد لشارع الدواسة في الموصل بريقه القديم، إذ كان وعلى مدى سبعة عقود كاملة، واحداً من أهم شوارعها لما يضمه من سوق، ومؤسسات حكومية، وملتقيات ثقافية، تحول خلال السنوات الأخيرة بعد غلقه أمام حركة المرور المدنية، الى شارع أمني بامتياز، تمر به عجلات الشرطة والمسؤولين فقط.
العشرات من المحال التجارية تتراصف متقابلة في سوق الدواسة، فضلاً عن مقاه، ومكتبات، ومطاعم، ومصارف، ومباني سينما، وينتهي بمبنيي مجلس محافظة نينوى والمحافظة، مع مبنى عمارة التأمين حيث مديرية التقاعد، وعلى مقربة من هناك تقع دائرة الاحصاء، وأزقته من اليمين تنتهي بمجمع محاكم الموصل ومبنى مديرية شرطة نينوى.
طوق من المؤسسات الحكومية لف هذه السوق، فحجب عنها حركة المرور لدواع أمنية، ويسمح فقط للمشاة المدنيين بالدخول، فيتجشمون عناء السير مسافة طويلة، وهذا ما منع الكثيرين من الوصول الى هناك، إضافة الى تجنب الحوادث الأمنية المفاجئة، بسبب كثافة الوجود الأمني. أصحاب المحال التجارية هناك، ولاسيما المتخصصة منها بالألبسة، ناشدوا من خلال المدى، المسؤولين في الحكومة المحلية الجديدة، ان يعيدوا الحياة لهذا الشارع، وسوقه التي تعاني كساداً غير مسبوق، بسبب ارتفاع درجات الحرارة التي حدت كثيراً من الإقبال، نظراً لمشقة السير، للصائمين على وجه الخصوص.
أشرف عبد الله، يملك متجراً لبيع الألبسة الرجالية، شكا من قلة الإقبال مقارنة بنفس الفترة في سنوات سابقة، وقال بان المواطنين، الشباب منهم خصوصاً، كانوا يرتادون السوق لاقتناء ملابس العيد منذ الأسبوع الأول من كل شهر رمضان، لكن في هذا العام، اختلف الأمر، بسبب منع حركة المرور المدنية في السوق، فصار من الصعب على المواطنين التجوال في ظل ارتفاع درجات الحرارة، والسوق لاتفتح أبوابها ليلاً.
ودعا عبد الله محافظة نينوى الى السماح للمواطنين بادخال سياراتهم الى السوق، حتى لو اقتصر الأمر على نصف الشارع، حيث لاوجود لأبنية حكومية حساسة، واستدرك : " نحن نعاني من صعوبة كبيرة حتى في ايصال البضائع الى محالنا، ونحتاج الى أذونات وموافقات".
أما دريد سالم، (يدير مطعما للوجبات السريعة)، فيرى بان عودة شارع الدواسة الى سابق عهده، يحتاج الى نقل المباني الحكومية الى مجمع الدوائر الذي يتم تشييده في الوقت الحالي في الجانب الأيسر من المدينة، ثم قال: "هم لايسمحون بحركة المرور هنا، ليس خوفاً علينا نحن المواطنين، بل خوفاً على أمنهم، ومن المريح أنهم ينشئون أبنية لأنفسهم، لأن هذا يعني أنهم سيتركون المكان وتعود الحركة الى الشارع مجدداً".
ويقول الكاتب والصحفي أحمد صباح محسن، أن شارع الدواسة ذكوري بامتياز، ومن النادر ان تجد امرأة تتجول فيه، بخلاف شارع السرجخانة الذي يبعد الى الغرب عنه بنحو كيلوتمرين، فهو نسوي.
ولكن لعدم وجود دوائر حكومية في الثاني، فإن حركة المرور فيه سالكة، ولكن هنا، وأشار الى الشارع حيث تقطعه سيارات الشرطة المسرعة، : " إنه شارع خلفي لمديرية الشرطة أو مجلس المحافظة، بأبواب نظام، والمواطنون ضيوف ثقال على التواجد الأمني، يحدث هذا منذ نحو خمسة اعوام".
ويشير أحمد صباح، الى ان إيجارات المحال في سوق الدواسة متدنية قياساً بباقي الأسواق، والكثير من أصحاب المحال انتقلوا الى أماكن أخرى، لأن الظروف المحيطة بالسوق، جعلته يتحول الى مكان مهجور قبل حلول المساء، بينما كان في السابق، مليئاً بالحيوية والنشاط حتى الى مابعد منتصف الليل.
ست دور للسينما كانت موجود على جانبي سوق الدواسة، وكانت تستقبل المئات يومياً، لم يبق منها سوى دار واحدة، يدق جرسها طوال ساعات النهار دون مجيب، مع العشرات من المقاهي التي يجتمع فيها الفنانون والادباء وحتى السياسيون، صار كل ذلك شيئاُ من الماضي، يريد المتواجدون فيه الآن، أن يعيدوا ولو جزءاً يسيراً منه، وهم يدركون تماماً أن رغبتهم هذه ستظل معلقة، مادامت حركة المرور فيه ممنوعة، والمدينة لم تقل بعد، وداعاً للسلاح .










