صاحب أول محل تسجيـلات في كردستان: الأغاني القديمة تشكل معظم مبيعاتي والشباب فـي مقدمـة الـزبـائـن

صاحب أول محل تسجيـلات في كردستان: الأغاني القديمة تشكل معظم مبيعاتي والشباب فـي مقدمـة الـزبـائـن

لا يمكنك ان تسأل احد سكان اربيل الأصليين عنه من دون ان يعرفها او يدلك عنها وتطور الحال ليشمل الكثير من السياح الذين لا يجدون مبتغاهم الا عندها فتسجيلات عبداللطيف هي اول وأقدم تسجيلات ليس في كردستان فحسب ، بل في كل المنطقة الشمالية من العراق أسسها صاحبها عبداللطيف توفيق سنة 1952 وورثها منه ابنه حكمت الذي واصل مشوار أباه في خدمة الكلمة واللحن والطرب الأصيل .

وواكب حكمت عبداللطيف تطور وصناعة الشريط الصوتي في جميع مراحله وعمل على مختلف اجهزة التسجيل التي استوردها والده من مناشىء اصلية وماركات عالمية واحتوى هذا المحل كل انواع وسائط التسجيل من الاسطوانة القديمة ومن بعدها البكرات ثم الكاترج ومروراً بالكاسيت وحتى انتهى الامر بالأقراص الليزرية المستخدمة حالياً بالاضافة الى الوسائط الالكترونية الحديثة (الفلاشات) ويحتوي محله على اكثر من 3000 بكرة وعدد مماثل من أشرطة الكاسيت تحتوي على مجموعة من أندر التسجيلات الصوتية للمطربين العراقيين والعرب وبعض الاجانب.
ولا يخطر على بال احد تلاوة قرآنية بصوت احد من القراء القدامى او منقبة نبوية او اناشيد دينية قديمة الا ويجدها في تسجيلات عبداللطيف وكذلك الحال بالنسبة للاغاني والجلسات الشعرية والحفلات الخاصة بمشاهير المطربين ويدلل وريث الزمن الجميل على كلامه بتشغيل بكرة خاصة بمطربين عراقيين من امثال فلفل كرجي وصالح الكويتي وأخوه داوود الكويتي مؤكداً ان عُمرَ ناظم الغزالي كان 7 سنوات حين تم تسجيل هذه المقامات والاغاني وينتقل بسرعة ليسمعك جلسة شعرية لمظفر النواب من ستينات وسبعينات القرن الماضي ويريك ايضاً ارشيفا شبه متكامل لخطب وكلمات زعماء عراقيين من الوزن الثقيل امثال الملك فيصل الثاني والزعيم عبد الكريم قاسم وينتهي منه ليضع بكرة اخرى تحتوي على ترتيل آيات قرآنية بصوت كوكب الشرق أم كلثوم.
ويشبِّه حكمت محله بالمتاهة او (البقجه) التي لا يمكنك معرفة محتوياتها الا بعد فتحها والبحث داخلها بتأن ٍوصبر لأنه احياناً يبحث عن اغنية او لحن معين ويصادف عثورة في البكرات القديمة على اغانٍ نادرة لم يسمعها من قبل لمطربين عرب واكراد وتركمان وإيرانيين وهنود وليست مسجلة عنده في دفاتر الأرشيف التي تتكون من اربعة سجلات حجم الواحد منها 500 ورقة مسجل فيها رقم البكرة او الشريط ومحتواها والتاريخ الذي سجل فيه المحتوى .ولا يحدد نوعا واحدا من الزبائن الذين يتوافدون عليه في المحل فهناك مختلف القوميات واللغات والجنسيات التي يوحدها ويقرب بينها اللحن الأصيل والكلمة الجميلة والفن الحقيقي ويستدل على هذا بأن الكثير من الاكراد لا يعرفون اللغة العربية ولكنهم يطلبون اغاني ام كلثوم وعبد الحليم وفريد الاطرش وسعدي الحلي وفؤاد سالم وكذلك الحال بالنسبة لزبائنه العرب الذين يشترون تسجيلات كردية وخصوصاً الدبكات ذات الإيقاع السريع .ومع ان محله يحتوي على الإصدارات الحديثة الا ان 90% من مبيعات تسجيلات عبد اللطيف هي من الاغاني القديمة ،مبيناً ان الظاهرة اللافتة هي توجه الشباب نحو الاغاني القديمة سواء كانوا عربا من امثال محمد القبانجي ويوسف عمر وسعدي البياتي صعوداً نحو حسين نعمة وفاضل عواد وحميد منصور ورياض احمد وسعدون جابر او مطربين كرد مثل حسن جزراوي وكاويس اغا وكولي خان ونسرين شيروان والتركمان مثل شوكت سعيد الملقب بــ(مشكو) ونوري عسافلي وغيرهما . وعن ذوقه الشخصي والمطربين الذين يستمع لهم فان حكمت عبد اللطيف على يقين بان صوت كوكب الشرق ام كلثوم لم ولن يتكرر وهو يحرص على سماعها يومياً طوال رحلته الممتدة لخمسين سنة مع اغاني الست التي يؤكد بأنه يكتشف ويلمس معنى او كلمة او احساس في كل اعادة لأغنية من أغانيها .
ولا يعتزم وريث أقدم محل تسجيلات ان يستمر في عمله فأحكام السن المتقدم وعدم وجود من يخلفه في العمل يجعله يخطط لبيعه محتوياته ويشترط لأي مشترٍ يتقدم ان يكون من اصحاب الخبرة والمعرفة في قيمة وأهمية المادة الموجودة لديه وان كان يتمنى ان تستلم وزارة الثقافة في الاقليم محل تسجيلاته لانها الجهة الأكثر استفادة من محتوياته ومن اجل المحافظة عليه من الضياع او التلف.
ومن تسجيلات عبد اللطيف تخرَّج عمال وافتتحوا محالا للتسجيلات الخاصة بهم ومنهم ابن أخته وصاحب تسجيلات (ناز) امجد اسعد الذي كان لابد من المرور به لاستكمال موضوع أقدم محال التسجيلات الصوتية في كردستان .
ويتكرر مشهد الاستقبال الحار وهذه المرة مع امجد اسعد الذي افتتح محله سنة 1986 حين كان شارع الاسكان يضم ما يقارب العشرة محال وابتدأ العمل بجهاز تسجيل واحد من نوع أكاي ومجموعة قليلة من الاشرطة في حين يمتلك اليوم خمسين جهاز تسجيل وما يقارب الألفي شريط من جميع انواع الاغاني والموسيقى .
وعن المراحل التي مرَّ بها عالم التسجيلات الصوتية ، يوضح بأنها كانت في البداية تعتمد على البكرة والكاترج ويمتلك منها ما يقارب الف بكرة مختلفة الأطوال وتضم روائع الغناء والموسيقى وهي ليست للبيع وانتهى العمل بهن نهائياً في نهاية الثمانينات في حين كان الكاسيت هو نجم المرحلة الثانية وسجل دخوله الاول الى اربيل سنة 1970 ويعد من اقوى الوسائط واكثرها عملياً في التسجيلات الصوتية وبقي يستخدم حتى يومنا برغم سيادة الاقراص الليزرية في الوقت الحاضر ولكن مازال لديّ زبائن كثيرون جداً يبحثون عن اشرطة الكاسيت.
وتحتوي تسجيلات ناز على اشرطة لما يقارب الالف مطرب ربعهم من المطربين الاكراد والبقية تتوزع على العرب والاتراك والاجانب ولدى امجد زبائن من مختلف انحاء العراق يقصدونه حين يزورون اربيل ويجدون لديه طلباتهم التي قد تكون قديمة او نادرة جداً حيث يعد مهنته حبا وولعا قبل ان تكون مصدرا للدخل المادي ويمكنك ان تشاهد بعض الصور التي تجمعه بمطربين من امثال سعدون جابر ورعد الناصري وغيرهما من المطربين الذين هم اصدقاء شخصيين له.

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top